حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ ليس بالجديد القول ان داعش او ما يسمى بتنظيم الدولة "الإسلامية" sisi انه مستمر في ممارسته في القتل الوحشي وبأقصى درجات الهمجية وبأعلى درجات التوحش هذا ما كشف عنه مقطع الفيديو الذي تناقلته وسائل الاتصال الاجتماعي ووسائل الإعلام والذي يوضح عملية إعدام الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة حرقا حتى الموت وهو مقطع يشي عن بربرية صارخة وقد حصل على إدانات رسمية وشعبية كثيرة حول العالم بعد ان هز العالم اجمع وأصابته بالصدمة المروعة كما يشي هذا المقطع الفيديوي البشع عن ان طريقة إعداده وإخراجه يظهر الاحتراف الذي يمكِّن الماكنة الإعلامية الداعشية من نقل نشاطات هذا التنظيم بشكل تعبوي محترف يتمكن من خلاله من تمرير أجنداته القائمة على أسلوب إحداث الصدمة والترويع في نفوس الآخرين كما تُحدث مقاطع الفيديو التي تصور عمليات الذبح الوحشي والقتل الجماعي (سبايكر) والصلب والجلد والرجم وتصوير الأمر على ان جزاء من يقف بوجه هذا التنظيم او يخالف توجهاته الشاذة سيكون بهذه الوحشية المقرفة وقد اختصر الرئيس اوباما سايكلوجية الإدانات العالمية العارمة ضد همجية هذا التنظيم بقوله (أيا كان الفكر الذي ينتهجه داعش فهو مفلس) وهو إفلاس أخلاقي وقيمي وإنساني وديني بامتياز. ومن المفارقات التي جاءت كرد فعل على هذا العمل الشنيع ما جاء على لسان شيخ الأزهر د.احمد الطيب الذي رفض فكرة تكفير تنظيم داعش مسبقا ولكن جاء رد فعله عنيفا جدا وليس كالعادة من رئيس اكبر منتدى إسلامي سني ولم يكتف بالإدانة فقط بل انه طلب معاملة عناصر هذا التنظيم بأقسى معاملة كالقطع والصلب...الخ. وفي رأيي ان طريقة إعدام الكساسبة بهذه الصورة الوحشية ربما ستقلب الطاولة على رؤوس تنظيم داعش وتغير من وجهة بوصلة "التعاطف" النسبية التي كان يحظى بها كما ستعطي تبريرا اكثر معقولية لتوحيد الصف العالمي للقضاء على هذا التنظيم وفي معركة يشكل العراق رأس الحربة فيها ويتمترس بخندقها الأمامي ويقدم أغلى التضحيات من الأرواح بل ويقود العراق حربا عالميا ثالثة "نيابة" عن العالم على أرضه، وستعطي ايضا تبريرا اكبر لمضاعفة الجهود والنفقات المطلوبة للقضاء على هذا التنظيم الذي بات يهدد العالم اجمع ويريد ان ينقل صفحات المعارك الى عقر الدول التي لاتتفق وميولَه كما عبَّر في ذلك عن تهديده لضرب قلب عَمان بعد ان أعدمت حكومة الاردن، الإرهابية العراقية ساجدة الريشاوي التي كان داعش يقايض بها الكساسبة وهي رسالة يريد داعش ان يثبت بها انه قادر على تهديد دول بأكملها مايعني انه يتمتع بصفة الدولة وإمكاناتها اللوجستية والإستراتيجية وليس مجرد عصابات او "فلول " تطاردها قوات منظمة. وفي حال ثبُتت صحة هذا المقطع الفيديوي فانه يعيد الى الذاكرة العالمية مسالة محاكم التفتيش القروسطية سيئة الصيت التي كانت تحكم على الأبرياء ضحاياها بالإعدام حرقا وهم أحياء وسط مرأى من الجمهور لبث الرعب في النفوس ومازالت هذه الذاكرة تحتفظ بصورة بشعة جدا عن عمليات الإعدام الوحشية والتعذيب البشعة التي اقل ما يقال عنها انها سادية وغير أخلاقية او غير إنسانية ساهمت في استئصال شرائح واسعة من المناهضين لهذه المحاكم وسياساتها المتوحشة. ولايختلف تنظيم داعش في أساليبه البربرية عن أساليب محاكم التفتيش القروسطية سيئة الصيت مع فارق الزمن والأدوات الا ان المنهج يبقى هو ذاته وهو منهج الإفلاس القيمي والأخلاقي والتجرد عن كل قيمة تنتمي الى الحضارة وإنسانية الإنسان ، كما تكشف "الفتوى" التي استند عليها داعش في تبريره لعملية الإعدام هذه (حرقا حتى الموت) بالرجوع الى الى أدبيات فتوائية شاذة صدرت عن ابن تيمية الذي يعد الأب الروحي لجميع الاتجاهات السلفية ـ الأصولية والتكفيرية التي تبيح قتل الطرف الاخر المختلف بأبشع صورة كما حدث للشهيد الكساسبة وتكشف الاستعانة بهذه الفتوى عن مدى تورط بعض الأطراف الإقليمية في هذا المضمار. اعلامي وكاتب مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- تركيا بين المخطط (الصهيوداعشي) والمخطط المعادي للإرهاب
- أيديولوجية التوحش وشريعة الغاب
- لولا السلاح (الفلاني) لما تحقق النصر على داعش في العراق