بقلم: عمـار سـاطع
لأننا كُنّا بحاجة ماسّة لارسال رسالة مُختلفة تُظهر الحقيقة التي تأخّر إعلانها كثيراً.. جاء حفل افتتاح النسخة 25 لبطولة خليجي البصرة بشكلٍ قطع الشكّ باليقين، وأفلح في تحقيق ما لم يتحقّق طيلة حفلات افتتاح 24 نسخة مضت!
**
الدرس الأول كان واقعياً ومُبهراً، لكونه سجّل فكراً عراقيّاً خالصاً، ونُضجاً ملموساً، وإبداعاً غير مسبوق، وأسلوباً غير مطروق، ولوناً لم يكن في الحسبان.
حينما نُعرّج على ما تحقّق في حفل افتتاح خليجي البصرة، فإننا نريد أن نستشهد بتفاصيل الاحتفاليّة بعاملي التأثيرات الضوئيّة (الليزر) والعرض بطريقة (هليوغرام) التي نتجت عنها واحدة من أجمل الفقرات التي ربّما لن تتكرّر في الأعوام القادمة، ومزجت بين الحضارة والتاريخ والإرث الفعلي للعراق، وراحت تُحاكي الاستنباطات الهامّة لبلاد الرافدين.
لقد دفع الافتتاح الخليجي في البصرة الفيحاء، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، للتصفيق لما شاهدهُ من انبهار بقي حبيس الظهور لأعوام، واكتمل مع الاستضافة الخليجيّة التي طال انتظارها طويلاً.
**
44 عاماً، هي الفاصلة الزمنيّة التي تفصلنا عن خليجي 1979 بنسخته الخامسة عن 2023 بنسخته الخامسة والعشرين، تغيّرت فيه أجيال وتبدّلت فيه الأحوال، وتجدَّدَت فيه التحدّيات وارتقت فيه المنافسات، وتحوّلت الدورة الى بطولة ولم تعد المنافسة حِكراً على الكويت المُهيمنة والعراق المنافس القوي أو السعودية المُتجدِّدة، وحتى قطر المتفوّقة والإمارات الناضجة، وعُمان المُتطلّعة وحتى البحرين التي خطفت آخر الألقاب.
نقول إن نسخة خليجي 25 ستُحطّم الأرقام وستكون عاملاً مساعداً في تقديم جيل كروي جديد للمنتخبات لنجوم ومواهب، كما كان عهدنا منذ الأزل في ظهور وسطوع اسماء مُهمّة قالت كلمتها الفصل مع منتخبات بلدانها.
**
الدرس الأهم، هو ذلك النضوج الجماهيري والثقافة العالية التي تحلّى بها من حضر الى مدينة البصرة ليؤازر ويشجّع، لا حتى أولئك الذين تحمّلوا الكثير من خلال حضورهم ومؤازرتهم لمنتخبات غير منتخبنا الوطني، إذ أن الحضور الى ملعب الميناء الأولمبي حقّق رقماً يُصعب تكراره في مواجهة منتخبي قطر والكويت، ووصل الى 30 ألف متفرّج، فيما كان الرقم أعلى من ذلك في مواجهة اليمن وعُمان والتي سبقت مباراة منتخبنا مع السعوديّة، وبقي من مُحبّي اللعبة أو المتشوّقين لرؤية منتخباتنا الشقيقة والمُتلهِّفين يُشجِّع برغم هطول الأمطار ووسط طقس بارد، في أجواء رُبّما لن تتكرَّر.
**
مسك الختام مع الإعلام الخليجي الذي يُثلج الصدور بتغطياته المتنوّعة من قلب الحدث الغامر بمشاعر الإخوّة في بصرتنا، فالحماسة لم تفتر، واللهفة لتوثيق كلّ شيء مستمرّة وكأن الزملاء يودّون إيقاف عقارب الساعة طوال أيام خليجي 25 لئلا يغفلوا عن اصطياد حدثٍ ما، فتراهُم نُشطاء ومتعاونين ومُحبّين ومُنصفين، وصِدقاً هي من أنجح البطولات حتى الآن التي لم يُعكِّر صفوها الإعلام مثلما شهدنا في نسخٍ ماضية!