- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
القتل العائلي في العراق… جرائم يومية
بقلـم: محمـد اليسـاري
بين الحين والاخر ترد الى مسامعنا بمختلف الوسائل الاعلامية أخبار تؤكد مقتل امرأة على يد شقيقها أو زوجة على يد زوجها أو العكس، وابنة على يد أبيها او اخيها، وارتكاب جرائم مروعة أخرى بمختلف طرق القتل البشعة، الملاحظ في الآونة الاخيرة ان عدد هذه الجرائم في الأعوام القليلة الماضية قد زاد بشكل كبير للغاية. “الأرضية الخصبة” المتوفرة هي من ساعدت لارتكاب جرائم متمثلة في التأثيرات السلبية لحال الاحتقان اليومي الأمني والسياسي، وتردي الوضع الاقتصادي الذي يدخل الأسر في معاناة كبيرة، وتراجع مستوى التعليم، إضافة إلى انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في شكل غير مسبوق. التراجع الأخلاقي يعد سببا مباشرا في كثير من الجرائم فلم يشهد العراق جرائم عنف أسري أسوأ من الفترة الحالية فالأسرة في كل المراحل التي مرّ بها العراق أعلى شأناً ورفعةً بكثير عن ما هي به حالياً وهذا الامر ملاحظ اكثر في المجتمعات الأكثر بعداً عن المدنية، مثل تلك في مناطق الأهوار والبادية والأرياف، لم تشهد جرائم مثل اليوم بل نجد ان تلك المجتمعات اضطلعت المرأة بدور كبير ومحترم وحظيت الأسرة بتقدير بالغ، فكان يندر أن تشهد جرائم قتل داخلها. حجة “اللا وعي” حاضرة في كثير من الاحيان فمن خلال سير التحقيقات الخاصة بهذه الجرائم نرى أن ارتكابها يرتبط بتعاطي المخدرات والكحول والخلافات العائلية فنراهم بعد فترة يخرجون علينا ويؤكدون أنهم لم يكونوا في حالة وعي حين ارتكبوا فعلتهم كونهم تحت تأثير المخدرات، في وسط كل هذا تظهر حالة فقدان الشعور بالذنب فبعض الجرائم العائلية ارتبطت بأشخاص لم يكونوا تحت تأثير المخدرات فقد نفذوا أفعالهم غير القانونية بهدف غسل العار والانتقام والثأر ومن يرتكب هذه الجرائم يفقد الشعور بالذنب والندم، والكارثة في هذا النوع ان الغالب يعتقد بأن القانون المطبق يضع حداً صارماً لكل الجرائم، باستثناء تلك التي يثبت ارتباطها بالحفاظ على الشرف التي تخفف الأحكام القضائية فيها او ان القانون لا يحاسب عليها اصلا والسبب في كثير من الاحيان يعزى الى العادات والتقاليد. اذا هي دعوة بضرورة مراجعة المنظومة الاجتماعية التي عرفت بترابطها وقوتها خلال كل الأزمنة والظروف الصعبة الكثيرة التي مرّ بها البلد فعلى سبيل المثال يمكن وضع خطط تتبناها كل الوزارات وتتعاون في تنفيذها مع المنظمات المدنية والأجهزة الأمنية تبدأ من الحدود العراقية عبر ضبط المنافذ البرية والبحرية لمنع دخول المخدرات، مروراً بإنشاء بنى تحتية كافية ومؤهلة وحديثة للتأهيل النفسي، وهو أمر يصعب تحقيقه إذا لم يترافق مع تحسين مستوى الخدمات والمعيشة، والقضاء على الفقر والبطالة”. ختاما ان مشروع قانون العنف الأسري خصوصا بعدما أقرّته الحكومة في أغسطس/ آب الماضي لمحاولة حماية الشرائح الضعيفة في المجتمع، خصوصاً الأطفال والنساء، وأرسلته إلى البرلمان لمناقشته وتمريره كي يوضع قيد التنفيذ وهو كفيل بان يمنع كثير من هذه الجرائم التي يمكن وصفها بالجرائم اليومية.
أقرأ ايضاً
- الجنائيَّة الدوليَّة وتحديات مواجهة جرائم الكيان الصهيوني
- الأخطاء الطبية.. جرائم صامتة تفتك بالفقراء
- جرائم الإيموجي