- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الإرهاب...لادين له...عبر التاريخ / 17
حجم النص
بقلم : عبود مزهر الكرخي
ومن هنا كان سب الإمام علي(عليه السلام)قد اتخذ سنة و شتمه على المنابر ولمدة ألف شهر. وفرض البراءة من علي ( عليه السلام ) ودينه واللعن على شيعته ومحبيه ، حتى نشأت عليه أجيال ، وغرس جذور العداء بين المسلمين ، وكأنهم بذلك يدفعون به إلى عنان السماء ، ويرفعونه عاليا حتى أصبحت أقدامه فوق رؤوسهم .
المصادر :
1 ـ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٣ - الصفحة ١٩٧. منشورات المكتبة الشيعية. نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ١٨٠. منشورات المكتبة الشيعية.
2 ـ في ظلال نهج البلاغة ـ ج1. شرح محمد جواد مغنية. الناشر : دار العلم للملايين.
3 ـ طه حسين. الفتنة الكبرى (الجزء الثاني) علي وبنوه.
4 ـ البداية والنهاية. ابن كثير - إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي. ترجمة يزيد بن معاوية. [ ص: 642 ].
5 ـ نهج البلاغة، الخطبة: 21.
ليؤسس معاوية له حكم الملوك والأباطرة له في الشام ، وكان مستشاره سرجون البيزنطي المسيحي هو من يخطط له، وكان من أقرب الناس له ، ومن بعده الى خلفه اللعين يزيد، وقد عرف معاوية بالدهاء والغدر وعدم الورع عن فعل أي شيء وبدون أي وازع أخلاقي أو ديني ، والذي يصفه بعض الكتاب والمؤرخين من اصحاب الهوى الأموي بأنه رجل سياسة ورجل حكم عكس أمير المؤمنين(عليه السلام)وهذا هو منتهى التجني والعمل على الحط من منزلة الإمام علي(عليه السلام)والتي لا يدانيها أحد من العالمين من الأولين والآخرين بعد نبينا الأكرم محمد(صل الله عليه وآله)حيث يشير أمير المؤمنين(عليه السلام)في أحدى خطبه ومن كلام له عليه السلام : (والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة ) (1).
ولهذا يقول جورج جرداق: " إن الذين قالوا: علي لا يعرف السياسة يريدون من علي أن يكون معاوية بن أبي سفيان، ويأبى علي إلا أن يكون ابن أبي طالب " (2).
وقال طه حسين: " حارب أبو سفيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأظهر في حربه قوة وقسوة وكيدا ومكرا ودهاء.. ثم أسلم حين لم ير من الاسلام بدا.. وورث معاوية عن أبيه قوته وقسوته ومكره وكيده ودهاءه، ولم تكن أم معاوية بأقل من أبيه تنكرا للإسلام، وأسلمت كرها كما أسلم زوجها كارها.. وكان الطامعون يجدون عند معاوية ما يريدون، فضم إليه كل من كان له أرب في الدنيا.. وكان علي لا يدهن في الدين، ويبغض المكر والكيد، كان يرى الحق فيمضي اليه مصمما، ويرى الباطل فيعرض عنه عازما.. وما رأيك في رجل جاءه أخوه عقيل مسترفدا فلم يجد عنده ما يريد.. وما رأيك في رجل آخر - أي معاوية يأتيه عقيل هذا نفسه، فيعطيه من بيت المال مئة ألف" (3). وهذه الحادثة وحدها كافية وافية لتفسير الفرق بين سياسة الرحمن وسياسة الشيطان.
ولهذه هناك عبارات رائعة إلى الكاتب المصري الأستاذ الكبير أحمد عباس صالح كلمة في هذا الموضوع بمجلة الكاتب المصرية عدد نيسان سنة 1965 قال فيها: "قاد معاوية جيش الشام، وهو الرجل الذي يمثل النقيض من علي تماما، هو شخصية فريدة، جمعت فيه كل خصائص الرجل الذي لا تشل حركته أية قيمة من القيم الدينية والانسانية، انه ابن أبي سفيان الشهير، وابن تلك المرأة التي مضغت كبد حمزة عم النبي حين سقط قتيلا.. ان في نفس معاوية إرادة الانتصار الشخصي والغلب.. أن فيه قسوة الاعصار، وعبقرية القدر الغاشم.. انه قطب السلب المطلق الذي يصطرع في قلب الإنسان كما يصطرع في قلب الكون، والسلب في الكون يتجه إلى الشر، والإيجاب يتجه إلى الخير، وقد تصادم القطبان: - علي ومعاوية - الموجب والسالب بقدر ما يتيح الإنسانية أن تكون سلبا مطلقا أو إيجابا مطلقا" ثم قال الأستاذ صالح "ولو لم يسر علي سيرته المثالية أكانت تبقى تلك الجذوة - أي جذوة الحق - مشتعلة كامنة في النفوس وكأن دور علي الوحيد أن يكون مثالا في التأريخ كأنه علامة من علامات الطريق".
وهذه العبارات القصيرة تصور الشخصية السامية والعظيمة إلى رجل الحق أمير المؤمنين(عليه السلام)والذي يدور الحق معه أينما دار ، لتجمع بين معاوية والذي شر الكون كله ومن بعده أبنه يزيد(عليهم لعائن الله) ، ولولا علي الحق لما ولولاها لم يكن له "جذوة مشتعلة كامنة في النفوس" ولا نطمس الحق وأثره في عهد علي، وبالتالي من بعده في كل عهد ، وبالتالي يكون الإمام علي(عليه السلام)هو الفاروق بين الحق والباطل ، وسيبقى إلى آخر يوم حجة دامغة على من يحيد عن الحق أو يحتال عليه، وما ترك لأحد على الإطلاق معذرة ولا وسيلة.
وهذا معاوية ينصح أبنه وهو على فراش الموت فيقول في ابياتٍ من الشعر فيقول له :
انصب نهارا في طلاب العلا***واصبر على هجر الحبيب القريب
حتى إذا الليل أتى بالدجى***واكتحلت بالغمض عين الرقيب
فباشر الليل بما تشتهي***فإنما الليل نهار الأريب
كم فاسق تحسبه ناسكا***قد باشر الليل بأمر عجيب
غطى عليه الليل أستاره***فبات في أمن وعيش خصيب
ولذة الأحمق مكشوفة***يشفى بها كل عدو غريب (4).
أي أنه كن ناسكاً متعبداً في النهار ، وفي الليل أفعل ما تشتهي والفسوق وبكل ما تحب وتهوى وهذا هو سياسة الكذب التي يمارسها حكام بنو امية ومن بعدهم بنو العباس ولغاية اليوم فيما يمارسه الحكام من كذب ونفاق ودجل والضحك على الذقون على الناس والبشر.
فأين من الثرى من الثريا حين يقول الإمام علي(روحي له الفداء) ( لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه ) (5)، والذي قال عنه الرسول الأعظم محمد(صل الله عليه وآله) { يا عمار إن رأيت عليا قد سلك واديا وسلك الناس واديا غيره فاسلك مع على ودع الناس إنه لن يدلك على ردى ولن يخرجك من الهدى } (6).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالمصادر :
1 ـ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٣ - الصفحة ١٩٧. منشورات المكتبة الشيعية. نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ١٨٠. منشورات المكتبة الشيعية.
2 ـ في ظلال نهج البلاغة ـ ج1. شرح محمد جواد مغنية. الناشر : دار العلم للملايين.
3 ـ طه حسين. الفتنة الكبرى (الجزء الثاني) علي وبنوه.
4 ـ البداية والنهاية. ابن كثير - إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي. ترجمة يزيد بن معاوية. [ ص: 642 ].
5 ـ نهج البلاغة، الخطبة: 21.
6 ـ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٨ - الصفحة ٣٩. الطرائف: 24 و 25. جمع الجوامع أو الجامع الكبير للسيوطي : 1112. أخرجه الديلمى (5/384 ، رقم 8501).
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2