شهدت فترة ما قبل إقرار جداول الموازنة المالية الاتحادية لعام 2024 وما بعدها أيضا انتقادات لاذعة للإجراء الحكومي بتحويل الشركات النفطية وغير النفطية الرابحة من نظام التمويل المالي الذاتي إلى المركزي، لما سيعكسه من تقييد للصلاحيات وحصرها في بغداد، مقارنة بالسنوات الماضية في تاريخ تلك الشركات، حيث كانت تتمتع بحريتها المالية وما يتعلق بالمشاريع وصرف الرواتب والمخصصات.
وعلى إثر ذلك القرار الذي تم تثبيته في الجداول، عبر آلاف الموظفين في الشركات النفطية بمختلف محافظات العراق وخاصة الجنوبية منها عن استيائهم الكبير إزاء هذا الإجراء، فيما طالبوا بضرورة التراجع عنه لما فيه من أضرار كبيرة على القطاع النفطي والصناعة النفطية في العراق بشكل عام.
ويقول الخبير النفطي، نبيل المرسومي، إن “نظام الشركات موجود في القطاع النفطي العراقي منذ منتصف ستينيات القرن الماضي والعراق كان ينتج النفط بفضل نظام التمويل الذاتي حتى أن النظام الدكتاتوري السابق قبل العام 2003 كان يطبق نظام الشركات العامة المستقلة ماليا وإداريا وهو عكس ما تريده الحكومات الحالية وما تم تطبيقه في موازنة 2024”.
ويضيف المرسومي، أن “كل دول منظمة أوبك غادرت منذ زمن بعيد نمط الإدارة المركزية لقطاع النفط وأصبحت الشركات النفطية الخاصة والعامة التي تتمتع باستقلال مالي وإداري هي المسؤولة بشكل مباشر عن كل التفاصيل الفنية والمالية والإدارية المتعلقة بالحلقات المتعددة للصناعة النفطية ابتداء من مرحلة الاستكشاف والحفر والاستخراج والنقل والتكرير والتسويق”.
ويوضح أن “دور الوزارة تنظيمي وتنسيقي بين الشركات النفطية وهذا الحال موجود في كل دول أوبك ومنها العراق، لذلك القرار الجديد بالعودة إلى النمط المركزي في إدارة صناعة النفط العراقية قد يشكل انتكاسة كبيرة لهذه الصناعة”.
ويلفت الخبير النفطي، إلى أن “هكذا قرار ممكن أن يؤدي أيضا إلى تراجع في إنتاج النفط الخام ويقوض جهود الحكومة الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية بسبب البيروقراطية والروتين وتعدد الحلقات الإدارية والازدواجية في اتخاذ القرارات والتأخر في اتخاذها في صناعة تتميز بالديناميكية وتحتاج إلى السرعة في اتخاذ القرارات”.
ويؤكد المرسومي، أن “شركات الاستخراج ومنها شركة نفط البصرة أصبحت تمول من الموازنة العامة والمصافي تم تقليص أرباحها من 7 الاف و 250 دينار الى الفي دينار و250 دينار للبرميل المكرر أي انخفضت أرباحها من 2 تريليون و329 مليار دينار إلى 722 مليار دينار”.
وأقر مجلس النواب العراقي في 3 آيار الماضي، الموازنة العامة الاتحادية لعام 2024، فيما قالت اللجنة المالية النيابية إن الموازنة تتضمن وفرة مالية للمحافظات والوزارات، حيث تتضمن 156 تريليون دينار موازنة جارية، و55 تريليونا للجانب الاستثماري موزعة بين الوزارات والمحافظات والتركيز على المشاريع المتأخرة، فيما دعت إلى ضرورة تضمين ما تبقى من موازنة 2023 وتخصيصات الدعم الطارئ بالكامل.
في المقابل، يرى عضو لجنة النفط والغاز النيابية كاظم الطوكي، أن “تحويل الشركات النفطية إلى التمويل المركزي بدل الذاتي لن يضر الأرباح والرواتب التي يتقاضاها موظفوها، والصناعة النفطية العراقية لن تتضرر كما يشاع أو قد ينخفض الإنتاج لأن الشركات ستبقى بذات وتيرة العمل وتنفيذ مشاريعها وتعاقداتها”.
ويبين الطوكي، أن “تحويل الشركات النفطية وغيرها إلى التمويل الذاتي بكل بساطة هو حصر كل السيولة الموجودة لدى الشركات النفطية وغير النفطية ذات التمويل الذاتي لتكون في وزارة المالية حصرا، ويمكن للشركات طلب أي مبالغ مالية أو تخصيصات تريدها مستقبلا من وزارة المالية”.
ويعتبر أن “نظام التمويل الذاتي حتى لو كان معتمدا منذ سنوات طويلة في الشركات النفطية لا يعني ضرورة الإبقاء عليه أو عدم تغييره إلى المركزي، فهذا الأمر يتوقف على أهداف وسياسات الحكومة في تنظيم أمورها المالية بما تراه ملائما”.
يشار إلى أن العراق لديه 15 شركة نفطية تعمل بنظام التمويل الذاتي منذ سنوات طويلة وتدير مشاريعها وفقا للتعاقدات التي تشرف عليها وزارة النفط الاتحادية، حيث تساهم هذه الشركات مع الجهد الاستثماري بوصول العراق إلى إنتاج ثلاثة ملايين و800 ألف برميل يوميا وصولا إلى أربعة ملايين برميل يوميا.
وكانت وزارة النفط قد علقت مؤخرا على احتجاجات الشركات النفطية حول تمويلها إلى النظام المركزي، مؤكدة في بيان، أن حقوق منتسبي الوزارة في جميع التشكيلات النفطية محفوظة بما يتعلق بالرواتب والحوافز والأرباح وحسب ما معمول به ولا يوجد أي تغيير في قانون الموازنة يؤثر على هذه الاستحقاقات.
وكان النائب المستقل مصطفى جبار سند، قد وصف في تغريدة على حسابه في موقع “أكس”، قرار تحويل شركات التمويل الذاتي إلى مركزي بـ”الغبي”، مبينا أن الحكومة تقرر تحويل شركات التمويل الذاتي الرابحة في وزارة النفط، إلى تمويل مركزي، في جداول موازنة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- كيف تسبب التوتر الإقليمي بترحيل أزمة رئيس البرلمان؟
- كيف يواجه العراق فقدان 60 بالمئة من أراضيه الزراعية؟
- التمور العراقية تنافس في 22 سوقا خارجية