بقلم:عباس الصباغ
الفلتان غير المسبوق الذي استشرى تحت هامش الحرية غير المنضبط والاستخدام العشوائي والكيفي للسلاح فضلا عن المظاهر المسلحة الكيفية ومحاولة فرض ارادة جهة ما على ارادة الدولة ولّي ذراعها ويُظهرها بمظهر العاجز عن السيطرة على الأمن يشكّل مظهرا من مظاهر ارساء الدولة العميقة في العراق ، ويبدو ان الاوامر الصادرة من لدن الجهات المعنية عند البعض المنفلت بخصوص حصر السلاح بيد الدولة وازالة المظاهر المسلحة وعدم ارعاب الناس او خرق الدستور لم تكن الا حبرا على ورق او ان المعنيين بها هم فوق القانون وهم لايدركون خطورة انفلات السلاح لأغراض شخصية / سياسية / حزبية / عشائرية ولايعون التأثير السلبي لهذا الاستخدام على الامن المجتمعي او الامن القومي للدولة ، وفي حال استهداف المقرات الاجنبية الضيفة والتابعة لبعض الدول او الهيئات المعتمدة في العراق كالسفارات او مواقع وقواعد القوات الصديقة المرابطة في البلد قد يعرّض العراق الى طائلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة مرة اخرى ويشمل ذلك ضرب المطارات او الاستهداف العشوائي لأهداف معينة بذاتها قد تطال اناسا ابرياء وهو امر معتاد عليه فنيا ، لان فلتان السلاح هو حجة جاهزة للتدخل الاممي في شؤون البلدان الرخوة امنيا كالعراق .
وهذا الانفلات يعطي اكثر من صورة سلبية عن البلد امام الراي العام العالمي بان العراق بلد تائه وغير آمن سواء للسياحة او الاستثمار اضافة الى الصور السلبية التي كانت يرسمها الاعلام الاصفر عن العراق ابان اشتداد الهجمات الارهابية عليه اذ صوّر العراق بانه ارض محروقة وغير آمن اطلاقا ، فكان الراي العام العالمي يكتظّ بصور واخبار وفيديوهات مفبركة تثبت ذلك ، مع رسم صورة عن التشاحن الطائفي / العشائري / الاثني بين مكونات النسيج المجتمعي العراقي ، وكأن العراق يعيش حربا اهلية او طائفية طاحنة، وقد اعطى السلاح المنفلت الحجة برسم صورة بان العراق هو ساحة للحروب المشتعلة وبلد الازمات التي تولّد الازمات .
كما يشمل ذلك "الدكَة" العشائرية التي عفا عنها الزمن والصراعات المحتدمة بين العشائر لأي سبب كان وبكافة انواع السلاح ما ينتج عنه اضرارا مؤسفة بالأرواح والممتلكات في وقت ذهبت الكثير من دول العالم الثالث الى تنقية موروثاتها العشائرية الهجينة والسلبية التي توحي بتخلف البلد, ومن المؤسف له ان تطل علينا وسائل الاعلام بأخبار تشي بتحول بعض المناطق في العراق الى جبهات قتال حامي الوطيس، وهو مظهر من مظاهر الدولة العميقة المؤسفة التي يعمّقها البعض بتصرفاتهم غير اللائقة وطنيا .
أقرأ ايضاً
- عندما يصبح التعليم سلاحاً لتجهيل الأجيال
- الاستثمار في العراق سلاح ذو حدين !
- الفساد العلمي بوابة تحول المعرفة إلى سلاح في يد الفاسدين