RSS
الثلاثاء، 9 ديسمبر 2025

ابحث في الموقع

العالم الجديد: تحولات نواب تشرين.. من شعلة الاحتجاج إلى أحضان الأحزاب التقليدية

العالم الجديد: تحولات نواب تشرين.. من شعلة الاحتجاج إلى أحضان الأحزاب التقليدية
العالم الجديد: تحولات نواب تشرين.. من شعلة الاحتجاج إلى أحضان الأحزاب التقليدية
حولات نواب تشرين تشبه رحلة الشعلة التي فقدت وهجها، حيث انتقل النواب الذين رفعوا شعارات مدنية وعلمانية إلى أحضان الأحزاب التقليدية، تاركين خلفهم آمال الحراك المدني دون حماية أو استمرارية. في تحول جذري اثار التساؤلات، يعيد عدد من النواب الذين وصلوا إلى البرلمان بشعارات مدنية وعلمانية، ترشيح أنفسهم في انتخابات 2025 تحت مظلة كتل ذات مرجعية إسلامية اصولية.

فبعد فوزها كنائب مستقلة عن حركة “امتداد” عام 2021، تخوض نيسان الزاير، الانتخابات المقبلة ممثلةً لائتلاف “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، وعلى المنوال نفسه، ترشح حميد الشبلاوي، الذي كان أيضاً منسوباً لـ”امتداد” في السابق، ضمن ائتلاف “الإعمار والتنمية” بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

تبدّل البوصلة السياسية لدى عدد من النواب “المدنيين” يثير تساؤلات واسعة، حول أسباب انعكاس هذا التحول، وما إذا كان مرده إلى قناعات فكرية جديدة ناتجة عن مراجعة المسار، أم أنه تحرك براغماتي وتكتيكي يهدف إلى ضمان موطئ قدم في انتخابات 2025، أم لفقدان الأحزاب المدنية قدرتها على التكيف والتموضع داخل الساحة السياسية العراقية.

وفي هذا الشأن أوضح النائب حميد الشبلاوي، المنشق عن حركة امتداد، والمرشح الحالي ضمن ائتلاف الإعمار والتنمية برئاسة السوداني، في رد على موجة الانتقادات التي يتعرض لها، وانخراطه ضمن أحزاب توصف بالتقليدية، والابتعاد عن مطالب حراك تشرين التي رفعها خلال حملته الانتخابية السابقة، واصفاً تلك الاتهامات بأنها “حسد عيشة” من قبل “إقطاعيين” -لم يسمّهم- يعتبرون أنفسهم كباراً ويريدون الجميع أن يخضع لهم.

أنواع الابتزاز

وأشار الشبلاوي، إلى تعرضه لـ”أنواع الابتزاز والمساومات والضغوط من خلال حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن جهات سياسية ودينية وناشطين بهدف التأثير عليه، مؤكداً “أنه رفض جميع المساومات”.

وأوضح “وصلت المساومات إلى مكتبي، حيث تم عرض مبالغ مضاعفة لترك توجهي، لكني لم أساوم على موقفي”.

وحول موقفه من تظاهرات تشرين، وما آلت إليه الأمور، أكد “أنا تشريني وأفتخر..”، مشيراً إلى أن “القوى التي قتلت متظاهري تشرين ما تزال هي صاحبة القرار والنفوذ”.

إن القوى المدنية تعتبر مجرد عنوان بلا محتوى، هي ظاهرة صوتية لم تنجح بترجمة صوتها المدني إلى فعل سياسي ببرنامج مقنع، فشلت في أول اختبار حقيقي لها بعد دخول البرلمان وامتزاجها بالطيف الحزبي التقليدي، وفقاً لما يرى الناشط السياسي سلام الحسيني

ويشير الحسيني، إلى أنه “حتى بعد تجربة نيابية كاملة لم تستطع هذه القوى المدنية أن تقنع المواطن بفعل سياسي يلامس معاناته، بل كل ما تفعله هو محاولة بيع مصطلحات فضفاضة في سوق سياسي شعبي مسيطر عليه بالمال والسلاح”.

ويضيف أن “القوى المدنية فشلت في صناعة رمزية سياسية تكون مرجعا لمريديها مثل ما تفعل القوى التقليدية لأحزاب الإسلام السياسي التي تحشد جماهيرها عبر الرمزيات الدينية المغلفة سياسيًا؛ لذلك فالمنافسة خاسرة حتمًا إذا ما بقيت تدور في ذات الدوامة”.

تنوع المرجعيات الفكرية

ويوضح أن “تنوع المرجعيات الفكرية بمختلف مستويات نضجها بين نواب تشرين كان له أثر واضح في تشظي الآراء وتمزيق الفكرة التي انبثقت منها تشرين”،لافتاً إلى أن “الحالة الاحتجاجية كانت جامعة للمعاناة العراقية بشكلها العام الذي يعبر عن المواطن كفرد؛ لكنها لم تكن تعبيراً سياسياً مشتركاً لذلك تم تفتيت الفكرة بمجرد تحولها من حالتها الاحتجاجية إلى السياسية، وبالتالي تم ابتلاعها من قبل الأحزاب المتنفذة التي مارست الفعل السياسي على مدى أربع دورات متتالية”.

التحول الجذري للوجوه التشرينية، يعتبره الحسيني، فشل ذريع للحالة المدنية التي تخلو من برامج واضحة ترتكز عليها، بالإضافة إلى أن هذه التحولات تمثل هروباً علنياً من الحالة المدنية”.

ويتابع الناشط السياسي، أن “القوى التقليدية نجحت بتفتيت هذه القوى عبر تقديم الإغراءات الضخمة، فضلاً عن كون الجمهور المدني يعد من أصعب الجماهير، لأنه لا يعرف ماذا يريد بالتحديد، وما زال يعيش في فكرة الاحتجاج الشعبي، ولم يصل لمرحلة النضج الكافي الذي يؤهله لممارسة السياسة بأدوات النظام الذي يرفضه أساساً، وهذه كانت من أبرز الأسباب التي أدت لتشتت القوى المدنية”.

حركة “امتداد”

بدورها، كشفت النائب الحالية الفائزة عن حركة “امتداد” (حركة مدنية) والمرشحة عن دولة القانون (حزب إسلامي تقليدي)، نيسان الزاير، عن الأسباب التي دفعتها للانتقال من العمل المستقل ومن حركة “امتداد” إلى الانضمام إلى كتلة “دولة القانون”، وذلك خلال لقاء صحفي أن “العمل النيابي يتطلب تجمعات وليس أفراداً مستقلين، خصوصاً بعد خروجي من امتداد”، مشيرة إلى أن “النائب المستقل لن يقدم شيئاً، ولا يمكنه تقديم استجواب، أو طرح مشروع قانون، أو تنفيذ أي من الأفكار التي يحملها”.

وعن طبيعة علاقتها بحركة تشرين، أشارت زاير، إلى أنها “لم تكن ناشطة بالمعنى المباشر، بل كانت أماً وراعية، تذهب للاطمئنان على أبنائها في ساحات التظاهر”، مضيفة أن “تواصلها مع حركة امتداد جاء بعد أن طلب منها أهل الساحة لتمثيلهم، وأن معرفتها بالحركة بدأت يوم تسجيلها في المفوضية للانتخابات”.

وعزت الزاير، انسحابها من امتداد إلى اكتشافها أن “الحركة لا تملك قراراً سياسياً، ولا فكراً سياسياً، ولا خطة استراتيجية، ولا توجد لديها متبنيات أصلاً، وأن الأمور كانت تدار عشوائياً دون أي وجود لمكتب سياسي”.

كما اتهمت أفراداً في قوى ساهمت بفوزها من “شباب تشرين” باستهدافها وتهديدها بالتفجير، وحرق مكتبها وتعرضها هي وعائلتها الى الخطر.

وأعربت عن استغرابها من هذا التعامل، مؤكدة أن “ما تعرضت له لم يحدث مع نواب خرجوا من قوى سياسية شيعية أو إسلامية متشددة، خاصة وأنها تمثل جهة من المفترض أنها تطالب بحرية الرأي، والاستقلالية، وعدم تكميم الأفواه”.

وخلصت زاير، إلى أن “البقاء في حركة قيادتها ضائعة، هو مضيعة للوقت”.


دولة القانون

وفيما يخص الانضمام لـ”دولة القانون” بقيادة نوري المالكي، أشارت إلى “وجود مشتركات عديدة بينها وبين الائتلاف، فالمتبنيات التي كانت تطالب بها كمستقلة ومتظاهرة، مثل المطالبة بدولة مؤسسات، وحصر السلاح بيد الدولة، وسيادة الدولة هي نفسها التي يتبناها ويطالب بها “ائتلاف دولة القانون”.

كما أثنت على دور رئيس الكتلة النيابية، ياسر صخيل المالكي، ووصفته بأنه “يدير أمور الكتلة بشكل محترم، وبحنكة سياسية، وبحكمة، وتأثير”، وأنه “نشط جداً في العمل السياسي والنيابي”، معتبرة إياه “الشخص الأصلح” الذي يمكن أن يتبنى أفكارها.

وأعلنت حركة امتداد، التي فازت في الانتخابات النيابية لعام 2021 بتسعة مقاعد في مجلس النواب، في 16 أيلول سبتمبر الماضي، عدم مشاركتها في الانتخابات النيابية المقبلة، بعد فشلها في تحقيق تطلعات ومطالب جمهورها الذي انبثقت من رحم احتجاجاته، على حد تعبيرها.

وقال الأمين العام للحركة علاء الركابي، وقتها، إنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الإخفاق، وفيما قدم اعتذاره إلى الجماهير، أكد في الوقت ذاته عدم ترشحه للانتخابات المقبلة.

كلمات مفتاحية
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!