- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ملاحظات حول الموازنة العامة الاتحادية – الجزء الثاني
بقلم: د. بلال الخليفة
تكلمنا حول العديد من المسائل في المقال السابق، وتكلمنا أيضا حول المخالفات التي ارتكبتها الحكومة لقانون الإدارة المالية الاتحادي رقم 6 لسنة 2019، وهنا اردت ان ابين عدة نقاط ومن اهم تلك النقاط هي ان الموازنة لثلاث أعوام ومرتكزين على المادة رابعا/ ثانيا من قانون الإدارة المالية.
(تبدأ الموازنة السنوية من (1/1) وتنتهي في (31/12) من السنة ذاتها ولوزارة المالية الاتحادية اعداد موازنة متوسطة الاجل لمدة (3) ثلاث سنوات تقدم مرة واحدة وتشرع وتكون السنة الاولى وجوبية ولمجلس الوزراء بناء على اقتراح من وزارتي التخطيط والمالية تعديلها للسنتين الثانية والثالثة وبموافقة مجلس النواب).
النص أعلاه بين لنا ان الموازنة تبدأ من اول يوم في السنة وهو 1 من كانون الثاني وتستمر لسنة واحدة وتنتهي في اخر يوم من السنة وهي 13 من كانون الأول، ولكن النص أعلاه أشار الى إمكانية تقديم وزارة المالية موازنة متوسطة الاجل لمدة ثلاث سنوات، وهنا لنا ان نتساءل
• هل تحتاج الموازنة العامة للسنة القادمة ان تمرر على مجلس النواب
• هل الحكومة الحالية لديها رؤية واضحة عن حجم المشاريع المستقبلية لثلاث أعوام
• هل تملك الرؤيا في وضع سقف لسعر برميل النفط وحجم الانتاج
• هل تملك الحسابات الختامية لعام 2022 كي تعتمد عليها في تقدير إنفاق عام 2023 والسنوات اللاحقة
ان للدكتور مظهر محمد صالح راي في هذه الامر وهو مطابق لما طرحته ويقول (إن "قانون الإدارة المالية" يؤكد على سنوية الموازنة؛ (سنة بسّنتها). ومن الممكن أن يقدم مجلس الوزراء خطة مالية لثلاث سنوات وليس لثلاث موازنات سنوية") وهو كلام دقيق.
كما ان الموازنة المطروحة من الحكومة الحالية للسنوات 2024 و2025 ان كانت تتضمن ارقام لأموال من المخطط لها ان تصرف فهذا يعني:
1-خطا كبير في تقدير حجم الايراد والنفقات، لان أوبك ومنظمة الطاقة الدولية ومؤسسات نفطية كبرى وبنوك عملاقة كجي بي موركان عاجزة عن التنبؤ بأسعار النفط، فكيف استطاع العراق ان يعرف ويحدد سعر برميل النفط بعد سنة وسنتين.
2-وان كانت الموازنة بدون تحديد أموال، فهذه لا تسمى موازنة، بل تسمى خطة، كالخطط الأخرى مثل الخمسية والعشرية وهذه خطوة جيدة، لكن توجد ملاحظتين وهما:
أ-لا تحتاج مصادقة البرلمان
ب-لا تحتاج ان تصرح المالية بانها موازنة اتحادية.
لو فرضنا ان الامر تم وكما صرح به من قبل الحكومة بتشريع قانون موازنة عامة اتحادية لثلاث سنوات، فهذا يعني:
1- لا مشاريع صناعية لثلاث أعوام القادة لان هذه الموازنة لم تتضمن أي مشروع صناعي، بل اهملت القطاع الصناعي بشكل ملف للنظر.
2-لا مشاريع زراعية سوى زيادة في مخصصات الفلاح، اهملت جانب مهم نعتمد فيه على دول الجوار.
3-لا توجد مشاريع للطاقة الكهربائية التي تعاني من نقص 13 ألف ميكا واط وان الزيادة السنوية هو بحدود 1500 ميكا واط وبالتالي سيرتفع العجز بحدود 4 الاف ميكاواط فيصبح العجز الكلي هو 17 ألف ميكا واط بعد انتهاء الثلاث السنوات التي خططت لها الحكومة.
4-لا تولي اهتماما للبنى التحتية للأعوام القادمة.
5-ان العراق بعد انتهاء الثلاث سنوات القادمة، سيذهب الى الدين من اجل سد الانفاق على الموازنة التشغيلية والرواتب بالذات نتيجة الارتفاق المبالغ فيه في الانفاق الجاري.
6-العراق لن يستطيع تبليط شبر واحد بعد ثلاث سنوات نتيجة إهماله للموازنة الاستثمارية، الإيرادات 134 تريليون والموازنة التشغيلية 150 تريليون هذا لعام 2023، فكيف الحال لبقية الأعوام ان استمر مسلسل التعيينات وصرف الأموال بدون تخطيط.
7-صادرات الإقليم المحددة في الموازنة هنا 400 ألف ولكن في الحقيقة هو أكثر من 550 ألف وان الأيام القادمة ربما يشهد ارتفاع بالإنتاج دون علم الحكومة الاتحادية ودون ان يدخل في الموازنة العامة الاتحادية.
8-خصصت الموازنة أموال للشركات النفطية العاملة في الإقليم وبهذا تكون هذه المادة مخالفة لقرار المحكمة الاتحادية، وكان المفروض ان يتم حل الموضوع بتشريع قانون النفط والغاز الاتحادي الذي يرسم مهام الجميع فيما يخص النفط والغاز. طبعا هذا سيستمر لثلاث سنوات دون رادع.
9-خصص مبالغ للإقليم دون في تمية الأقاليم مع العلم ان هذا المبلغ هو خارج تخصيصات الإقليم البالغ 12.6 % وهذا يعني زيادة نسبة الأموال المخصصة للإقليم بطرقة أخرى.
الخلاصة
لو فرضنا ان الموازنة ستعدل للسنة القادمة، ويعاد النظر فيها وكانها موازنة جديدة، اذن لماذا سميت موازنة لثلاث سنوات، هل السبب كي لا تمر على مجلس النواب، وكيف يرضى مجلس النواب ان يتم تحديد موازنة ترسم الخارطة الاقتصادية للبلد دون ان يكون له راي.
وان كان التعديل يمر على البرلمان كي يصوت عليها، بالتالي هي موازنة جديدة كباقي الموازنات التي اقرت بعد عام 2003، ولا داعي لتسمية هذه الموازنة بموازنة لثلاث أعوام، الا اللهم الامر لغرض الدعاية وتحقيق المكاسب الإعلامية.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- جرائم الإضرار بالطرق العامة