حجم النص
بقلم : عبود مزهر الكرخي
ها قد حلت أيام شهر عاشوراء الحزينة بكل فواجعها ومآسيها ، وتلقي بظلال الحزن على هذا الشهر وهو شهر أحزان محمد وآل محمد ، والذي يستذكر فيه الموالين والمسلمين وكل البشرية استشهاد خامس أصحاب أهل الكساء الأمام أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)وأهل بيته الأطهار واصحابه المنتجبين الأخيار ، وكذلك سبي ذراري رسول الله(صل الله عليه وآله وسلم) ، في مشهد يثير الحزن والهلع والاشمئزاز والحنق عن كل ما جرى في أرض الطفوف كربلاء الحزينة ، من إجرام وقتل وترويع إلى خير خلق الله في ذلك ومعه أهل بيته ، وكانت بحق مأساة يندى لها جبين الإنسانية والتي كانت لا تمثل في أي فصل من فصولها يجري أي وازع ديني أو أخلاقي ، بل هي ترتقي إلى جرائم الحرب ضد الإنسانية كما يعبر عنها في وقتنا الحاضر.
فهي تمثل قمة الإجرام والوحشية فيما جرى على أرض الغاضرية ، ضد فتية أمنوا بالله وزادهم الله هدى فكانوا بحق هم أشبه بأصحاب الكهف والرقيم والذي تم ذكرهم في القرآن الكريم.
ورغم القلة القليلة والثلة المؤمنة في معسكر الحسين(عليه السلام)إلا أنهم كانوا رمز للشجاعة والبطولة والعنفوان والشموخ فهم لاقوا معسكر الكفر والطغاة معسكر أبن زياد وعمرو بن سعد(عليهم لعائن الله)وهم جحافل من العدد والعديد ، لكن لم يرهبهم بل تلقوا كل ذلك وهم أقوياء صلبين في دينهم وأيمانهم ، راسخين العقيدة في قائدهم وإمامهم والدفاع عنه وعن ذراري رسول الله(صل الله عليه وآله)بكل بسالة ووعي وتصميم.
وهكذا يبنى الإنسان المؤمن القوي ، والذي قال عنه يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ) (1)، ومن هنا كان الله يحب أهل الإيمان، والله وليهم، بقوله تعالى { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } (2).
فلهم من ولاية الله ، على قدر ما لهم من الإيمان والتقوى ، فكان أنصار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)هم فعلاً من أولياء الله وكلهم تجدهم على قدر عالي من الأيمان والورع والدين ، والذين تفوقوا على أهل الدنيا بدينهم وأيمانهم وحتى على أهل الأخرة بي جهاد بطولي لم نجده في كتب الأولين والآخرين ، فكانوا من القوة في الإيمان والشجاعة والدين مما لم يكن يفوقهم أحدهم أخر.
وهذا القوة هو ما أوصى به الله سبحانه وتعالى أنبياؤه وعباده الصالحين ، فهذا من القوة، والقوة في أخذ الحق ، وما ذكره في محكم كتابه بقوله { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } (3).
والله وصف أصحاب النبي (صل الله عليه وآله) بأنهم: { أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } (4)، فالجلَد على الطاعة، والصبر على ذلك كله من القوة التي يحبها ربنا جل وعلا...
وكان أنصار الأمام الحسين(عليه السلام)هم من القوة التي حار بها الأعداء والأصدقاء بحيث كانت يتلقون الموت وبصدور رحبة لاتهاب الموت بل هي مشتاقة له وترحب والأهم في شوق إليه ، وهكذا هم اصحاب الأمام الحسين(عليه السلام) وقد وصفهم الشاعر كما قيل فيهم :
قوم إذا نودوا لدفع ملمة ***والخيل بين مدعس ومكردس
لبسوا القلوب على الدروع واقبلوا *** يتهافتون على ذهاب الأنفس (5).
فهم كانوا ثلة خيرة وأحسن وصف لهم كانوا من رجال الشهادة ومن أهل الآخرة وليس من أهل الدنيا والطالبين بل كانوا يتحرقون للموت والشهادة بين أيدي أمامهم وقائدهم أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) فهم كواكب منيرة كانوا يتحلقون الشمس التي يستمدون من انوارها المتألقة كل تلك الإشعاعات الخيرة والنبيلة والتي تشع بأنوارها على الإنسانية بكل الخير والمحبة والتسامح والآخاء ، فهي شمس الهداية والإرشاد والتي تشع بأنوارها المحمدية العلوية الفاطمية ولتكون هذه الأنوار هي الشفاعات المباركة والنورانية التي يتقبل الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بفضل تلك الأنوار الساطعة والتي تحدق بعرش العزة والجلالة وحوله ، وقد صدق القرآن في هذا الأمر عندما قال {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} (6).
فكانوا هم السبيل إلى رضوان الله تعالى ومغفرته عن طريق الشفاعة لتلك الأنوار المحمدية المتألقة من أهل بيت النبوة(سلام الله عليهم أجمعين).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2664، صحيح .
2 ـ [يونس: 62-63] .
3 ـ [مريم : 12].
4 ـ [الفتح:29].
5 ـ لواعج الأشجان - السيد محسن الأمين - الصفحة ١٣٨. منشورات المكتبة الشيعية.
6 ـ [الفرقان : 57].
ها قد حلت أيام شهر عاشوراء الحزينة بكل فواجعها ومآسيها ، وتلقي بظلال الحزن على هذا الشهر وهو شهر أحزان محمد وآل محمد ، والذي يستذكر فيه الموالين والمسلمين وكل البشرية استشهاد خامس أصحاب أهل الكساء الأمام أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)وأهل بيته الأطهار واصحابه المنتجبين الأخيار ، وكذلك سبي ذراري رسول الله(صل الله عليه وآله وسلم) ، في مشهد يثير الحزن والهلع والاشمئزاز والحنق عن كل ما جرى في أرض الطفوف كربلاء الحزينة ، من إجرام وقتل وترويع إلى خير خلق الله في ذلك ومعه أهل بيته ، وكانت بحق مأساة يندى لها جبين الإنسانية والتي كانت لا تمثل في أي فصل من فصولها يجري أي وازع ديني أو أخلاقي ، بل هي ترتقي إلى جرائم الحرب ضد الإنسانية كما يعبر عنها في وقتنا الحاضر.
فهي تمثل قمة الإجرام والوحشية فيما جرى على أرض الغاضرية ، ضد فتية أمنوا بالله وزادهم الله هدى فكانوا بحق هم أشبه بأصحاب الكهف والرقيم والذي تم ذكرهم في القرآن الكريم.
ورغم القلة القليلة والثلة المؤمنة في معسكر الحسين(عليه السلام)إلا أنهم كانوا رمز للشجاعة والبطولة والعنفوان والشموخ فهم لاقوا معسكر الكفر والطغاة معسكر أبن زياد وعمرو بن سعد(عليهم لعائن الله)وهم جحافل من العدد والعديد ، لكن لم يرهبهم بل تلقوا كل ذلك وهم أقوياء صلبين في دينهم وأيمانهم ، راسخين العقيدة في قائدهم وإمامهم والدفاع عنه وعن ذراري رسول الله(صل الله عليه وآله)بكل بسالة ووعي وتصميم.
وهكذا يبنى الإنسان المؤمن القوي ، والذي قال عنه يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ) (1)، ومن هنا كان الله يحب أهل الإيمان، والله وليهم، بقوله تعالى { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } (2).
فلهم من ولاية الله ، على قدر ما لهم من الإيمان والتقوى ، فكان أنصار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)هم فعلاً من أولياء الله وكلهم تجدهم على قدر عالي من الأيمان والورع والدين ، والذين تفوقوا على أهل الدنيا بدينهم وأيمانهم وحتى على أهل الأخرة بي جهاد بطولي لم نجده في كتب الأولين والآخرين ، فكانوا من القوة في الإيمان والشجاعة والدين مما لم يكن يفوقهم أحدهم أخر.
وهذا القوة هو ما أوصى به الله سبحانه وتعالى أنبياؤه وعباده الصالحين ، فهذا من القوة، والقوة في أخذ الحق ، وما ذكره في محكم كتابه بقوله { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } (3).
والله وصف أصحاب النبي (صل الله عليه وآله) بأنهم: { أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } (4)، فالجلَد على الطاعة، والصبر على ذلك كله من القوة التي يحبها ربنا جل وعلا...
وكان أنصار الأمام الحسين(عليه السلام)هم من القوة التي حار بها الأعداء والأصدقاء بحيث كانت يتلقون الموت وبصدور رحبة لاتهاب الموت بل هي مشتاقة له وترحب والأهم في شوق إليه ، وهكذا هم اصحاب الأمام الحسين(عليه السلام) وقد وصفهم الشاعر كما قيل فيهم :
قوم إذا نودوا لدفع ملمة ***والخيل بين مدعس ومكردس
لبسوا القلوب على الدروع واقبلوا *** يتهافتون على ذهاب الأنفس (5).
فهم كانوا ثلة خيرة وأحسن وصف لهم كانوا من رجال الشهادة ومن أهل الآخرة وليس من أهل الدنيا والطالبين بل كانوا يتحرقون للموت والشهادة بين أيدي أمامهم وقائدهم أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) فهم كواكب منيرة كانوا يتحلقون الشمس التي يستمدون من انوارها المتألقة كل تلك الإشعاعات الخيرة والنبيلة والتي تشع بأنوارها على الإنسانية بكل الخير والمحبة والتسامح والآخاء ، فهي شمس الهداية والإرشاد والتي تشع بأنوارها المحمدية العلوية الفاطمية ولتكون هذه الأنوار هي الشفاعات المباركة والنورانية التي يتقبل الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بفضل تلك الأنوار الساطعة والتي تحدق بعرش العزة والجلالة وحوله ، وقد صدق القرآن في هذا الأمر عندما قال {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} (6).
فكانوا هم السبيل إلى رضوان الله تعالى ومغفرته عن طريق الشفاعة لتلك الأنوار المحمدية المتألقة من أهل بيت النبوة(سلام الله عليهم أجمعين).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2664، صحيح .
2 ـ [يونس: 62-63] .
3 ـ [مريم : 12].
4 ـ [الفتح:29].
5 ـ لواعج الأشجان - السيد محسن الأمين - الصفحة ١٣٨. منشورات المكتبة الشيعية.
6 ـ [الفرقان : 57].
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2