- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تقديم الخدمات عبادة ما فوقها عبادة
قال رسول الله (ص): أحب عباد الله إلى الله انفعهم لعباده وأقومهم بحقه، الذين يحبب إليهم المعروف وفعاله. (تحف العقول، ص40).
الذي يخدم الناس يحبه الله سبحانه وتعالى ويجعل محبته في قلوب المؤمنين كما هم الرسول الأعظم وأهل بيت النبوة الأئمة المعصومون فهم قمم المعروف والخدمة وإسداء النصيحة لانتشال البشرية جمعاء من هوة الجاهلية والتخلف إلى قمة الفضيلة والورع والتقدم والتطور، لذا ترى محبتهم في قلوب المؤمنين والأحرار في جميع أنحاء العالم لما أسدوا من خدمات جليلة لعباد الله سواء الذين كانوا يعيشون في حقبتهم مباشرة أو الذين جاءوا من بعدهم فارتشفوا منهم بالنصيحة وحسن السيرة، وإلا بماذا نفسر انجذاب الموافق والمخالف لأخلاقهم وعلمهم وتواضعهم وما قدموه من تراث ثر وقف بإزائه كل منصف موقف إكبار وإجلال، فهم بحق أنفعهم لعباد الله وأقومهم بحق الله وهم أهل المعروف ومعدنه، بل أنهم المعروف نفسه بفعالهم وسيرتهم العطرة التي طأطأ لها العدو قبل الصديق فكانت سببا لانتشال المخالف من هوة الكفر والضلال وزخما يعاضد الموالف في القوة والعطاء.
ومن هنا فالذي يدعي الانتساب للرسول الأكرم وأهل بيته حري به أن يقتفي آثارهم في خدمة الناس فهو المعروف بعينه وقضاء حوائجهم خير من عامة الصلاة والصيام حيث أنها تعم المصلحة العامة وهي مقدمة على المنافع الشخصية في الإسلام بالرغم من أهميتها، ونحن نعيش هذه الأيام ولادة مؤسسي الدين والمذهب علينا أن نقتبس منهما إسداء الخدمة والمعروف لاسيما الذين تبوؤا المقاعد في مؤسسات الدولة فإن صفات الكفاءة والنزاهة والحزم والأبوة ينبغي أن تتوفر فيهم، وهي ليست مطالب صعبة لكنها في الوقت نفسه ليست سهلة.
والإنسان عندما يمارس دور الأبوة والخدمة امتثالا للحديث القائل: سيد القوم خادمهم، يشعر بأنه يقوم بأمر مجموعة من الناس فيضطر أن يكون مستوعبا للآخرين وان يوجه النصيحة لهم وان يقوّم الاعوجاج لو كان موجودا فيهم وبالنتيجة الناس تلجأ إليه لهذه المواقف وغيرها التي تقوم المسيرة وتطور البلد، وهذا سيساهم بشكل فعال في تقريب الكفاءات وتقريب الطاقات الجيدة وبالنتيجة إبعاد المفسدين عن مواقع القرار، وسنؤسس حالة لبناء مدننا قائمة على أساس الثقة والكفاءة والنزاهة، وبناء المدن على هذا الأساس أمر مقدور عليه وليس بمستحيل.
وعلى الذين حصلوا على ثقة الشعب وحصدوا المقاعد في مؤسسات الدولة عليهم خدمة المواطنين وتنفيذ برامجهم التي طرحوها خلال الانتخابات من خلال الاهتمام بمحاربة الفساد الإداري والمالي في دوائر الدولة، لما لها من آثار سلبية جدا في أخلاقية المسؤول والفرد العراقي، والاهتمام بتقديم أقصى ما يمكن من خدمات وتطوير واعمار.
اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والإخلاص والقدرة على تقديم الخدمة في اختيار الأشخاص لمواقع المسؤولية ينبغي أن يكون بعيدا عن المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية، ليس من الصحيح اعتماد الصفقات السياسية والتوافق على أشخاص يتم تعيينهم لمجرد أنهم ينتمون لهذا الكيان أو ذلك الحزب أو التيار، والتواجد الميداني مثلا لأعضاء مجالس المحافظات في مواقع عملهم والمتابعة المستمرة لتنفيذ المشاريع والأعمال والنشاطات هي مطلوبة بحد ذاتها لما لها من أثر بالغ في تقدم المسيرة.
ولا يخفى على أحد أن محافظات الوسط والجنوب لاقت الأمرين من الإهمال والظلم في النظام البائد ومع بالغ الأسف وقعت تحت طائلة التمزق والتشرذم الحزبي والفئوي بعيد السقوط وما زالت حركة الإعمار متعثرة فيها، ما يعطي حافزا قويا للمسؤول والمواطن حيال التغيير والإنتماء للوطن وخدمة أبنائه الذين باتوا يتطلعون نحو الإعمار والخدمات وسئموا من الشعارات الفضفاضة البعيدة عن الواقع.
إن المطلوب في هذه الفترة خدمة المحافظات فإنها بأمس الحاجة إليها، التجارب السابقة فيها زين وفيها شين، الشين يترك ونطوي عنه صفحة والزين نأخذه ونعمره، التوتر في أي مجلس من مجالس المحافظات ولأي سبب كان يؤثر على مستوى تقديم الخدمات للمواطن.
فالرجاء من المسؤولين في أي موقع كانوا أن يقفوا على معادلة أن اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية، وبإمكانهم أن يرشدوا الخلاف ويجعلوه رحمة، والاختلاف في الرأي لا ينبغي أن نعاقب من اجله مدينة كاملة فنحن نبحث الآن عن خدمة والمفروض أن يكون المسؤول المنتخب بمستوى تحمل مسؤوليته كاملا.
وينبغي أن تكون العلاقة طيبة ما بين مجالس المحافظات والحكومة المركزية؛ والمقصود بالعلاقات الطيبة الصلاحيات للحكومة المركزية معلومة والصلاحيات للحكومات المحلية معلومة أيضا، احدهما يكمل ويرفد الآخر، وعلى الجميع أن يبذلوا ما في وسعهم من اجل إنجاح مجالس المحافظات لأنها تجربة فتية وحية وتحتاج إلى المزيد من الدعم.
والنجاح هذا يأتي بتظافر الجهود من الجميع لاسيما السلطة المركزية والكيانات السياسية وعقلاء القوم التي تدفع الآخرين إلى العمل الجاد خصوصا بعد الانتخابات الجديدة، فإننا بحاجة إلى مساحة واسعة من العمل خصوصا الخدمي منه للوقوف على معاناة الناس بشكل جيد، فهناك حزمة من الملفات الخدمية والإصلاحية تنتظر المخلصين من المسؤولين وهم مدعوون أن يضعوا خلافاتهم الحزبية وراء ظهورهم وهم أولى برص الصفوف والخدمة من غيرهم وكيف لا وهم ينتسبون إلى دين يحث على خدمة النوع البشري ويعدها من أرقى أنواع العبادات.
أقرأ ايضاً
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!