- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الفساد المبطن والإداري الناجح
محمد جواد الميالي
رصاصة الرحمة، بدأت تقترب من جسد المؤسسات الحكومية، بعد أن إنتشر وباء الفساد فيها، حتى تسبب في تنخر كل زاويةٍ منها.
أصبحت المراكز الإدارية في الدولة، كجسد رجلٍ بلغ المائة من عمره، وهو ممد على رصيفٍ ينتظر نهايته، بعد أن قضى فترة خمسة عشرة سنة من عمره، وهو يتعالج بأدوية السرطان، هذا هو مثال الفساد في دوائر الدولة.
الفشل في إدارة السلطة في العراق، لم يقتصر فقط على الرئاسات الثلاثة في البلد وأعضاء البرلمان، بل أستشرى حتى أصاب كل ركنٍ في الدولة العراقية، إن الفساد المالي والإداري، موجود حتى بمؤسساتنا الصغيرة، ويشترك فيه أصغر الموظفين إلى أكبرهم، فأحيانا يكمن الفساد في المدير العام، وسمسيره يكون أحد الموظفين الصغار بالدرجة الوظيفية في نفس المؤسسة، كل ذلك إنعكس على الواقع الخدمي، والتقدم العلمي في البلد، والمتضرر الوحيد من هذا كله، هو المواطن البسيط.
(الواسطة، العرف، الحزب الفلاني)، كل هذهِ المصطلحات، تجدها تتداول بين ألسنة الناس، إذا كان هناك معاملة في إحدى دوائر الدولة، فالمواطن العراقي لا يعرف حالياً، أي سياق قانوني لأنجازها، لأنه سيبحث مباشرة، على من سينجز له هذا العمل بأقصر الطرق، والسبب أنه تكونت هالة لدى أغلب العراقيين، على أن كل شيء ينجز، يحتاج إلى ما يسمى (بالواسطة)، المحاصصة السياسية، كانت السبب الرئيسي، بهذا الكم الهائل لإنتشار الفساد، فبعد تشكيل كل حكومة، تتجه الأحزاب والتيارات، تقطيع الكيكة وتقاسمها فيما بينهم، وكل هذا بعيداً عن أي معايير للكفائة أو النزاهة في إختيار الأشخاص.
تبطن هذا الفساد، بصورة جعل ساسة اللاساسة، يخرجون بما يسمى بالتكنوقراط، الذي أثبت فشله منذ الثواني الأولى لإنطلاقهُ، داخل أروقة الوزارات ومؤسساتها، فاليوم العمل داخل أغلب الدوائر، يحتاج إلى إداريين ماهرين، ناهيك عن معايير الكفائة والنزاهة في إختيارهم، ولكن رغم هذا الفشل الذي تسبب به أصحاب التكنوقراط، إلا أنه ظهر في الجانب الآخر من الجسد، جزءٌ سليم يسمى بالإداري الناجح، الذي غرد خارج السرب، وأثبت جدارته في إدارة مفاصل الدولة، لذلك المرحلة القادمة، تتطلب منا أن نحدث ثورة، داخل الكابينة السياسية، التي تسببت بضياع مستقبل العديد من الشباب، وإخراج العراق من هذا الفساد المبطن، وإختيار الاكفأ من الإداريين، لقيادة دفة الحكم في العراق، بعيداً عن أي محاصصة حزبية.
الإنتخابات القادمة، ستكون الفيصل لعمل إنقلاب على هذهِ الوجوه الفاسدة، التي تسببت بتسونامي الفساد، الذي ضرب القلب النابض للمؤسسات العراقية ودمرها، فهل سيكون للشباب، دور فعال في إزاحة هذا الفساد؟ وأحداث التغيير؟
أقرأ ايضاً
- كيف حارب السنغافوريون الفساد؟
- استرداد العائدات المتحصلة من جرائم الفساد
- التحكيم العراقي بين التخلف والفساد