سالم مشكور
من أكثر التعليقات الاميركية طرافة على إقالة وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون، هو ما صدر عن وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس عندما قال إن هذه الإقالة شأن داخلي يخصّ واشنطن، وإن علاقات بلاده مع الدول لا تتأثر بالأفراد. ريكسون هو وزير خارجية، وإذا كان هو منفذ للسياسة الخارجية التي يضعها الرئيس فان بإمكانه التأثير في هذه السياسة عبر عرقلة أو إبطاء تنفيذها، وأحياناً العمل بما يتعارض معها. الدليل على ذلك أن الرئيس الاميركي أقال وزير خارجيته بسبب تعارض موقفيهما في ملفات خارجية منها الاتفاق النووي مع إيران الذي يعرقل فيه تيلرسون انسحاب واشنطن منه، والخلاف السعودي القطري الذي يقف فيه تيلرسون الى جانب قطر فيما موقف الأغلبية المتشددة في إدارة ترامب تقف على العكس من ذلك، سواء في هذين الملفين أو في ملفات أخرى عديدة، ظهر فيها تيلرسون معتدلا مقابل فريق التشدد المحيط بترامب، ما استدعى تحجيم دور الخارجية الاميركية في التأثير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.من هنا جاءت اقالة ترامب لوزير خارجيته، إفساحا في المجال لتنفيذ سياسات متشددة في أكثر من منطقة في العالم جلّها في الشرق الاوسط. هكذا تمت إزاحة آخر المعتدلين في إدارة ترامب باستثناء مستشار الامن الوطني الذي يتفق مع ترامب في ملفات ويختلف في أخرى. وهكذا علينا توقع سياسات أميركية في المنطقة دون عرقلة من تيلرسون.لن يكون العراق بعيدا عن تأثيرات اقالة
تيلرسون. التأثير سيكون مباشراً عبر الدور المباشر، السياسي والأمني الاميركي في العراق، وغير مباشر عبر الملفات الساخنة التي تحيط بالعراق وتؤثر فيه
مباشرة. فالعراق بات ساحة تفاعل إقليمي - دولي، يتضرر من صراعاتها، ويستفيد من تقارباتها. أي توتر جديد مع إيران مع الانسحاب المتوقع من الاتفاق النووي، تكون نتائجه سلبية علينا. التصعيد في سوريا سينعكس سلباً علينا، التصعيد السعودي الايراني سيجد مفاعيله أو ارتداداته على أرضنا، التصعيد الاميركي الروسي سنتلقى تأثيراته المباشرة وغير المباشرة، التوتر الاميركي التركي ودعم واشنطن لمجموعات كردية ضد أنقرة سيؤثر فينا سلباً مع وجود مناطق نفوذ أميركي واسعة شمال العراق سواء مباشرة أو عبر مناطق نفوذ حزب البارزاني، يمكن أن تكون قواعد للمجموعات الكردية التركية والسورية المدعومة من واشنطن. الساحة الداخلية العراقية لن تكون في منأى مما يجري، خصوصا ونحن على أبواب انتخابات برلمانية عادة ما تشهد تحركات خارجية للتأثير في نتائجها أو في التحالفات اللاحقة التي تولد منها الحكومة.