في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى تحقيق التوازن بين توفير فرص عمل جديدة للمواطنين والحفاظ على كفاءة الموارد البشرية الحالية، مع النظر بعناية في العواقب المترتبة على أي تغيير في سياسات التقاعد لضمان تحقيق الأهداف المرجوة دون التأثير سلباً على استقرار القطاع العام، عاد الجدل حول إعادة سن التقاعد إلى 63 عاماً في العراق.
حيث أكدت اللجنة المالية النيابية، أن استمرار سن التقاعد القانوني عند 61 وإيقاف التعيين، سيؤدي الى نقص في الملاكات بالوزارات والدوائر الحكومية.
وفي 19 من تشرين الثاني 2019، وعلى التعديل الأول لقانون التقاعد الموحد رقم 9 لعام 2014، جاء في تعديل القانون: إحالة الموظف على التقاعد في إحدى الحالتين، أولاً عند إكماله 60 سنة من العمر، وهي السن القانونية للإحالة على التقاعد بغض النظر عن مدة خدمته، وثانياً إذا قررت اللجنة الطبية الرسمية عدم صلاحيته للخدمة.
وأثار التعديل موجة من الانتقادات كون القانون سيؤدي إلى حرمان المؤسسات الحكومية من الخبرات التي لا يمكن تعويضها، كما أنه أثقل كاهل صندوق التقاعد، وحرمه من أموال كبيرة تتعلق بالاستقطاعات التقاعدية، حيث جاء تعديل قانون التقاعد وخفض عمر التقاعد بعد حراك أكتوبر (تشرين الأول)، وكان الهدف من القرار هو توفير فرص عمل للشباب وإلحاقهم بالوظائف الحكومية.
إذ قال عضو اللجنة المالية جمال كوجر بحسب صحيفة “الصباح” الرسمية، إن “التعديل السابق على قانون التقاعد الذي حدد السن بـ61 عاماً، كان يهدف إلى خلق 300 ألف فرصة عمل جديدة، ولكن مع غياب التعيينات الجديدة في موازنة العامين الحالي والمقبل فإن بقاء سن التقاعد الحالية قد يؤدي إلى نقص في الملاكات، فضلاً عن إيقاف الحذف والاستحداث كون هذا الوضع يثير تساؤلات بشأن كيفية سد الشواغر التي ستنشأ بسبب تقاعد الموظفين دون تعيين بدائل لهم”.
وأضاف أنه “رغم وجود بطالة مقنعة إلا أن العديد من المتقاعدين المحتملين يمتلكون خبرات كبيرة لا يمكن الاستغناء عنها بسهولة”، مشيراً إلى “جمع التواقيع من عدد من النواب لدعم هذا المقترح”.
وأشار إلى أن “رواتب المتقاعدين مدرجة بالفعل في الموازنة، وبالتالي فإن إبقاء الموظفين في العمل لفترة أطول لن يخلق أي عبء إضافي على الميزانية”.
وأكد أن “الذهاب إلى التقاعد يخفف الضغط عليها لكنه في الوقت نفسه قد يؤدي إلى فقدان طاقات مهمة يمكن أن تستفيد منها الحكومة وفي النهاية، علاوة على أنه يُعدًّ سلاحاً ذا حدين إذ يحمل إيجابيات وسلبيات مما يتطلب دراسة متأنية قبل اتخاذ أي قرار”.
يشار إلى أن إنتاجية الموظف في العراق لا تتجاوز الـ17 دقيقة يوميا، في ظل حاجة العراق إلى قانون لتنظيم العطل الرسمية التي تتسبب بهدر الوقت وتحول دون الإنتاج والتطور.
وأجلت الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الماضيين، النظر إلى مشكلات التنمية البشريَّة في القطاع الخاص، ولجأت إلى حركة توظيف في القطاع العام، لتصبح الوظيفة الحكومية “حلم الشاب وغايته”، لتتراكم هذه المشكلات وتتضافر حتى باتت عبئاً ثقيلاً على الموازنات المتتابعة مهما كانت انفجارية استثمارياً.
ووفقا قانون الموازنات العامة الاتحادية للسنوات 2023، و2024، و2025، يبلغ عدد الموظفين في العراق أربعة ملايين و74 ألفا و697 موظفاً وموظفة، وحدد القانون نفسه عدد موظفي إقليم كردستان بـ658 ألفا و189 موظفاً وموظفة.
وتتجسد في بعض مؤسسات الدولة مشاهد درامية متكررة بسبب أعداد الموظفين الكثيرة، حيث أن بعض الموظفين لا يجدون مكانا يجلسون فيه، وآخرون يتناوبون على الجلوس، يضطر بعضهم إلى شراء المقاعد وجلبها للمؤسسة بعد تدوين أسمائهم عليها كي لا يشغلها سواهم.
ويعود إقبال المواطنين على الوظائف الحكومية، بحسب معنيين، لأسباب عديدة، منها تفشي البطالة وعدم وجود دعم حكومي للقطاع الخاص أو قانون ينظم عمله، إضافة إلى الراتب التقاعدي الذي تضمنه الحكومة للموظفين، والرواتب المجزية التي كان يتقاضاها الموظفون.
يشار إلى أن 9.5 ملايين عراقي يعتمدون في معيشتهم على الدولة بصورة مباشرة (موظفون ومتقاعدون وذوو الرعاية الاجتماعية)، وهو ما قد يشكل نسبة 23% من سكان العراق الذي تقدر وزارة التخطيط عدد سكانه بنحو 42 مليون نسمة.
أقرأ ايضاً
- بالصور: تعرف على المناطق المشمولة بمساعدات المرجع السيستاني دام ظله في لبنان يوم الأحد ٢٠٢٤/١٠/١٣
- العراق يعلن وصول 11 ألف ضيف لبناني إلى البلاد
- العراق: توسيع الحرب إلى إيران يهدد مصادر الطاقة ويخلق ازمة عالمية