- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
شهر رمضان بوصلة ترشد للتكامل الجزء الثالث
قلم:حسن كاظم الفتال
عوامل بناء النفس كل بناء بحاجة إلى تهيئة وتحضير وإعداد عناصر معمارية ولعلها هندسية يمكن أن تهندس البناء لتؤسس لقوة ومتانة وكذلك جماليته بما ينبغي فضلا عن اننا يجب أن نضع في الحسبان اعتماد المبادئ الأصولية والعلمية في البناء . ونعلم انه ليس من الضروري أن نولي اهتماما بالغا بالواجهات أو المظاهر إنما لابد لإيلاء الرعاية والاهتمام بالأسس والقواعد وبالدواخل وبالبواطن وأن يرتكز البناء على مقاييس وأبعاد وخواص تجعله متماسكا رصينا متينا يصعب هدمه أو حتى تصدعه . وعند ذاك يتم التأكد من أن البناء أصبح متكاملا موثوقا بمدة بقائه لمدى بعيد معين بسبب هذا التكامل. شهر رمضان يمكن أن يوصف بأنه مشروع روحي تقوي عقائدي تربوي أخلاقي مبدئي وضع للمضاربة أو للمتاجرة الإيمانية مع الخالق سبحانه وتعالى من ناحية ومع القيم والمبادئ الإنسانية من ناحية أخرى . تجارة مضمونة الربح والفائدة والمنفعة . مضاربة رأس مالها العمل الخالص والنية الصادقة والإصرار على تهذيب النفس وتخليصها من كل درن وزيغ ومحو كل ما أنتجته سنوات العمر الماضية . وهو مشروع اغتنام الفرص واستثمارها بأفضل ما يمكن أن تستثمر والدخول لهذا المشروع يعتمد على الجد والإخلاص والصدق وهذا المشروع ديني أخلاقي توعوي يتم من خلال دخوله إنماء الفكر والوعي الديني والأخلاقي وتحسين السلوكيات والانسلاخ من كينونة الماضي . لذا يقول رسول الله صلى الله عليه وآله : ( من لم يُغفر له في شهر رمضان ففي أي شهر يُغفر له ؟ ) وهذا التساؤل الشريف يرشد ويحث إلى حسن التعاطي ويشير إلى أن هذا الشهر هو أفضل أوان لاكتساب الغفران الإلهي إذ هو الباب الأوسع للدخول إلى رحاب التوبة الذي يمثل النية والمبادرة للتجرد من كل ما يصدق عليه صفة ذنب أو إثم أو أي خطأ أو ما يشابه ذلك. وهذا ما يجعلنا أن نعُدَ هذا الشهر بأنه البوصلة التي تشير أبرتها المغناطيسية أو مؤشرها إلى مسارات الكمال لينطلق إليها من يروم البلوغ إلى التكامل . والتكامل يعني تطهير النفس والقلب والكوامن من الزيغ والدرن ويتم التعاطي مع جوهر الضمير الانساني . لقد امتاز الشهر ببعض الخصائص فجعلته سيد الشهور وأفضل موسمٍ للذِكرِ ولتكريس العبادة , وإعلان التوبة , وموسم جهاد بمختلف أنماط الجهاد . ومن أبرز ما اختص به وحمل من تسمية أن امتزج اسمه باسم الله جل وعلا فسمي شهر الله . وحين يكون كذلك فمن اليسير أن يكون منهلا تنهل منه الأرواح النقية النزيهة التائقة للوقوف على سواحل بحار الهدى لترتوي ريا شافيا كافيا ليس الوقوفَ على سواحل أو حافات معينة تتوهم العيون بمشاهدتها ترى التماع السراب وتظن أنه نورٌ يلزم على المؤمن الرمضاني أن يكون مجاهدا في هذا الشهر ولعل أول أشكال المجاهدة وأبرزها مجاهدة النفس والهوى . والمجاهد بحاجة إلى أمتعة وذخيرة يقتنيها تضمن له الذهاب والإياب في رحلته القدسية بسلام وأمان. والذخيرة الرمضانية يتحدى بها الهفوات والمرديات وتعينه على أن يعبر بهذا الجهاد أحد عشر شهرا دون عجز أو إخفاق أو تردد ودون انحراف عن المسار الصحيح . وحين يتحقق كل ذلك يكون بوسعنا أن نعلن بأننا رمضانيون حقاً وقد أحسنا الانتهال من معين شهر رمضان المبارك وارتوينا ريا زكيا يزيل عنا ظمأ السنوات القابلات علينا .
أقرأ ايضاً
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد
- اكذوبة سردية حقوق الانسان
- القوامة الزوجية.. مراجعة في المفهوم والسياق ومحاولات الإسقاط