- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أوكرانيا وحرب الفصائل: سيناريو الصراع البديل
بقلم: د. أثير ناظم الجاسور
في العام ١٩٧٩ عند احتلال القوات السوفيتية افغانستان الذي كان أحد اسبابه الدعم للحكومة الافغانية التي كانت تتعرض لهجمات من قبل الجماعات المعارضة لها وللسوفييت والاعتراض على سياساتها هناك، بالمقابل لم تستطع القوات السوفيتية المحتلة آنذاك ان تحقق اي تقدم او تطور في عملية إدارة الدولة في افغانستان لانشغالها بمقاتلة الجماعات الرافضة لوجودها (المجاهدين) بالرغم من انها كانت جادة في تعزيز وجودها وفرض سيطرتها وحتى وان كانت بالقوة، لكن بالمقابل قسم كبير من فشلها كان ناتج عن الضربات والتحركات التي تزعمتها الحركات المسلحة او الفصائل المسلحة الافغانية، وهذه الحركات الجهادية التي رفعت شعارها لمحاربة الشيوعية في افغانستان كانت مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي توافقت مصالحها من أهداف هذه الحركات فضلا عن ان الأخيرة وجدت بالدعم الأمريكية الضامن لديمومتها لقتال السوفييت، بالتالي وفرت لهم السلاح والتدريب والتنقل سيما ان الإدارة الأمريكية عملت على تصدير مشروع هذه الجماعات على اعتبارها باحثة عن الحرية والاستقلال تحت مسمى (مقاتلو الحرية).
لم تكتف الإدارة الأمريكية بالدعم اللوجستي لابل استضافت مجموعة من قيادات هذه الجماعات في البيت الابيض الذين اطلق عليهم (مليشيات ريغان) هذا الى جانب جولات بريجنسكي ولقاءاته بقيادات الجماعات الجهادية، حتى انها سهلت عملية التنقل بين الدول وعبور المقاتلين من الدول الاخرى العربية وغير العربية مما وفر زخما كبيراً لمقاتلة المحتلين السوفييت، وراحت ابعد من ذلك بعد أن غضت البصر عن دعم العديد من الدول لهذه الجماعات على سبيل المثال الباكستان والمملكة العربية السعودية سواء بالمقاتلين او المال، حتى ان المخابرات الباكستانية عملت كوسيط بين هذه الجماعات وبين الإدارة الأمريكية آنذاك هذا بالإضافة إلى تسهيل وصول المال لها، كل هذه التسهيلات والخطوات والدعم الكبير لم يكن في سبيل تحرير افغانستان لتكون للأفغانيين ولا لتحقيق السلام في هذه الأرض والمنطقة، الا ان من ضرورات انهاك السوفييت في هذه الساحة وفي ذلك الوقت بالتحديدتطلب اتخاذ إجراءات ورسم هكذا مشاريع فكانت افغانستان طعم تم اصطياد السوفييت به، وهذا بالمحصلة صب في مصلحة الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة واحد الأسباب المهمة في تقهقر القوة السوفيتية التي انهكت في أواخر سنواتها.
اليوم الساحة الاوكرانية تؤشر بذات الخطوات والوقائع، قد تختلف الارض والأسباب والمعايير التي من خلالها تقاس احداث هذه الحرب لكن الاسلوب واضح، لكن النتيجة هي حرب اختبار لكل الأطراف سواء تلك المشاركة فعليا او الأخرى التي تنتظر تحسبا من حدوث اي طارئ، يرى البعض ان دخول روسيا لأوكرانيا تكتيكيا لا يُعد من الخطوات المدروسة بشكل كامل أو على أقل تقدير لم تحسب القيادة الروسية مديات الاستمرار او التوقف بناء على التقديرات التي تعكسها ارض المعركة، والبعض الاخر يراها ضرورية بقياس درجات القوة الروسية ومحاولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من زيادة عملية السيطرة والنفوذ، بالتالي فالحرب هذه وبالرغم من وجود قوات الجيشين الروسي والاوكراني إلا ان روسيا تدعم الانفصاليين بالإضافة إلى قوات شيشانية قد تعمل على تشكيل جماعات اسلامية تعمل من ذات المنطلق الذي عملت به الجماعات في افغانستان، بالمقابل ستدعم الولايات المتحدة الفصائل المقاتلة إلى جانب الجيش الاوكراني التي بالضرورة ستحمل عناصر التطرف الذي يقابل تطرف الجماعات الاخرى، وليس من المستبعد ان لم يتم التوصل إلى تسوية ترضي جميع الاطراف خلق خلايا جهادية بمسمى الجهاد الاسلامي مما ستؤسس لجماعات شبيهة بالقاعدة وداعش إذا ما لم يتم اختراق هذه الجماعات من الجماعات الاخيرة بدعم روسي، وجماعات من المرتزقة بقيادة الولايات المتحدة بالنتيجة ستخلق امراء حرب جدد يأخذون على عاتقهم قيادة العمليات العسكرية بالإنابة عن المعسكرين، وهذا اخطر ما ستتوصل اليه الاحداث على الساحة الاوكرانية التي ستكون بؤرة لإنتاج عدم الاستقرار في المنطقة.
أقرأ ايضاً
- استراتيجيات الصراع الناعمة
- لنضرب الصهيونية من جديد.. الشركات البديلة بدلاً من الداعمة للاحتلال
- الغرب من دعم النازيين في أوكرانيا الى دعم الصهاينة في فلسطين تواطؤ على الشر