- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عزي الوهاب .. الفنان الشامل .(بمناسبة مرور خمس وعشرون عاما على وفاته)
بقلم: عبد الرزاق عبد الكريم
فنان مارس أكثر أشكال الفن، فهو إلى جانب كونه مخرجا مسرحيا فانه كتب المسرحية والقصة والنثر الفني ومسرحيات الأطفال واهتم بالتراث الشعبي وكتب العديد من المقالات في شتى المجالات الفنية منها الترجمة من اللغة الألمانية والتصوير الفوتوغرافي.
(عبد العزيز عبد المجيد سلمان الوهاب مواليد مدينة كربلاء عام 1938) هذا حسبما مثبت في هوية الأحوال المدنية العراقية.
اعتلى خشبة المسرح لأول مرة في مدينته كربلاء في مسرحية من تأليف المرحوم الأستاذ موسى إبراهيم الكرباسي عام 1954م وهو طالب في المتوسطة بعدها شارك في مسرحية في سبيل التاج في العام نفسه، انضم الى فرقة الأهالي وهي من الفرق الشعبية التي كانت تقدم الأعمال الفنية في المناسبات يطلق عليها في حينه (البقال بازي) ثم تطورالعمل ليقدم من خلال المدارس وبشكل أكثر إنتظاما مع بعض التقنيات البسيطة. اخرج مسرحيات الفنان الكبير يوسف العاني منها تؤمر ببك 1957, راس الشليلة 1959 والمقاتلون عام 1959 و غيرها.
التحق بمعهد الفنون الجميلة في بغداد ليتخرج منه عام 1961 وهو ثالث طالب من كربلاء بعد الخريج الأول بدري حسون فريد والثاني المرحوم الفنان ناصر الاشيقر.
لعب دورا متميزا في حركة الثقافة في مدينة كربلاء وخاصة حركة المسرح رافقه في هذه المسيرة مجموعة من الشباب منهم المرحوم علاء الهاشمي وعبد الهادي راضي ومحمد الخويطر ومحمد النجار وسلمان عبد وعلي الكشميري وعبد الكريم حسين وعبد الرزاق عبد الكريم وهاشم الشالجي وحسني أبو المعالي ومهدي الطويل..وغيرهم شكلوا في حينها ظاهرة كانت معروفة ومؤثرة في المجتمع الكربلائي وخاصة الأوساط الثقافية ومناداتهم بالحداثة والتطوير والسعي لخلق وجه ثقافي متحضر في المدينة لكونها عريقة بتراثها الغزير والثر منها الاحتفالات الكبيرة التي تقام سنويا على أرضها بمناسبة استشهاد الإمام الحسين (ع) والتي تستمر بحدود الشهرين.
كان التواجد الرئيسي لهؤلاء الشباب في دار الفنان عزي الوهاب الكائنة في مركز المدينة (شارع صاحب الزمان ـ (ع) وهي المنطقة المحصورة بين الحرمين المطهرين الحسيني والعباسي, كما كانت الدار محط ضيافة الفنانين والمثقفين العراقيين والعرب الزائرين لمدينة كربلاء, ضمت الدار اكبر مكتبة ثقافية وفنية وخاصة كتب ومجلات المسرح، وقد اعتبرها بعض المثقفين العراقيين بأنها اكبر مكتبة فنية على عموم العراق في حينه, أضافت هذه المكتبة لهؤلاء الشباب زيادة الإطلاع والمعرفة على الثقافات العربية والعالمية الحديثة منها والقديمة، كانت هناك مبادرات للمجموعة منها المساهمة وبشكل فعال مع رئاسة صحة كربلاء في حملة تنظيف وغسل الشوارع أثناء تفشي مرض الكوليرا في النصف الثاني من القرن الماضي, وكذلك إقامة مهرجان الاخيضر الأول عام 1972 من خلال فرقة مسرح كربلاء الفني وهي الفرقة الأهلية الوحيدة المجازة في كربلاء عام 1970, كان التواصل مستمرا مع العاصمة بغداد وخاصة حركة المسرح وذلك بقيام المجموعة تنظيم سفرات جماعية وعائلية لمشاهدة عروض فرق العاصمة وخاصة (فرقة المسرح الفني الحديث , الفرقة القومية , المسرح الشعبي , اتحاد الفنانين..الخ) وقد تجاوز عدد الباصات في بعض السفرات العشرة, وكان يتم حجز القاعة بأكملها لجمهور كربلاء، بالإضافة إلى ذلك كان تركيز الفنان عزي الوهاب مع مجموعته في المسرح وذلك بتقديم الأعمال المسرحية من خلال المدرسة الثانوية أو مديرية التربية أو نقابة المعلمين، أخرج أعمالا عديدة منها: ماكو شغل, خان أبو ميسور, أعداؤنا.. عين في مديرية النشاط الفني – مديرية تربية كربلاء – قدم خلالها الكثير من الأعمال المدرسية تتضمن توجها تربويا لطلاب المدارس منها مسرحيات قصيرة, أوبريتات غنائية, مسرح الدمى وكان يعتمد على طلاب المدارس أنفسهم بتقديمها.
كان طموحه كبيرا بتقديم عطاؤه لكل العراق من خلال العاصمة بغداد، فانتقل إلى ملاك المؤسسة العامة للسينما والمسرح خلال سبعينات القرن الماضي، توجه إلى الطفل العراقي وانحسر اهتمامه بمسرح الطفل تأليفا وإعدادا وإخراجا, حصل على بعثة للتخصص في ألمانيا وبعد عودته قدم أعمالا عديدة للأطفال على مسارح بغداد منها: (الفرارة الطائرة , الوردة والفراشة, أصدقاء المزرعة, الدجاجة الشاطرة..الخ) وهو أول من ادخل مسرح الدمى المتحركة إلى تلفزيون بغداد من خلال ثلاثون حلقة خاطب بها الأطفال جاعلا شعاره الأول والدائم (التربية أولا) ــ عزي الوهاب متعدد المواهب كما بينا سابقا نوجز بعض منها:
• كتب في التراث الشعبي, القصص والحكايات والموروثات والعادات الشعبية من خلال مجلة التراث الشعبي العراقية.
• كان فاعلا وناشطا في القصة والمسرحية والسيناريو والخاطرة والمقالة والتمثيلية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية
• احد المؤسسين الأوائل للتلفزيون التربوي العراقي وقدم من خلاله العديد من الأعمال التربوية
• أسهم في كتابة مجموعة من قصص الأطفال في الصحف والمجلات العراقية والعربية.
• نشر تراجم عن نصوص عالمية وألمانية وروسية
• عمل محررا في (مجلتي والمزمار) المتخصصة بأدب الأطفال والصادرة من قبل وزارة الثقافة العراقية
• أوفد إلى دولة الكويت وعمل هناك مع مؤسسة الإنتاج ألبرامجي المشترك في العمل الكبير (افتح يا سمسم) للاستفادة من خبرته في فن مسرح الدمى
• صدرت له سبع كتيبات للأطفال أبرزها ترجمة للحكايات الشعبية عن اللغة الالمانية.
كتب عنه الفنانون والمثقفين العراقيين بعد رحيله منهم:
* الفنان القدير والكبير يوسف العاني: (كان عزي الوهاب ضمن المسيرة , يعيشها ويعايشها , وينقل صداها إلى مدينة كربلاء مع لفيف من شباب متحمس ومخلص لهذا المسرح الحديث والجديد)
(هكذا ظل عزي الوهاب واحدا من أنقى وأنبل الذين عملوا في المسرح العراقي , فهو في بداياته كان يتعلم ويحلم بمسرح جديد),(إن عزي الوهاب علامة من علامات مسرحنا المضيئة والطيبة التي تخطت كل عوائقها لتثبت وجودها الفاعل في سياق حركتنا المسرحية النظيفة والمبدعة والأمينة, إن عزي الوهاب حالة مسرحية تستاهل الاحترام والاعتزاز والبحث عن آثارها بكثير من الحماس المخلص).
*وقال عنه الكاتب والصحفي عكاب سالم الظاهر:(رحم الله الفنان عزي الوهاب , ذلك الإنسان الطيب والمخرج والكاتب الذي كابد وعانى وأعطى ورحل بصمت.
* توفاه الله يوم ١٢/١٤/ ١٩٩٢م (الموضوع مستل من كتابي ـ موسوعة المسرح العراقي في كربلاء ـ الجزء الأول ـ تحت الطبع)
أقرأ ايضاً
- الأخطاء الطبية.. جرائم صامتة تفتك بالفقراء
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري