تحاول حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني منذ عامين تنظيم عملية امتلاك العراقيين للسلاح وحصرها بيد الدولة، رغم فشل الحكومات السابقة في تحقيق ذلك.
ورغم رفع الحكومة المبالغ المالية التي تقدمها للمواطنين لقاء تسليم الأسلحة التي بحوزتهم، خاصة المتوسطة والثقيلة التي باتت تدخل بشكل واضح في النزاعات القبلية والعشائرية، وذلك في إطار خطة واسعة للحكومة تهدف إلى تضييق مساحة السلاح المنفلت في البلاد، إلا أن الإقبال عليها ما زال ضعيفا مما دفعها لفرض عقوبات مشددة تصل للمؤبد.
لكن وزارة الداخلية العراقية وضعت هذه المرة، إستمارة خاصَّة بشراء الأسلحة المتوسِّطة وتحديداً سلاح (البي كي سي) من المواطنين، معلنة تسجيل (13) ألف قطعة كحيازة لدى المواطنين حتى الآن.
وتعد خطوة شراء السلاح المتوسط كخطوة ثانية ضمن استراتيجية حصر السلاح بيد الدولة وتنظيمه، حيث كانت الخطوة الأولى فتح التسجيل للاسلحة الخفيفة للمواطنين والسماح بحيازة سلاح خفيف واحد مسجل في كل منزل فقط وليس حمله بل وضعه في المنزل، اما خطوة شراء الأسلحة فتستهدف الاسلحة المتوسطة فقط، ومن غير المعلوم آلية التعامل مع الاسلحة الثقيلة فيما بعد.
إذ قال سكرتير ومقرِّر اللجنة الدائمة لتنظيم وحصر السلاح بيد الدولة اللواء منصور علي، في تصريح صحافي، إنَّ “السياسة الوطنيَّة لحصر الأسلحة تضمَّنت مراحل عدَّة، أولاها تسجيل أسلحة المواطنين والتي بدأت العام الحالي وتنتهي في (13) من شهر كانون الأول المقبل، وتُجيز لكلِّ ربِّ أسرة ومن خلال التقديم عبر استمارة خاصَّة، حيازة قطعة سلاح واحدة خفيفة (مسدس أو بندقية)”.
وأضاف أنَّ “شروط التقديم هي أنْ يكون عراقي الجنسيَّة ولا يقلّ عمره عن (25) عاماً، ومؤهَّلاً من الناحية النفسيَّة والصحيَّة، ولا يوجد قيد جنائيّ عليه”، مبيِّناً أنَّ “التقديم يتمّ عبر التطبيق ويتم ملء الاستمارة الخاصَّة بمعلومات وبيانات المواطن مع إعطاء رقم هاتفه، وبعدها تُرسل الاستمارة إلى أحد مراكز التسجيل في بغداد والمحافظات باستثناء إقليم كردستان”.
وبيَّن أنه “سيتمّ خلال الأيام القليلة المقبلة، إطلاق الاستمارة الخاصَّة بشراء الأسلحة المتوسِّطة من المواطنين، وتحديداً سلاح (البي كي سي)”، مشيراً إلى أنه “تمَّ تحديد أسعار الشراء بالنسبة للأسلحة الصالحة وغير الصالحة، والتي ستتم عبر النافذة الخاصَّة بشراء الأسلحة من خلال بوابة (أور)”، كاشفا عن “تخصيص اللجنة الوطنية الدائمة لتنظيم وحصر السلاح بيد الدولة، (16) مليار دينار لشراء الأسلحة من المواطنين”.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت وفي كانون الثاني الماضي، أنها أقدمت على شراء السلاح من العراقيين عبر بوابة “أور” الإلكترونية الحكومية (موقع إلكتروني)، بالإضافة إلى فتح 697 مركزا لشراء الأسلحة من المواطنين.
وبالرغم من كونها المرة الأولى التي تلجأ فيها السلطات العراقية إلى شراء الأسلحة من المواطنين، إلا أن الإقبال ضعيف، في حين أن بعض المراكز لم تشهد شراء قطعة سلاح واحدة.
ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد قطع السلاح الموجودة داخل المجتمع العراقي، لكن التقديرات تتحدّث عن أرقام متفاوتة بالعادة بين 13 و15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، أبرزها بنادق “كلاشنكوف” و”بي كي سي” و”آر بي كي” الروسية، إلى جانب مدافع “هاون” وقذائف “آر بي جي” التي باتت تُستخدم أخيرا بكثرة في النزاعات القبلية في جنوب ووسط البلاد.
وتملك معظم هذه الأسلحة الجماعات المسلّحة، إلى جانب العشائر، بينما يحرص العراقيون على امتلاك قطع سلاح داخل منازلهم كجزء من ثقافة ما بعد 2003، وانعدام الأمن، واضطرار العراقيين للتفكير بالدفاع عن أنفسهم من اللصوص والاعتداءات المتوقعة.
تجدر الإشارة إلى أن شعار “حصر السلاح بيد الدولة”، شغل ركنا ثابتا في البرامج الحكومية لرؤساء الوزراء المتعاقبين، إلا أن جميعها لم تجد نفعا، حيث سجلت منظمة ضحايا حرب العراق مقتل 46 عراقيا في أول أشهر هذا العام، وفي الشهر الذي تلاه، شباط الماضي، تم تسجيل 44 قتيلا، وهو أعلى مستوى مسجل منذ شهر آيار 2023 والذي بلغ فيه عدد القتلى 46 قتيلا.
وكان الخبير في الشؤون الأمنية إبراهيم الزيدي، أكد في تصريح سابق، أن “العراق يضم حاليا قرابة ثلاثة ملايين قطعة سلاح وفق القراءات، ولكن الخطورة هي في الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي تبرز في النزاعات العشائرية بشكل لافت وتؤدي إلى سقوط ضحايا وخسائر مادية كبيرة”، مبينا أن “إيران وتركيا وسوريا هي أبرز مصادر تمويل الأسلحة التي تتدفق على العراق خاصة مع وجود ثغرات في بعض المناطق الحدودية.
وأضاف أن “98 بالمئة من ضحايا عمليات القتل تتم بأسلحة غير مرخصة”.
وكان مصدر أمني قد أكد في وقت سابق، ضبط أعتدة في منطقة المطيبيجة بين محافظتي ديالى وصلاح الدين وتبين أن تاريخ صناعتها هو العام 2023 أي أنها دخلت حديثا وهذا يدلل على وجود مافيات خاصة تؤمن الأسلحة والأعتدة لمن يدفع المال، وبحسب المصدر تم تفكيك بعض الشبكات الصغيرة التي تبيع الأسلحة والأعتدة ولكن المافيات الكبيرة لم يتم الوصول إليها خاصة وأنها لا تعمل دون غطاء يوفر لها مرونة في الحركة في ظل أرباح كبيرة يمكن من خلال الرشاوى تحقيق الكثير من الحصانة على الأقل في الحركة على الطرقات الرئيسية.
أقرأ ايضاً
- هل توقفت حركة الطيران في مطار دمشق الدولي؟ تصريح رسمي
- في خرق لوقف اطلاق النار.. غارات جديدة تستهدف جنوب لبنان
- العراق يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات في سوريا