سامي جواد كاظم
حديث لامير المؤمنين عليه السلام " آلة الرئاسة سعة الصدر " هذا شعار المسؤول الشريف والنزيه ، وهنالك من الاعلام تمسكوا بهذا الحديث ومن خلال تصفحي لكتب التاريخ توقفت عند سيرة حاكم النجف حميد خان ذو الاصول الهندية الذي جسد هذا الحديث في سيرته باروع صوره اقول : حميد خان ( 1890 ـ 1943) حاكم النجف بامر الانكليز سنة 1917 وقد رفض المنصب رفضا قاطعا الا ان بعض رجال الدين اقنعوه بالقبول في هذا المنصف على اقل تقدير حتى يدفع مكائد الانكليز عن النجف لانهم يعلمون باخلاقية حميد خان .
كان الرجل دائما يرسل الى بعض اهالي النجف التحذيرات التي تصله عن ابنائهم فينصحهم بالابعاد عن المشاكل في الوقت الحاضر مثلا نصيحة لابي عباس الخليلي شقيق جعفر الخليلي صاحب موسوعة " هكذا عرفتهم " وقد ذكر ما اكتبه في مقالتي هذه ، نصحه ان الانكليز ارسلوا امرا له بالقاء القبض على ابنه عباس الخليلي وغيره من الشباب الثائر ، هؤلاء الشباب كانوا يرون ان حميد خان عميل انكليزي .
عندما اشتدت انتفاضة النجف بعد قتل المارشال علم بان الوضع لم يكن في صالحه وهنالك من سيقتله ان بقي في منصبه فقرر الرحيل الى كربلاء ، وكان في كربلاء صادق الكتبي حيث له مبلغ من المال بذمة حميد خان جاء الى النجف ليسترده ، وقد التقى به وهو يركب عربته لغرض مغادرة النجف قبل ان يعلم به الشباب الثائر فاصر على ان يعطيه ماله فوعده انه سيعطيه حال وصوله كربلاء ، ولكنه رفض وجاء من يتعهد للكتبي بانه سيسددون نيابة عنه ودعه يرحل فرفض وبسبب هذا التاخير علم اهالي النجف بانه سيرحل فتمكنوا من الامساك به ولولا تدخل رجال الدين وبعض وجهاء النجف للدفاع عنه لانهم يعلمون باخلاقه والا لكان في عداد الاموات، واخيرا اتفقوا على ان يضعوه في الاقامة الجبرية في بيت عمران الحاج سعدون في طويريج ووضعوا حراس عليه .
وصادف ان جاء رجل يطرق بابه فخرج له حميد خان وراى بيده مسدس قائلا له ما تريد؟، قال اريد حميد خان ، فهو لا يعرفه ، فدخل الى داخل البيت ونادى على الحراس فجاءوا على الرجل وامسكوا به وبيده مسدس فقالوا له ماذا تريد من حميد خان ؟ قال اريد ان اقتله تقربا لله عز وجل ،
وبعد ان قضى الانكليز على الثورة في النجف عاد حميد خان حاكما على النجف ، ولشدة تواضع وتسامحه كان يغض النظر عن من اساء له وقد ندم شباب النجف الذين اساءوا الظن به ،
وهو في النجف جاءه صادق الكتبي مستجيرا به الذي تسبب في امساكه من قبل شباب النجف طالبا منه ان يساعده على ما الم به بسبب الانكليز حيث انه صاحب مطبعة وكان يطبع جريدة الاستقلال المعارضة للانكليز فقد القي القبض عليه واخذت المطبعة وحكم عليه بغرامة مالية وان يسلم الانكليز عدد من البنادق وهو لا يملك اي شيء ، فسعى له حميد خان بتقليل الغرامة واعفائه من البنادق وارجاع المطبعة له ،
وعندما كان حميد خان في السراي في بغداد صادفه شخص، ما ان راها هذا الشخص حتى اخفى وجهه وهم بالهروب فامسك به حميد خان فقال له الرجل : هل تعرفني ؟ قال خان : نعم انت الذي كنت تريد قتلي تقربا الى الله عز وجل ، فاخذه الى مكتبه وهو يرتعد عن ما سيفعل به حميد خان ، فقال له ما سبب وجودك في السراي ؟ قال الرجل : لقد اشتد الفقر علي وقيل ان السراي اعلن عن وظائف وجئت لكي اقدم عليها ومضى اسبوعان ولم احصل على نتيجة ، فسعى له حميد خان حتى اوجد له وظيفة وعينه بها .
هذا الرجل حميد خان لم يستلم فلسا واحدا كراتب من الانكليز كان يتبرع بها الى خيريات ( اوده) وكان الانكليز هم من يوزعونها كرواتب للفقراء كل ثلاثة اشهر وكانت مكانته عند الانكليز قمة في الاحترام
لم يترك ولا روبية ارثا له كان يتصدق كثيرا ومتواضع جدا ويتحمل اذى الاخرين ويصفح عنهم ولم ينتقم او يرد الاساءة لاي مسيء له اطلاقا .
أقرأ ايضاً
- التقاضي الإلكتروني.. نحو عدالة الذكاء الاصطناعي
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- دموع كريستيانو رونالدو.. رسالة بليغة !