إيقاف رواتب المعلمين والمدرسين في إقليم كردستان منذ نحو ثلاثة أشهر، يتسبب بصداع مستمر لحكومة الإقليم، في ظل تصاعد الأصوات الكردية المطالبة والمؤيدة لربط رواتبهم بوزارة المالية الاتحادية، أسوة بموظفي أنحاء العراق، مباشرة دون المرور بأربيل، الأمر الذي عدته الأخيرة خرقا لصلاحياتها الدستورية.
يقول القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غازي كاكائي، إن حزبه "لا يمانع من تقاضي الموظف الكردي مستحقاته المالية بشكل مباشر من الحكومة الاتحادية، على الرغم من دفاعه عن حقوق ومكتسبات الإقليم (في إشارة إلى جهة توزيع الرواتب)، لكنه في النهاية مع رأي المواطن".
وشهدت العاصمة بغداد مطلع الأسبوع الماضي، تظاهرات لعدد من موظفي الإقليم توافدوا إلى ساحة التحرير وسط بغداد، مطالبين بربط رواتبهم بشكل مباشر مع بغداد.
ويوضح كاكائي، أن "الحكومة المركزية وحكومة الإقليم ملزمتان بالتوصل إلى حل بشأن دفع الرواتب لموظفي الإقليم، كونه جزءا من العراق، ومن واجب بغداد دفع مستحقات الموظفين في جميع أنحاء البلاد"، داعيا الحكومة الاتحادية، إلى "النظر بأبوية لكل مواطنيها".
ويشير إلى أن "المواطن الكردي لا يرغب بأن يكون جزءا من الخلافات بين المركز والإقليم، ويريد دفع مستحقاته كاملة وبأي طريقة، سواء من الحكومة الاتحادية أو الإقليم".
واستمر المعلمون والمدرسون والمحاضرون بالمجان في السليمانية وحلبجة إضرابهم العام منذ نحو ثلاثة أشهر بسبب عدم تسلم رواتبهم، فيما ينظم المعلمون والمحاضرون في السليمانية تظاهراتهم بشكل مستمر (كل أحد من كل أسبوع) في المحافظة، منذ إعلان إضرابهم عن الدوام في أيلول الماضي.
من جهتها، تقول رئيس كتلة الجيل الجديد النيابية، سروة عبد الواحد، إن "الحكومة الاتحادية أبلغتنا بأنها مستعدة لدفع رواتب موظفي الإقليم، وهناك إمكانية لذلك من خلال الدفع عن طريق المصارف بتوطين الرواتب وفتح حسابات مصرفية لكل الموظفين".
وتضيف عبد الواحد، وهي معارضة لحكومة الإقليم، بأن "وزارة المالية في أربيل ستكون هي المسؤولة بهذه الحالة، عن إعداد قوائم الرواتب وإرسالها إلى بغداد، حيث ستكون خطوة مهمة للموظف في الإقليم باعتباره سيستلم الراتب في توقيتات محددة، لكنها شككت في "نوايا حكومة الإقليم التي لديها حسابات أخرى".
ويعتزم وفد من حكومة إقليم كردستان إجراء جولة مفاوضات جديدة مع الحكومة الاتحادية في بغداد للتوصل إلى تسوية بشأن مسألة رواتب الموظفين، بحسب وسائل إعلام محلية.
في المقابل، يرى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني إسلام حسين، أن "موضوع ربط الرواتب بالمركز هو أمر سياسي بحت، وأن الحكومة الاتحادية لا تريد أن تدفع الرواتب لموظفي الإقليم بسبب تعاطفها معهم"، مذكّرا بأن "بغداد كانت تدفع رواتب موظفي نينوى على الرغم من أن داعش كانت تسيطر على المصارف".
ويضيف حسين، أن "لإقليم كردستان حكومة وقوانين وآليات خاصة، لذا فمن الأفضل أن يتكفل هو بمسؤولية تسليم رواتب موظفيه"، مطالبا الحكومة الاتحادية، بـ"تحريك الأموال لحكومة الإقليم لاسيما وأن مسؤولية كل المنافذ الحدودية والنفط أصبح بيد الحكومة الاتحادية الآن"، مؤكدا "لا ذنب للموظفين الكرد في هذا الصراع السياسي".
وكان وفد من حكومة إقليم كردستان، الذي زار بغداد الاثنين الماضي، قد كشف عن موافقة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، على إرسال 700 مليار دينار لكل شهر من الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الحالية، بشرط أن يصوت على هذا المقترح في مجلس الوزراء.
من جهته، يرى الباحث الكردي في الدراسات الاستراتيجية كاظم ياور، أن "معضلة رواتب موظفي الإقليم تفاقمت عندما توقف تصدير النفط عن طريق الإقليم عبر منفذ جيهان التركي، حيث كانت بعض وارداتها تذهب كرواتب".
ويوضح ياور، أنه "على الرغم من عدم استلام الإقليم في بعض السنوات لأمواله بشكل كامل، إلا أن رواتب موظفيه كانت تكتب في قانون الموازنة ويخصص لها رصيد، باعتبارها تخضع إلى آلية دستورية بحسب قانون الموازنة العامة منذ 2005"، مشيرا إلى أن "قانون الموازنة العامة الحالي للسنوات الثلاث (2023- 2025) يتضمن نسبة لموازنة الإقليم، ولكن المشاكل بين حكومته ووزارة المالية الاتحادية حالت دون تطبيقه".
وحول إمكانية دفع رواتب موظفي الإقليم بشكل مباشر من قبل الحكومة الاتحادية، يشير إلى أن "الإقليم يرى نفسه حالة دستورية خاصة لها برلمان ووزارات، وأي توزيع مباشر لرواتب موظفيه من قبل بغداد، يعد فقدانا لصلاحياته الدستورية من وجهة نظره".
ويلفت إلى أن "بعض الأطراف السياسية تحاول استثمار مسألة الرواتب كدعاية انتخابية في ظل قرب انتخابات مجالس المحافظة، والمواطن يتفاعل معها بالتأكيد، لأنه يريد أن يتسلم حقوقه من أي مكان".
وتطالب الكوادر التدريسية في السليمانية أيضا باستئناف نظام ترفيعات الموظفين المتوقفة منذ أكثر من 8 سنوات، وحسم مصير الرواتب المدخرة، وتثبيت المعلمين المعينين بالعقد منذ سنوات على الملاك الدائم، بالإضافة إلى رواتب الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- "ترتيبات" مع الناتو.. هل وجدت بغداد بديلا للتحالف الدولي؟
- عائلة بارزاني على المحك.. هل تطيح "الرئاسة" بأحد أولاد العم؟
- هل تحدث فرقاً؟.. جولة تراخيص جديدة للغاز العراقي