- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شرح دعاء اليوم الثاني من شهر رمضان المبارك
بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي
(اللهم قربني فيه إلى مرضاتك، وجنبني فيه من سخطك ونقماتك، ووفقني فيه لقراءة آياتك برحمتك يا أرحم الراحمين).
في هذا الدعاء الشريف (ثلاثة) مقاطع مهمة في حياة الإنسان ينبغي للمؤمن السعي لتحقيقها وهي:-
ا- تحصيل رضا الله تعالى
٢- الإبتعاد عن مواطن سخط الله
٣- كسب التوفيق لقراءة كتاب الله
- الفقرة الأولى: (اللهم قربني فيه إلى مرضاتك)، تحصيل رضا الله تعالى: وهو السعي الحثيث من قبل الإنسان أن تكون اعتقاداته وأعماله مطابقة لإرادة الله عز وجل امتثالاً وامتناعاً، فيمتثل أوامره تعالى سواء في الإعتقاد أو في العمل ويجتنب ما يخالف إرادة الله سواء في الإعتقاد أو في العمل, وهنا في هذا المقطع من الدعاء الشريف يجدر فينا السعي لطلب رضا الله، وهذا الرضا له أسباب ومقتضيات لابد من سلوكها، لأن الله تعالى جعل عالم الدنيا يجري وفق سنن وقوانين منها أنها تجري وفق سنة (أنها دار أسباب و مسببات), وعليه فلابد من توافر أسباب ومقتضيات للرضا الإلهي، وقد أشار الإمام زين العابدين عليه السلام إلى ذلك بقوله: (الحمد لله الذي حبانا بدينه واختصنا بملته وسبلنا في سبل إحسانه لنسلكها بمنه إلى رضوانه).
- إذن.. هناك أسباب ومقتضيات للرضا الإلهي، منها وأهمها العمل الصالح، حيث أن العمل الصالح بشتى أشكاله يكون موجباً لرضوان الله عزوجل: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). و(فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ). فالإستغفار والصدقة والتواضع هي أسباب لرضا الله تعالى، فعن الإمام الجواد عليه السلام أنه قال: (ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله: كثرة الإستغفار، وخفض الجانب، وكثرة الصدقة).
- الفقرة الثانية: (وجنبني فيه من سخطك ونقماتك)، الدعاء هنا يشير الى مسالة سخط الله عزوجل الذي هو نتيجة لأعمال الإنسان التي صدرت منه وقد وقعت على خلاف الإرادة الإلهية (العصيان)، فعصيان العبد وقع سبباً لسخط الله وغضبه، وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام الى ذلك بقوله: (اللهم اغفر الذنوب التي تنزل النقم).
- إذن.. إن غاءلة المعاصي هي التي تسبب سخط الله ونزول نقمه: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)، فهناك علاقة طردية بين العمل والجزاء، فكلما أوغل الإنسان في المعاصي، كلما زاد السخط الإلهي، وهذا المعنى قد أشار اليه الإمام الرضا عليه السلام بقوله: (كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون).
- الفقرة الثالثة: (ووفقني فيه لقراءة آياتك برحمتك يا أرحم الراحمين)، تعرض الدعاء في هذا المقطع الى موضوع مهم في حياتنا جميعاً ألا وهو موضوع القرآن الكريم، والحث على قراءته وتلاوته، حيث أكدت الآيات والروايات الشريفة على قراءة القرآن بل المواظبة على قراءته لما لها من الأثر الكبير على حياة الإنسان روحياً وتربوياً واخلاقياً، لأنه كتاب هداية وإصلاح، والمصدر الأساس لتنظيم حياة الإنسان وإخراجهم من الظلمات الى النور. قال تعالى في محكم كتابه العزيز: (وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). وورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (إن أردت عيش السعداء وميتة الشهداء والنجاة يوم الحشر والأمن يوم الخوف والنور يوم الظلمات والظل يوم الحرور والري يوم العطش والوزن يوم الخفة والهدى يوم الضلالة فادرس القرآن، فإنه ذكر الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان). وأنه مأدبة الله الى خلقه كما ورد عن النبي (صلى الله عليه واله): (إن هذا القران مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم).
وقد ورد الحث على قراءة القرآن الكريم ونختصر على هذه الرواية الواردة عن الإمام زين العابدين عليه السلام: (من استمع حرفاً من كتاب الله عزوجل من غير قراءة كتب الله له حسنة ومحا عنه سيئة ورفع له درجة. ومن قرأ نظراً من غير صوت كتب الله بكل حرف حسنة ومحا عنه سيئة ورفع له درجة. ومن تعلم منه حرفاً ظاهراً كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات).
- اللهم أعنا على صيامه وقيامه وتلاوة آياته وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر