- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ترامب معتوه وخَطِر "مسودن وبيده فالة" !

بقلم: علاء اللامي
ترامب معتوه وخَطِر "مسودن وبيده فالة"! ولذلك يجب عدم الاستخفاف والاستهانة به وبمشروعه الإجرامي! نعم، صحيح أن ترامب تاجر عقارات وملاهي وهو إلى ذلك جاهل سياسيا إلى درجة مذهلة، ولكنه من ناحية أخرى ذكي وخبيث يحسن استعمال سلاح الابتزاز والتهديد ولكنه يخشى المواجهة الفعلية كأي جبان. لهذا السبب وأسباب أخرى لا ينبغي لنا الاستخفاف بما قال ونوى فعله.
إنه يجلس على عرش روما الجديدة ويصدر الأوامر والتهديدات باستعمال الهراوة النووية والدرع الدولاري. وقد أعلن برنامجه لتصفية القضية الفلسطينية وهو برنامج لم يجرؤ حتى أشرس المتطرفين الصهاينة مثل جابوتنسكي قديما أو بن غفير حديثا على إعلان مثيله. فهو ينظر إلى قطاع غزة ليس جزء من وطن اسمه فلسطين بل كقطعة أرض عليها أشخاص وكفرصة استثمارية استثنائية.
في كل جملة قالها ترامب تجد دليلا على جهلة وتخبطه وتناقضه حتى مع نفسه. فهو من جهة يريد تهجير "الأشخاص" وبالأرقام مليون وثمانمئة إنسان من هذه "القطعة من الأرض" ثم يقول سنوفر "عددا غير محدود من الوظائف والمساكن لسكان المنطقة".
وهو يقدم نفسه كرجل سلام تعهد بأن لا يخوض حروباً ويطفئ الحروب المشتعلة ولكنه قال عندما سُئل عما إذا كانت واشنطن سترسل قوات أميركية إلى غزة بموجب اقتراحه "سنفعل ما هو ضروري". إذا كان ذلك ضروريا، فسنفعل ذلك. سنستولي على هذه القطعة". فهل يظن أن الفلسطينيين الذين قاتلوا لمدة عام وثلاثة أشهر وضحوا بالآلاف من بين صفوفهم وأغلبهم من المدنيين سيقابلون جنوده بالزهور والرياحين؟
ثم أن ترامب يكذب وبشكل فظ ومخزٍ وبلا خجل فقد زعم قبل أيام مثلا "أنه انجز عملا جيدا لإنهاء الحرب في أوكرانيا" فرد الروس رسميا عليه: "لا ندري عن ماذا يتكلم ترامب فلم يتصل بنا أحد بشكل رسمي ولم تصلنا أية مقترحات أو عروض سلام"!
وحول اتصالاته بزعماء عرب قال إنه اتصل بالرئيس المصري والملك الأردني فنفى المصريون أنه اتصل برئيسهم، وعاد ترامب وكرر كذبته من أنه اتصل به وعاد المصريون ونفوا حدوث الاتصال. وأخيرا حدث الاتصال وكان الرد المصري رافضا لمشروع تهجير الفلسطينيين والأمر نفسه تقريبا حدث مع ملك الأردن، ولكن ترامب أكد أنهما سيوافقان! ثم هاهو اليوم يعترف بالرفض المصري والأردني ويعلن أن هناك دولا أخرى أبدت موافقتها على تهجير الفلسطينيين إليها من دون أن يذكر أسماء هذه الدول!
ترامب يعتمد الكذب والتهديد والابتزاز والتهريج لتحقيق الصدمة ثم ينهار عدوه ولكنه ليس شخصاً استثنائياً وخارقاً لقوانين الطبيعة وحركة التاريخ. وقد رأينا كيف ردت حكومات كندا والمكسيك والصين على عقوباته الجمركية بمثلها فعاد إلى الدبلوماسية ليحصل على بعض ما أراد!
يبلغ العته والبلاهة أقصاهما عند ترامب حين يرد على سؤال حول "مَن يتصور أن يعيش في غزة بعد تعميرها" فقال: "أتصور أن يعيش هناك شعوب العالم، شعوب العالم". وأضاف "الفلسطينيون أيضا، سيعيش الفلسطينيون هناك، سيعيش الكثير من الناس هناك". يمكن أن تُصبح غزة -بعد سيطرة بلاده عليها وتطويرها- ريفييرا الشرق الأوسط "! فهل هذا كلام شخص عاقل، أو حتى شخص معتوه عتهاً عاديا؟
ولكن رغم كل ما تقدم لا ينبغي الاستهانة بخطورة مشروع ترامب أو الاستخفاف بنواياه وبما قد يفعله حلفاؤه في الحكومات العربية الرجعية. أما الشعب الفلسطيني ومقاومته فعليه الرهان والتعويل الكبير ولكنه أيضا بحاجة إلى الدعم والتضامن الفعلي واعتبار إعادة تعمير غزة، وفي المرحلة الأولى توفير الضرورات الحياتية بشكل سريع بعد رفع الأنقاض، كالمأوى من مخيمات وبيوت جاهزة مؤقتة وبنية تحتية صحية وتعليمية واعتبار ذلك أولوية قصوى لا تتقدم عليها أية أولوية أخرى. إن الكيان وترامب يراهنان على بقاء مليوني غزاوي يعيشون بين الأنقاض دون الوفاء بتوفير هذه المتطلبات الحياتية لتبليعهم مخطط التهجير. ومن الطبيعي أن تتردد الحكومات العربية في تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني المنكوب خوفا من سوط ترامب ولكن يبقى الأمل معقودا على الجزء الحي من الجمهور العربي في هذه الدول في الضغط على حكوماته للقيام بنجدة وإسعاف الفلسطينيين والمبادرة إلى عقد قمة طارئة لمناقشة الكارثة المحدقة لو كان بين الحكام العرب حاكم واحد شريف وإلا فستكون هذه الحكومات قد كررت خطيئة أنظمة العار خلال نكبة 1948 وتتحمل مسؤولية أية نكبة جديدة بالإمكان تفاديها حتى الآن اعتمادا على الشعب الفلسطيني الذي قدم آلاف الأدلة على أنه قولا وفعلا شعب أسطوري وشعب الجبارين!
والخلاصة فإن زعيما معتوهاً أو مجنوناً مثل ترامب الذي يرأس أقوى دولة إمبريالية عسكريا وسياسيا واقتصاديا يكون أخطر بما لا يقاس من زعيم عادي مهما كان عنصريا ومعاديا. وهذا ربما يُذَكِّر البعض من العراقيين بالمثل الشعبي الجنوبي القائل: "مسودن وبيده فالة"! والمسودن هو المجنون والمصاب بالسوداء كما يرى المعجمي الراحل الشيخ جلال الحنفي البغدادي. والسوداء تعني في اللغة العربية "مرض نفساني يؤدي إلى فساد الفكر مع الحزن والشعور القهري، وهي متلازمة اكتئابية محددة تتمثل بحالة مزاجية سوداوية ودرجة من الحزن العميق والأسى وفقدان الأمل أي المنخوليا الاكتئابية". وهذا الشخص المسودن يحمل فالةً. والفالة رمح ثلاثي الأسنة الحادة يستعمل لصيد الأسماك في جنوب العراق. أي إنه سلاح خطر، تزداد خطورته إذا وقع بيد شخص مخبول أو مجنون مثل هتلر قديماً وترامب حديثاً !
أقرأ ايضاً
- قفزة بالزانة! في موعد إفطار المسلمين في رمضان!
- مسلسل معاوية. دراما بلا تاريخ!
- العقوبة أم تقديم النصح والإرشاد المروري ؟!