- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المحاكمات العادلة وفقاً للاتفاقيات والموثيق الدولية
بقلم: ماجد احمد الزاملي
تُعتَبر الحرية الفردية للإنسان قضية أساسية وركيزة هامة لحقوق الإنسان في المواثيق الدولية وتتمحور حولها معظم حقوقه لذا ينبغي إقامة توازن دقيق بين الحرية الإنسانية وتقييدها.أي يجب أن لا تطغي حماية المجتمع على حماية الحرية الفردية وأن لا يضحّى بالأخيرة من أجل الأولى ولا العكس, فكلاهما ضروري وحيوي لقيام الشرعية الجنائية , ولا تتحقق هذه الشرعية إلا بهما وعبرهما.
وأي خلل يصيبهما يصيب الشرعية الجنائية وتصبح قضية الحرية محل شك وريبة. وبدون تكاملهما ووضع الضوابط لهما تتفاقم الصراعات وتعم الفوضى في المجتمع وتهتز أركانه(1).
وقد جاء النص على هذا الحق في المادة (14/1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الناس جميعاً سواءً مام القضاء). ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه او في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون.
ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها اوبعضها لدواعي الآداب العامة أوالنظام العام اوالأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، اولمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، او في ادنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة، إلاّ أنّ أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلاّ إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك او كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين اوتتعلق بالوصاية على الاطفال).
لضمان محاكمة عادلة للمتهمين نصت المادة 16 من لائحة محكمة نورمبرج على الإجراءات التالية:
- أن تتضمن ورقة الاتهام العناصر الكاملة التي تبين بالتفصيل التهم المنسوبة إلى
المتهمين وتسلم نسخة مصورة من ورقة الاتهام وكل المستندات الملحقة المترجمة إلى اللغة التي يفهمها وذلك قبل المحاكمة بفترة معقولة.
- يجب إجراء الاستجوابات الأولية والمحاكمة المتعلقة بالتهم الموجهة إليه باللغة
التي يفهمها المتهم أوأن تترجم إلى لغته.
- للمتهم الحق أثناء التحقيق التمهيدي أو المحاكمة أن يعطي أية إيضاحات متعلقة بالتهمة الموجهة إليه.
للمتهمين الحق في إدارة دفاعهم أمام المحكمة إما بأنفسهم أو أن يستعينوا بمحامي يساعدهم في موقفهم. للمتهمين الحق في أن يقدموا شخصيا أو بواسطة محاميه أثناء الدعوى كل دليل يدعم موقفهم.
وأركان الحكم بالإدانة هي ما يقتضيه وجود هذا الحكم القانوني الشكلي، وكذلك وجوده المادي والواقعي ، ويضاف إليها المصدر الشرعي الذي يقوم عليه هذا الوجود ، فإن فقد أحد هذه الأركان كان الحكم بالإدانة منعدما أصلا، أما شروط صحته فهي ما يتوقف عليه ثبوت سلامته القانونية موضوعيا وإجرائيا، فقد تعلق بالحكم الجنائي بالإدانة بعض الشوائب التي تؤثر على صحته دون أن تمتد إلى كيانه فتعدمه وتفقده طبيعته كحكم بل تضعه تحت طائلة البطلان.
الحكم بالإدانة هو إحدى مراحل الخصومة الجنائية بل أهمها نظرا لطبيعته الحاسمة,إذ يحسم الخصومة الجنائية وإنهائها، وجوهر الحكم بالإدانة هو العمل الإجرائي الذي يدور وجودا وعدما مع وجود الخصومة في حد ذاتها، أما موضوع الحكم بالإدانة ,هو إدانة المتهم بارتكاب جريمة أي تقرير ثبوتها كواقعة وثبوت إسنادها إليه، ثم توقيع الجزاء الجنائي المقرر قانونا.
القواعد القانونية على الواقع، وينصب دور قاضي الموضوع في الوصول إلى الحقيقة القضائية () وإعلان الحكم، بعد تقدير الواقع القانوني الذي يرد على الوقائع لتلك الجريمة، و هو النتيجة التي تنتجها الخصومة الجنائية عند مطابقة للحكم بالإدانة أيضا طبيعته المعيارية الشكلية وهي تلك المعيارية التي تحكم السلوك القضائي باعتباره تصرفا قانونيا وعملا إجرائيا هاما، أي الصيغة أو الشكل الإجرائي الذي يصدر الحكم بالإدانة من خلاله، والنطق بالحكم هو المظهر الحقيقي لهذا الركن لكونه يتعلق بإعلان كلمة القانون، وذلك بفصله في الدعوى طبقا لهذه القواعد الإجرائية، وبمقتضاها ينعدم وجود الحكم بالإدانة بعدم النطق بالحكم، فالانعدام هنا ينصرف إلى وجود شكل للحكم بالإدانة، وهو يعني أن نميز بين الانعدام القانوني الشرعي والانعدام القانوني الشكلي ، فالأول يفترض الوجود الشكلي، أما الثاني فلا وجود له على الإطلاق، ويرتكز التمييز بينهما على أنه إذا كان فعل الإصدار لا يستند إلى القانون كمصدر فإن الركن المنعدم هو الركن القانوني الشرعي، أما إذا كان فعل الإصدار مستوفيا للشكل الإجرائي الذي قرره القانون، فالركن المنعدم هو الركن القانوني الشكلي ، وبناءا على ذلك فإن الإخلال بالشكلية الإجرائية يعدم الوجود القانوني (للحكم بالإدانة من حيث الشكل ، في حين أن الإخلال بالمشروعية يعدم المصدر الشرعي لهذا الوجود)().
وحيث أن الحق في المحاكمة العادلة هو من حقوق الإنسان الأساسية التي لا يجوز تجاوزها والتي أقرها وأكد عليها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك أكدت عليها التشريعات الوطنية، فلا بد من توافر عدد من الضمانات التي من شأن تطبيقها ومراعاتها الوصول الى محاكمة عادلة و تبدأ الخصومة الجنائية برفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة وتنتهي بصدور حكم بات أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء التي نص عليها القانون وهذا بالنسبة للانقضاء القانوني، أما بالنسبة لانقضاء الدعوى بطريق قضائي غير قطعي كما الحال بالنسبة للأحكام القابلة للطعن كالحكم الغيابي والقابل للاستئناف فيبقى الحق في محاكمة عادلة تحت مظلة الحماية القانون().
وإذا كانت إمكانية الخطأ واردة في العمل القضائي، فإن المحاكمة العادلة تقر تمتع الشخص الذي أنزل به عقاب نتيجة ذلك بتعويض وفقا للقانون.ميدانيا، ينتقد المحامون خلال مرافعاتهم أو على هامشها، سيما خلال المحاكمات الكبرى، عدم احترام حصانة الدفاع وعدم الاستجابة لملتمسات من شأنها تعزيز المحاكمة, عدم احترام حصانة الدفاع وعدم الاستجابة لملتمسات من شأنها تعزيز المحاكمة العادلة. ومن بين المشاكل التي تطرح في هذا المضمار ما يتعلق بالإثبات.
القانون المقارن يعتبر المحاضر وسيلة إثبات أساسية في مواجهة المتهم ولا يوثق بمضمونها وذلك بناءً على التصريحات المدونة في محاضر الشرطة القضائية.
ومعلوم أن القانون المقارن يعتبر المحاضر وسيلة إثبات أساسية في مواجهة المتهم ولا يوثق بمضمونها إلا إذا ما ثبت العكس، وهو ما يحد من حقوق المتهم. لا يكفي لتقرير حق المتهم في محاكمة عادلة مجرد الاعتراف بهذا الحق، وانما يجب أن نوفر له الضمانات الكفيلة بتطبيقه، ووجه الحماية الذي أقره المشرع للمتهم هو حق الطعن في ألأحكام القضائية الصادرة في مواجهته، و التي يرى أنها مّست بأحد حقوقه.
فالطعن في ألأحكام هو الوسيلة القانونية التي قررها القانون للأطراف لإلغاء الحكم أو تعديله، فهو إذن وسيلة غير مباشرة يمارس بها قضاء الدرجة الثانية رقابته على قضاء الدرجة ألأولى. فرغم تمتع المتهم بحقوق معتبرة في مرحلة المحاكمة أو التحقيق النهائي في الجلسة، لاسيما حقه في الاستعانة بمحامي و حقه في إعلامه في حال إعادة التكييف، وحقه في أن تعطى له الكلمة ألأخيرة، و كذلك حقه في الطعن في ألأحكام الصادرة بحقه، رغم ذلك إلا أنه يتمتع في مرحلتي التحري و الإستدلال و التحقيق بحقوق نعتبرها أقل بالمقارنة مع تلك التي يتمتع بها في مرحلة المحاكمة.
و القاضي عندما يفصل في المنازعات التي تعرض عليه فانه يمثل العدالة في نظر الخصوم والمجتمع() ولهذا فان اساس التقيد بالوقائع يكمن في فكرة حياد القاضي في النزاع ومما يؤكد ذلك ان فكرة الحياد هي الضمانة الوحيدة التي يمكن بها للانسان الذي يمارس مهمة تحقيق العدالة ان يتجرد من الصفات التي تجعل تحقيق العدالة مشكوكاً فيها واذا كان القاضي مقيد بالحدود العينية للدعوى الجزائية فان ذلك لا يمنعه ان يباشر سلطاته داخل حدود الدعوى وترجع العلة في ذلك الى تمكين القاضي من استظهار الحقيقة سواء كانت واقعية او قانونية في الدعوى بالاضافة الى السلطة الذاتية التي تجعل المحكمة مستقلة عما رأته او خلصت اليه محكمة التحقيق وبالتالي يكون حكمها اقرب الى الصواب.
والاختصاص وهو معيار يحدده القانون الداخلي للدولة، وهو ضمانة أساسية للتمتع بمحاكمة عادلة كحق من حقوق الإنسان وقد ورد ونص عليه في المادة الرابعة عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 وفي الإعلان العالمي لسنة1948 وفي المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استقلال القضاء.
القاضي الجنائي له سلطة قبول أي دليل يحقق لديه الاقتناع وهو كذلك الذي يقدر قيمة الدليل وقوته في الإثبات دون أن يًقيّد في ذلك حد ما الاقتناع وتكوين العقيدة بعدة مراحل حيث يستمع القاضي إلي طرفي الخصومة وتطرح أمامه العديد من الوقائع منها الأدلة أو الدلائل على ثبوت أو نفي الجريمة وقد يجري بنفسه تحقيقا للوقوف على ما يراه لازما في كشف الحقيقة وهذه هي المرحلة الأولي التي تفتح بها العملية القضائية ومنها يدرك القاضي ما يطرح أمامة وما يتلقاه من أطراف الدعوى وتتطور العملية القضائية فيبدأ القاضي يفسر ما يتلقاه وما أدركه من وقائع فيسترجع نصوص القانون التي يرشحها للانطباق على ما تلقاه من وقائع وهي المطابقة بين الواقعة المادية التي حملها الخصوم إلية والواقعة الواردة في نص من بين الواقعة المادية التي حملها الخصوم إلية والواقعة الواردة في نص من النصوص التي استرجعها أو تذكرها بهدف الوقوف على ما إذا كانت هذه الوقائع المادية تتطابق مع الواقعة , أي تلك الوقائع المنصوص عليها في قانون العقوبات من عدمه وهذه هي المرحلة الثانية من مراحل العملية القضائية الخاصة بتكوين عقيدة واقتناع القاضي وأخيرا يتبلور أو يتكون ( يقين القاضي ) أو جوهر قراره ومضمونه وتسبيبه.
---------------------------------------------------------------------------------------------------
1-د.محمود شريف بسيوني ؛ وزير,د.عبد العظيم .الإجراءات الجنائية في النظم القانونية العربية وحماية حقوق الإنسان.بيروت,دار العلم للملايين,الطبعة الأولى,1991 ,ص45 ؛ و,د.محمد الفاضل.الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية.الجزء الأول,دمشق,مطبعة جامعة دمشق,1965 ,ص14
2-سعيد عبد اللطيف حسن د. الحكم الجنائي الصادر بالادانة ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1989 ص20
-3 احمد فتحي سرور , الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية –المجلد الاول- الجزء الاول- الطبعة الرابعة دار النهضة العربية1981 ,ص521
4- حاتم بكار، حماية حق المتهم في محاكمة عادلة دراسة تحليلية تأصيلية انتقادية مقارنة. منشأة المعارف الاسكندرية،
5-د.عمر السعيد رمضان- مبادئ قانون الاجراءات الجنائية- ط2- دار النهضة العربية- القاهرة- 1984-ص384.
أقرأ ايضاً
- ما بعد قرار محكمة العدل الدولية.. مجلس الامن على المحك: إما العدالة أو إسرائيل
- المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة - الجزء الثاني
- المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة - الجزء الاول