وصلت اولى طلائع الزائرين القاصدين الى كربلاء الشهادة الى مركز مدينة البصرة بعد مسيرتهم من منطقة رأس البيشة في قضاء الفاو (100) كيلومتر جنوب شرق البصرة، هؤلاء "المشاية" لم يترك لهم لهف قلبوهم للسير نحو مرقد سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) مجالا للانتظار للسير في الاول من شهر صفر كما جرت عليه العادة في اعوام مضت، فباتوا يخرجون في الرابع والعشرين من محرم الحرام ويقطعوا اكثر من (600) كيلومترا للوصول الى القباب الذهبية في كربلاء المقدسة، فيما امتدت مواكب الخدمة الى مناطق جديدة باتجاه ابو الخصيب والفاو لتفرش موائدها للسائرين.
لهفة وعزم
خرج "مجتبى صدام" الساكن في قضاء "المدينة" من رأس البيشة (آخر منطقة حدودية بمحافظة البصرة في العراق) يوم الرابع والعشرون من محرم ويشرح لوكالة نون الخبرية مسيرته بالقول" قطعت الى الآن (100) كيلومتر خلال يومين، وسبب خروجي للسير الى كربلاء مبكرا هو عدم قدرتي على الصبر والتحمل الى يوم الاول من صفر لما في قلبي من لهفة وعزم بعد ان مضى علي (17) عاما في السير بالزيارة الاربعينية، واسير كل عام مع مجموعة من اصدقائي يتراوح عددنا بين (10 ــ 12) زائر بعد ان كنا اكثر من ذلك واصبحنا عدة مجاميع، وكنا قبلها نخرج من قضاء المدينة فنستمر بالمسير لمدة (12) يوما، بينما اصبح مسيرنا الآن يمتد الى (16 ــ 17) يوما، ولدينا محطات كثيرة على الطريق في محافظات البصرة وذي قار والمثنى والقادسية وبابل والنجف الاشرف للاستراحة او تناول الطعام او الصلاة او المبيت بعد مسير (30) كيلومترا يوميا، بعد ان تكونت علاقات طيبة مع اهل المواكب واصبح التواصل عبر الاتصالات الهاتفية، وفي هذه السنوات وبسبب شدة الحر نسير من الساعة الرابعة عصرا الى الثامنة صباحا، ثم ننام في احد البيوت الى الرابعة عصرا لنواصل المسير، وفي السنوات السابقة كانت المواكب قليلة جدا على طريق الزائرين ونعاني من قلة الخدمات اما الآن فاصبحت متراصة، ولنا مع شدة الامطار والبرد في اعوام (2009 ــ 2010) قصص كثيرة مررنا بها، لكننا تجاوزناها بالعزم والاصرار على مواصلة السير".
موكبين للخدمة
وقف "محمـد حسن" وعدد من خدام موكبه على الشارع العام الذاهب الى قضاء ابي الخصيب يحملون اطباقا من التمر واقداحا من الماء البارد وينادون على الزوار ليتناولوا بعضا منه ويقول لوكالة نون الخبرية ان" خدمتنا تبدأ في العشرين من محرم قبل انطلاق "المشاية" من منطقة رأس البيشة في قضاء الفاو في الثاني والعشرين من محرم، فباشرنا فيها قبل اسبوع من الآن، لذلك اصبح المسير والخدمات قبل الاول من شهر صفر كما جرت عليه العادة، وتبدأ حركة "المشاية" قليلة ثم تزداد لتصل الى الذروة، واصبح المسير من العصر الى ما بعد منتصف الليل وانتهى السير صباحا لشدة الحر، و"المشاية" من محافظات البصرة وذي قار والمثنى والقادسية نستقبلهم ونخدمهم ونوفر لهم المبيت وجميع الخدمات في بيوتنا البالغ عددها حوالي (30 ــ 40) بيت، لان موكبنا انطلق بالخدمة منذ عام (2010) وهو تكافلي بين ابناء المنطقة من الاقارب والجيران، ويترك الجميع اعمالهم وارزقاهم للتفرغ لخدمة زوار ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، لاننا ننتظرهم لمدة عام كامل من انتهاء الزيارة الى بداية الزيارة الجديدة ونعرف كل توقيتات سيرهم، وبعد مضي "المشاية" من مناطقنا ننتقل لنصب موكبنا في قضاء الهارثة على طريق سير الزائرين ونستمر بتقديم الخدمة، ونقدم انواع مختلفة من الطعام والشراب والعصائر والفاكهة والشاي والقهوة، ويتناوب على الخدمة طوال ساعات اليوم من (20 ــ 30) خادم حسيني، ونجمع الاموال للانفاق على الموكب خلال (15) يوما قبل حلول الزيارة بشكل تبرعات وتكافلي وننفق حوالي (10 ــ 12) مليون دينار كل زيارة اربعينية، واعداد الزائرين و"المشاية" تزداد كل عام".
منذ طفولته
منذ كان عمره ثماني سنوات يسير "علي جاسم" الساكن في منطقة القبلة في محافظة البصرة مع والده حاملا راية حسينية من البصرة الى كربلاء المقدسة ويقول لوكالة نون الخبرية ان" خروجي كما في كل عام كان من ابعد نقطة في رأس البيشة منذ يومين ونصف اليوم، ليكون مسيري مصداقا لشعار من البحر الذي يعد ابعد نقطة حدودية عن مدينة كربلاء المقدسة الى نهر العلقمي فيها، وانا بدأت المسير في العام (2013) عندما كان عمري ثماني سنوات حيث ولدت في العام (2005) وكنت احمل راية طولها ستة امتار اكبر من التي احملها الآن ، واسير بصحبة والدي الكبير في السن الذي دأب على المسير منذ العام (2001) في عهد حكم الطاغية المقبور بشكل خفي تحسبا من عيون ازلام النظام، ويسير مع اصحابه بين البساتين في الطرق الزراعية، ومسيرتهم تستمر من (25 ــ 30) يوما، اما الآن فنذهب قبل يوم التاسع عشر من محرم في موكبنا لنقدم الخدمة للزائرين في رأس البيشة لمدة اربع ايام ثم ننطلق بالمسير، وقد تأثر بي الكثير من اقاربي واصدقائي وجيراني وانطلقوا بالمسير نحو كربلاء الشهادة، خاصة عندما يشاهدونني ضعيف البنية واحمل راية واسير لمسافة تتعدى (600) كيلومتر واسير بحدود (18 ــ 19) يوميا لكي اسير بنفس طاقة والدي، واضبح لدينا "معازيب" في مختلف المحافظات نبيت عندهم كل عام".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- في كربلاء.. قفزة بأعداد الطلبة من (250) الى (1000) طالب بالمدرسة الواحدة
- مسؤول نفطي في كربلاء: موافقة مبدئية على مد انبوب تجهيز بنزين الطائرات من مصفى كربلاء الى مطارها الدولي بطول (5) كم
- فزعة "حسينية كربلائية" :العتبة الحسينية تأوي النازحين اللبنانيين واهالي كربلاء يساندون جهودها