- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ماذا يخسر العالم لو اختفى العرب جميعاً؟
حجم النص
بقلم الكاتب الفلسطيني: أكرم عطا الله بالتأكيد لن يخشى من خسارة أي شيء، فلن ينقطع الإنترنت ولن تتوقف الأقمار الصناعية ولا مصانع السيارات وقطع غيارها، ولن تتوقف أسواق البورصة، ولن يفتقد أي مواطن في العالم أي نوع من الدواء ولا المعدات الطبية وأجهزة الأشعة وغرف العمليات، ولا حتى السلاح الذي يقتل به بعضنا بعضا، فلم نقدم للعالم أي خدمة سوى الكلام وصورة قتل بعضنا في الصحف ونشرات الأخبار. ستطل سيدة فرنسية من شرفتها لتقول لسيدة أُخرى لقد اختفى العرب جميعاً، وستسأل الأُخرى الجاهلة: أنت تتحدثين عن هؤلاء الذين يقتلون بعضهم ليل نهار؟ نعم، واذا كان أحد يعتقد أنني أبالغ في رسم الصورة فليقف على مسافة في أية عاصمة خارج الوطن، وليراقب خيط الدم من ليبيا حتى العراق مروراً بمصر وسورية واليمن وما بينها من أمة نصفها يسبح على بطنه من شدة الجوع ونصفها الآخر يسبح على كرشه من شدة الشبع، وكلهم عالة على البشرية. لن يتوقف أي شيء في حياة المواطن الياباني، ولن يفتقد المواطن الأوروبي أي شيء، ولن يخشى الماليزي أوالتركي أو الأميركي من تعطل حياته اليومية، فليس لنا أي دور في الإنتاج الحضاري ولا المعرفي ولا الصناعي ولا الإنتاج المادي ولا الاكتشافات أو الاختراعات، فقط نتناول ما تنتجه البشرية، وكثير من هذا الإنتاج نستهلكه بشكل ضار وخاطئ، من سيفتقدنا كثيراً هي مصانع الأسلحة التي تكدس المليارات لأننا الأكثر استهلاكاً لما تنتجه، ولم نتوقف عن عقد الصفقات الضخمة لأننا نفتح لها سوقاً بالدم مما نستهلكه يومياً من أحدث أسلحة القتل والفتك والدمار. هم ينتجون كل شيء ونحن نستهلك كل شيء، ولا ننتج سوى الكلام ثم نعيد تفسير الكلام وتأويله وتدويره عن التحريض والكراهية والإقصاء، فكل من العرب له مشكلة مع العرب، ولم تتوقف صراعات العرب البينية منذ فجر التاريخ، دول تكره بعضها وقبائل تتربص لبعضها ومليشيات تنتشر بلا حساب، كلٌ شاهرٌ ما استطاع أن يعده من قوة وخيول لم تتوقف عن الجري في ساحات المعارك. وحده الفلسطيني المحظوظ وسط هذه الأمة أن صراعه مع إسرائيل، لكنه لم يشذ عن الأوركسترا العربية، فقد فتح صراعاً مع نفسه ليؤكد انتماءه لهذه الأمة. نحن في ذيل القائمة في كل شيء، لا مستشفيات طبية يأتي العالم للعلاج فيها، ولا جامعات تحجز لها مكاناً في أول أربعمائة جامعة حسب تصنيف شنغهاي، ولا مؤسسات حقيقية ولا برلمانات يعتد بها ولا قانون يحترم، كل شيء صوري، فليس هناك ما نباهي به بين الأمم
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!