- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تناسوا التعيينات وافترشوا الأرصفة
بين الحين والآخر تفتح أبواب التعيينات للخريجين وحالما يطرق ذلك مسامعهم يبادر اغلبهم بالتقديم سعيا في وظيفة تكون له مصدر العيش وقد تكون مستقبلا مصدر رفاهية، هذا اغلب ما يدور في أذهان الخريجين.
ومما لفت انتباهي وشدني للكتابة عن هذا الموضوع ظاهرة أصادفها يوميا ولم تكن تعني لي شيئا حتى قبل أيام حينما كنت ذاهبا للتسوق وطرأ على سمعي حديث شاب لا يتجاوز العقد الثالث بعد وهو في حالة من المزاح مع صاحبه وهنا أحببت أن أسمعَ حوارهما، حيث بادر حديثه للشخص الذي كنت واقفا عنده للتبضع قائلا: بأن الوزارة الفلانية فتحت باب التعيين وطلبت 7000 درجة وظيفية ومنها ما يشمل اختصاصك فعلينا أن نستعد يوم غدٍ لتقديم معاملاتنا، وهنا كان جواب الآخر "لا" وهذه الـ"لا" هي ما جعلتني أن أبادلهما الحديث لماذا لا؟ قد تكون فرصة جيدة لك خصوصا إنك تحمل بكالوريوس واختصاصك مطلوب! هنا كان جوابه من عقله اللاواعي إن الفرصة لن تكون مؤاتية أبدا فالأسماء دائما ما تكون جاهزة قبل القرعة والقليل الباقي يكون لينزه آلية الاقتراع التي ستكون فيما بعد، فلماذا أزاحم على المتقدمين وأزيد من خيبة الآمال.
وهنا شعرتُ إن الشباب بالرغم من كثرة مبادراتهم بطلب التعيين أصبح لديهم هاجس يتمثل بعدم توفيقهم في الحصول عليه، وهكذا ترتب في اللاشعور عدم الإيمان بأن تكون لهم فرصة في أي تعيين قد يكون، مما ولد لديهم أمام ما صادفهم من خيبة الأمل الإصرار على تغيير توجهاتهم وإيجاد ما يسد العوز المادي ويضمن لهم الحياة الكريمة.
لكن مما وجدته لدى هؤلاء الشباب إن مسالة انتظارهم التعيين في أية مؤسسة حكومية أو غير حكومية لم تكن العقبة التي توقفهم وتحد من روح الشباب المتوقدة فيهم نحو العمل وكسر حاجز البطالة وانتظار فرصة التعيينات، بل إنهم وجدوا من الأرصفة الملاذ لكسب لقمة العيش في الحلال، وهكذا تبين لي إن العديد من بين مَنْ يجوبون الشوارع هم مِن الخريجين سعيا في لقمة الحلال كانوا قد تناسوا بوادر التعيينات التي تفتتح بين الحين والآخر للخريجين الذين تكون (وساطتهم) منفذهم في التعيين.