بقلم: سلام مكي
لازلت كذبة الفأر الذي أكل 62 ترليون دولار منتشرة انتشار الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبطريقة ساذجة، لا يمكن أن تصدق من قبل أبسط مواطن، لكن ما حصل ويحصل يثير الريبة والشك. الكذبة وما فيها تشير الى نشر بعض الصفحات الممولة تصريحا مزورا نسب الى رئيس مجلس الوزراء يعترف فيه بأن الفئران أتلفت مبالغا قدره 62 ترليون دينار عراقي! هذا التصريح الكاذب انتشر بسرعة كبيرة، وتداولته عشرات المواقع والمنصات، بين متهكم وناقم، وبين شتائم ضد الحكومة، بسبب سماحهم للفئران بإتلاف هذا المبلغ الهائل!
كل هذا، يكاد يكون طبيعيا، لكن غير الطبيعي أن يتبنى بعض المثقفين وأعني بالمثقفين الذين يملكون وعيا وقدرة على تمييز الصواب من الخطأ، بما لديهم من ملكة نقدية يستطيعون من خلالها تحليل الخطاب السمعي أو المرئي واكتشاف مكامن الخطأ ومن ثم استخلاص الصواب منه. من غير الطبيعي أن يصدق مثقفون كثر هذا الخبر المزيف، فيبنون عليه نظريات ويقومون بتشريح الخبر، وإخضاعه لمختبرات سردية ونقدية، والكشف عن المخبوء والمسكوت عنه فيه، حتى يتمكنوا من تقديم خطاب مغاير، للخبر ينسب لهم. وللأسف تصديق بعض المثقفين مثل هذا الخبر الساذج وغيره من الأخبار التي تكاد تلتهم الوعي الجمعي، يعطي الشرعية لباقي أفراد المجتمع بأن يصدقوا كل ما تتناقله مواقع التواصل الاجتماعي. أحد المثقفين نشر تعقيبا عريضا على الخبر، وعندما قلت له بأن الخبر كاذب، أجابني بأن الجماعة فعلوا ما هو أقبح منه!
ليس بمستبعد أن مثل هكذا أخبار تنال من جرف المتابع الشيء الكثير، وتشغل مساحات واسعة من الميديا، يكون مصدرها ذات الجهة المستهدفة! فإشغال الرأي العام بأخبار كاذبة، مضللة، لا أساس لها من الواقع، ما هي إلا خطة ذكية للتغطية على الأخبار الحقيقية، للتغطية على الفشل والتخبط والاهمال والفساد. وما يساعد على نجاح هذه الخطة، هو التصديق الأعمى لكل ما يشاع من أخبار كاذبة وادعاءات غير صحيحة.
بعض المجرمين، ينشرون تفاصيل جريمة وهمية، وينفقون الأموال لنشرها، من خلال تمويل صفحات ومنصات إعلامية، أو عن طريق الأقلام التابعة لهم، وكل هدفهم التغطية على الجريمة الفعلية التي ارتكبوها، حتى ينشغل الناس بتفاصيل الجريمة الوهمية، عن الجريمة الحقيقية. الغريب أن أي محاولة لتوضيح الحقيقة، تجابه برد قاس وجاهز، وهو أن القوم فعلوا ما هو أكثر من ذلك! فأي منطق هذا الذي يسير عليه بعض المثقفين؟!
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!