بقلم: علي حسين
ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات، ليسمحوا لنا جميعاً بأن نتعاطى معه جرعاتٍ مسكنةً أطلق عليها الإصلاح والتنمية والمصالحة الوطنية.
وبرغم كثافة الحضور الإعلامي للسادة أعلاه وأشباههم، إلا أن واقع الأمر يثبت بالدليل القاطع أن أحداً في العراق لا يثق على الإطلاق بتصريحاتهم، والدليل أن معظم العراقيين ظلوا يسخرون ويضحكون كلما سمعوا أن هذا العام سيكون عام التنمية والانظلاق نحو المستقبل، وسيرفرف على ربوع الوطن شعار "سياسيون سنة وشيعة هذا الوطن مانبيعه"، فالثابت أن الناس تعطي آذانها للمشككين في بيانات السياسيين وأحاديثهم.
ولهذا مازلت أشفق على بعض النواب والمسؤولين الذين يخرجون على الفضائيات يتحدثون عن بناء التوافق الوطني. على مدى اعوام ظلت الناس حيرى أتصدِّق دموع النجيفي التي ذرفها في حب "مصالح الشعب"، أم تثق بأحاديث إبراهيم الجعفري الذي اكتشفنا أن المارد تأخر كثيراً ولم يخرج من قمقمه؟ فيما أُصيب العراقيون بخيبة أمل بسبب امتناع البلبل الصداح محمود الحسن عن التغريد منذ أعوام عقاباً لهذا الشعب الناكر للجميل الذي وقف حجر عثرة أمام طموحه ليصبح قاضي قضاة.
لقد مضت سنوات على مسلسل الأزمات السياسية، وعقد أكثر من اجتماع مجاملة، وصدر أكثر من بيان تطمين وسمعنا أكثر من مسؤول يقول: إن القوى المتحاربة ستلقي سرح الخطب والشعارات أرضاً، لكن الواقع يقول إننا ما زلنا نواجه سياسيين بلا رؤية، لا يعرضون أفكاراً ولا يطرحون مشاريع بناءة، وأن اجتماعاتهم لا تعطي أملاً للناس ولا تبشر بفرص حقيقية، فهم منهمكون بطرح قدر مهول من التصريحات، التي دائماً ما تنتهي بجمل وعبارات ملت الناس من سماعها.
والآن بعد مرور أشهر على أزمة كرسي رئيس البرلمان، نجد المواطن العراقي يتساءل وبحسرة: من يحمينا من كل هذه الألاعيب؟ ومتى نتخلص من هذه الوجوه الثقيلة التي تطل علينا من الفضائيات وتحاصرنا صباحاً ومساء أينما نكون.. متى سنغلق الستار على هؤلاء الذين يخرجون علينا من دكاكين السياسة ليبيعوا لنا وثائق شرف مزورة؟.
السادة أصحاب الذين اختفوا والذين يسيرون على نهجهم في ممارسة الخطب وإطلاق الشعارات ، هل مازلتم ترون في أنفسكم الصفوة التي من حقها أن تحتكر الحقيقة، وأن تقضم الحصة الأكبر من الكعكة العراقية من خلال خطاب غارق في الازمات يسعى إلى وضع فروق "بيولوجية" بين المسؤول الذي يعود الى جنسيته الاجنبية، والمواطن المسكين الذي لم يسعده الحظ للهجرة إلى مثل موفق الربيعي.
أقرأ ايضاً
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- من يُنعش بغداد ؟
- منْ الذي يُلجمُ نتنياهو ؟