بقلم: ثامر الهيمص
الاتفاق الايراني السعودي بضمانة صينية, بعد تهيئة الاجواء في العراق وعمان، هذا الاتفاق له ارتدادات كبيرة تنعكس في بلدنا ثم باقي اقليم الشرق الاوسط واواسط اسيا، ولكي نكون بمستوى الحدث النوعي هذا ينبغي اولا تأثيث البيت العراقي باثاث عراقية، لكي لا تمسح سحنتنا الاحداث والهزات الجيوبوليكتيكية.
فجولات التراخيص النفطية والغازيه اخيرا رغم نفخ موازنتنا بالبترو دولار، لكن الحال بين تراجع ومحاولات خجولة اجتماعيا، اذ جداول الفقر والامية وتراجع الخدمات اجمالا لا تحتاج الى ادلة او احصائيات، اذ الرثاثة بلغت اشواطا وصلت الى المخدرات والتهريب بفساد متمأسس يتجذر.
المقصود بالتراخيص العراقية ان نحيي ونعبئ امكاناتنا الذاتية، التي خنقتها مؤسسة الاستيراد العتيدة وكان حصادها ما كان. بالاضافة للمرض الهولندي الذي شل اقتصادنا الحقيقي ليستثمر به الفساد، ليصل الامر ان القطاعين الزراعي والصناعي لا تصل مشاركتهما الى اقل من 10% من الموازنة، والفضل للبترو دولار، لدرجة عمليا ليس لدنيا ميزانية حقيقية لاكثر من عقدين اذ تغيب الرقابة والتخطيط ويتكرر الطاس والحمام سنويا، وما يترتب على ذلك في كافة المجالات.
السبب ان اقتصادنا ريعيا ويراد له ذلك لسهولة تقسيمة بدون متاعب بين ممثلي الكيانات الثلاثه. ودرءا لذلك وللخروج من خانة التراجعات, يتوجب ان تعلن الحكومة عن جولات تراخيص في الاقتصاد الزراعي والصناعي, اذ لدينا اكثر من 10000 مشروع متراكم منذ عام 2014. وغيرها لحد الان لم يجر ذكرها في الزراعة خاصة، مقابل ذلك لدينا تجارب في الاقتصاد الحقيقي ناجحة في الزراعة الان، كما تقدمها العتبات المقدسة من مواردها باستثمارات ناجحة في الزراعة والثروة الحيوانية، اي بامكانات ذاتية، هذا السياق الذي تنتجه العتبة يصلح كنظام لباقي الجهات كآليات عمل ونموذج يعتد به وكتجربة ناجحة، لم تكلف الموازنة.
كما لدينا المؤسسة العشائرية التي لم نسمع او نرى لها نشاط اقتصادي رغم انتماء الفلاحين لها’ بل فقط نسمع بالدكة والدية في المدينة اكثر من الريف, رغم انه هناك دائرة متكاملة في وزارة الداخلية لشؤون العشائر. اليس من الممكن ان تعلن جولات تراخيص زراعية بشقيها النباتي والحيواني’ وقيام شيوخ درجة (ا) مصنفين في وزارة الداخلية بالتعاطي مع الجولات اما الاستثمار المباشر بسلف حكومية لانعاش الريف بزراعة او انتاج حيواني بالتنسيق مع ادارات العتبات المقدسه اما لوجستيا او كشركاء والشيوخ ورجال ادارة العتبات ليس غرباء عن بعض منذ ثورة العشرين على الاقل.
كل هذا لضمان الامن للاستثمار وضبط الانفلات في الريف سيما بعد شحة المياه ونتائجها الاجتماعية, كما ان الهياكل الاجتماعية العقيمة تستطيع ان تنتج وتساهم بلا بروتوكولات ومناسبات ووجاهات بعناوين لا زالت فارغة من اي اداء اقتصادي او امني’ بل البعض بات عنصر مهدد للامن والنشاط الاستثماري, اما الجمعيات الفلاحية فلا تفرق كثيرا عن دور الوجهاء والمشايخ كدور في التنمية الزراعية بل اقتصر دورها كاطراف لجهات حامية لها من مستلزمات لا علاقة لها بدورها المؤسس لها, وهذا ليس ذنبهم هم والمشايخ بل ذنب المتصدي للعمل الاقتصادي الوطني.
وهكذا ننعطف الى القطاع المختلط الذي همش لاسباب ايضا متعلقة يالحصار الظالم قبل 2003 وبعدها رغم نجاح هذه المؤسسه, ولا يفوتنا معاملنا في الزراعة والصناعة من النسيج والجلود الى معامل كربلاء في الصناعات الغذائية مرورا بالصناعات الانشائية فالمرض الهولندي الذي جعل وزارة الصناعة تحت رحمته وهكذا الزراعة. كل هذا بسبب البنية التحتية للاسعار بسبب المرض المذكور الذي تعشق اوتوماتيكيا مع النزعة اللبرالية التي وضع حجرها الاساس مجلس بريمر.
فمثلا لدينا فرص استثمارية كاراض مستصلحة مساحتها 891الف دونم في واسط, ويبلغ عدد الابار الجوفية 182 بئر منها 105 للقطاع الحكومي و 77 للقطاع الخاص, وجميع الابار داخلة للخدمة. (مجلة الثقافة الجديدة ص53/ اذار 2022) وهكذا مشروع الدجيلة المعطل منذ الحرب العراقية الايرانية وكان المخطط له عبارة عن 4 محطات ابقار بواقع كل محطة 5000 بقرة ومعمل البان واسالة ماء, ومعمل تعليب للحوم 100 الف دونم استصلاح من اصل ربع دونم صالح للزراعة. المصدر السابق ص/55. وهكذا في الانبار اذ تختزن كمية كبيرة جدا من المياه الجوفية. في هذه نسأل اين مركز اباء للابحاث الذي ارتبط غيابه بتراجع الزراعة بجناحيها الحيواني والنباتي؟. وهذا غيض من فيض. فمثلا لماذا لا يقام سد شط العرب لمنع دخول اللسان الملحي الذي ما زال جاثما على ضفتي الشط حتى الساعة هذه على الرغم من الامطار والسيول فقد ذهبت آمال البصريين بالخطط والمشاريع التي تحدثت عنها الحكومة مع الشركة الايطالية والهولندية وغيرها ولم يجر فعل من الافعال بهذا الشأن. (جريدة المدى ليوم 30/11/ 2022), هذا ناهيك من تلكأ مشاريع تبطين الانهر بالسمنت العراقي الذي اكتفينا ذاتيا منه, اذ يمنع هدر الماء بنسبة 80% (جريدة الصباح ليوم29/12/ 2022).
فاذا ما نفذت المشاريع المتوقفة والمقترحة في الصناعة والزراعة تصبح لدينا بنية تحتية رصينة, شرط ان تكون عراقية, لتصبح عناصرها ومكوناتها العراقية, حاجزا اساسيا ضاغطا حقيقيا امام التدفق الاستهلاكي اولا للحد من من مضاعفات المرض الهولندي, ومن خلال تحصين الحدود, في ضوء لجم التدفق الدولاري الذي بات ضرورة. فجولات التراخيص المقترحة يراد لها ان نستعجل بها ولكن باداوات الجهات المعنية وليس من خلال المجربين ثانيا, حيث لم نخسر خبرتهم بل نربح عدم تدخلهم. اذ تتقدم الجهة المعنية بالتراخيص صناعيا او زراعيا او سياحيا, بطلب مباشر لوزارة التخطيط التي من المفروض لديها قاعدة معلومات تفصيليه منسقة مع الجهات القطاعية المعنية وزارة الداخلية مثلا بما يخص المتقدمين من المشايخ ولكن لا يعني عودة الاقطاع بل كشركات مساهمة تعلن اسهمها, والعتبات تتقدم مباشرة الى وزارة التخطيط بعد ان تكون قد حددت ابعاد ونوعية المشروع, وهكذا القطاع المختلط باحياء مشاريعه بشروطه كصاحب تجربة, اما الجمعيات الفلاحية فيمكن ان تكون لديها مشاريع نموذجية في كل محافظة. اما وزارات الصناعة او الزراعة اوالسياحة عليها تقديم ما لديها من امكانات لكي تنشأ مشاريع من المتلكئة او المتوقفة بالتنفيذ المباشر’ سيما انه لدينا كوادر وترهل في عدد المنتسبين.
لا شك يثور تسائل صارخ مستجيرا مستغيثا من ضنك الدائرة التي تضيق حول رقابنا مع تزاحم الاحداث, الم يكفي. فمظاهرنا تؤشر نسب فقر لا نحسد عليها امام فرص تنمية كثيرة وكبيرة مشلولة تذكرنا بها مواسم الانتخابات البرلمانية الخالية من اي مشروع اقتصادي لسنة واحدة, كوننا نتأرجح مع النفط ومع الاحداث المحلية والاقليمية والدولية اضافة للفقر في الكفائات التي حجبها التحاصص.
فمثلا لدينا 72 مصرفا اهليا اسلاميا وتقليديا, ولم نجد اي اهتمام لدى اكبرهم واصغرهم بغير سوق العملة وهذه طبيعة العمل المصرفي يسعى للربح السهل, وايضا ليس ذنبهم كما نظرائهم المشايخ والجمعيات والنقابات ذات العلاقة, حيث كليهما غير مطلوب منهما العمل التنموي خارج اطارات الاقتصاد الريعي.
رغم ملفات حادة تؤرقنا مثل ملف المياه والكهرباء والاستيراد الجشع الذي كرس وعمق المرض الهولندي من خلال هيمنة الريعية, اذ بدون الخروج من هذا الارتهان تصبح جميع المحاولات مجرد ترقيع يكرس مؤسسة الاستيراد وما يصاحبها من دعم اقليمي ودولي, حيث صندوق النقد الدولي فقط يهتم بشروطه قبل شروط نهضتنا وهذا ايضا من طبائع الامور والمتصدين اعلم منا جميعا. ولكن ضوء في النفق يلوح بعد تناغم الحدث الدولي واستجابة الاقليمي, نأمل بالطرف العراقي ان يمضي الان بمشروعه ومنهاجه ان يسارع الخطى الجريئة.
أقرأ ايضاً
- فزعة عراقية مشرّفة
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- حماية الاموال العراقية قبل الانهيار