بقلم: نجلاء عبد علي عمران
من أهمّ خصائص ليلة القدر اندماج هذه الليلة مع شخص الإمام عليّ(عليه السلام)؛ فكأنّما قد كتب الله سبحانه وتعالى أن تُفتَح أبواب رحمته في هذه الليلة على مصراعيها وأن يشفع الشفيع للناس بما للإمام علي(عليه السلام) من شأن عند الله تعالى. لا شكّ في استحالة انفكاك الارتباط والعلاقة القائمة بين ليالي القدر وبين الإمام عليّ(عليه السلام) وإحياء ذكراه، وأنّ هذا الارتباط لا يمكن إنكاره أيضاً. ارتباط ليلة القدر بالإمام علي(عليه السلام).
لأجل ذلك كانت ليلة القدر خيراً وذات قيمة أكثر من ألف شهر، ولذا يمكننا أن نستشفع عند الله عزّ وجلّ بتلك الشخصيّة الجليلة وأن ندعوه بتعجيل الفرج. وعلى هذا الأساس فإنّ وجود العلاقة المعنويّة بين ليلة القدر والإمام عليّ(عليه السلام)، على نحو يستلزم أن يهنّئ الإنسان الآخرين ويعزّيهم بحلولها؛ والسبب في التهنئة هو كون هذه الليالي نورانيّة وذات فضيلة كبيرة بل أنّها تعادل ألف شهر، فيجب أن نشكر الله تعالى على هذه الفرصة وأن نوفي هذه النعمة العظيمة قدرها ومكانتها ونعمل على الاستفادة منها بأكبر قدر ممكن. وأمّا العزاء فالسبب من وراءه هو استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي(عليه السلام) حيث تقارنت كلّ من إصابته واستشهاده بهذه الليالي، ولعلّ الله عزّ وجلّ قد أراد بهذا التقارن أن يتّخذ الناس هذه الشخصيّة العظيمة أسوة وأن تكون سبباً في تقرّب الناس الى الله تعالى.. لان الله سبحانه جمع الكون في هذه الليلة.
فمقدّرات الإنسان تحدّد في ليلة القدر بما يتناسب ومدى اتّصاله بالوليّ الكامل حضرة بقيّة الله أرواحنا فداه، فكيفيّة العلاقة والصلة بين نفس الإنسان ونفس حضرة صاحب الزمان (عليه السلام) هي التي تحدّد نصيبه إلى السنة القادمة، وكلّما خلصت تلك العلاقة وخلت من الغلّ والغشّ، وصفت من الشوائب وطهرت، كلّما ازداد توفيق المؤمن، وعظمت السعادة المقدّرة له في أيّام عمره وحياته. فنصيب أولياء الله في تلك الليلة الذين اتحدت نفوسهم مع نفس الإمام وصار لها معه حال من الصفاء والصحبة هو عبارة عن تجلّي الولاية الكليّة والفناء في النفس الملكوتيّة للإمام. أمّا سائر الناس فيتّخذ كلّ منهم مكانه في مراتب و درجات مختلفة، وذلك بما يتناسب ومعرفته بساحة الإمام المقدّسة. ولذا على الإنسان في ليلة القدر أن يصلح ما بينه وبين ربّه و ما بينه وبين واسطة الفيض في عالم الوجود، وأن ينظر إلى الموقع الذي أعدّه لنفسه عند الله عزّ وجلّ وعند الإمام (عليه السلام).
فالإمام السجاد (عليه السلام يوضح نزول القرآن بقوله: نزل القرآن كاملاً في ليلة القدر على قلب النبيّ المبارك، ثمّ بعد ذلك نزل تدريجاً وبشكل مفصّل طوال ثلاثة وعشرين عاماً، ففي زمان النبيّ كانت الملائكة تنزل على النبيّ، وفي زمان أمير المؤمنين تنزل على أمير المؤمنين، و في زمان الإمام الحسن هي في خدمة الإمام الحسن، وهكذا في زمان كل وليّ من الأولياء من أصحاب مقام الإمامة تنزل الملائكة لتكون في خدمة ذلك الإمام، إلى زمن إمام زماننا عجّل الله تعالى فرجه.