- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
غسيل الافكار وصناعة الراي العام
بقلم:غيث الدباغ
يعنى بغسيل الافكار اخفاء حقيقة الامور وايصالها الى الناس بشكل مختلف من خلال بثها مشوهة او مغلوطة، وهي آلية من آليات التضليل وتشويه الوعي وتكون ذات تأثير كبير وفاعل عندما يكون المجتمع متخلفا، بعيداً عن الحقيقة يعيش حالة من التضليل، وهي محاولة للاستخفاف بالعقول، وتشتغل هذه الآلية عاطفة الأفراد والعفوية الصادقة للسيطرة عليهم.
تهدف هذه العملية الى ابعاد الجمهور عن الحقيقة وادخاله في دوامة عدم المعرفة باستخدام عدة وسائل، قد تكون مكتوبة او مرئية او سمعية، فضلا عن استخدام العلوم المساندة لها مثل التاريخ والايديولوجيا وعلم النفس وعلم الاجتماع وسحر البيان وغيرها، معتمدين آلية السيطرة على العقول وتشكيل مفاهيم مزيفة من خلال السيطرة الكلامية وبث ايحاءات ديماغوجية تخديرية تخدم الصالح الشخصي للمتحدث، وغالباً ما تكون عملية غسيل الأفكار وتضليلها بواسطة اشخاص يتحلون ببراعة في فن تزييف وتبطين الكلام للمزج بين الحق والباطل وضياع الحقيقة عن طريق الحوارات والنقاشات المفتوحة العامة بصورة اغرائية او اغوائية، فيتحول فكر المستمع المتلقي من الرافض الى المقتنع ثم الموافق.
وهذا التحريف والتزييف له مؤثرات كبيرة على الرأي العام وبناء المجتمع، حيث يولّد مجتمعاً تسوده الوحشية و الآراء البعيدة عن الواقع المألوف لكثرة الاضطرابات وانعدام الثقة في التعامل بين الافراد لأنها تفتك بالمجتمع ، لذا يحتاج المجتمع الى خطوة جادة وحقيقية لترسيخ الوعي الثقافي العام وآلية التعامل مع هكذا اشخاص ينشرون الخوف والذعر بين الناس، سواء كانوا متعمدين في ذلك او يجهلون كيفية استخدام الوسائل المتاحة لهم.
وبفعل براعة هذه المؤسسات والمجاميع المضللة للحقيقة وقوة الايادي الخفية الداعمة لها نـجحت في غسل افكار بعض من افراد المجتمع وتشكيل اساليب فكرية غير منطقية مع تجريد المتلقي من مبادئه ومفاهيمه التي كان عليها في السابق، وخير مثال هو ما حصل في الآونة الاخيرة بقلب رأي الشارع العراقي، الذي كان مؤيدا وناصرا لمطالبه في ساحات التظاهرات، فتبدل رأيهم من مؤيد وداعم الى عنصر محايد مشكّك او رافض من خلال زج العناصر المشبوهة، التي تعمل على زرع الفتنة والعداء بين القوات الامنية وبين المتظاهرين السلميين، وبالتأكيد لهذه العناصر أجندات خفية داعمة شوّهت بواسطة وسائلها الاعلامية النظرة العامة للمجتمع، تجاه ثورة تشرين التي انطلقت لأجل الإصلاح.
فقد تمت ممارسة عملية شيطنة وبشكل واسع للمتظاهرين واتهامهم بالعمالة للاجنبي او بتسميتهم بالجوكرية او ابناء السفارات، وهذا الموقف يأتي بشكل مضاد للموقف الرسمي الحكومي، الذي نظر للتظاهرات على أنها ممارسات ديمقراطية حقوقية ضمنها الدستور.