- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2
بقلم : عبود مزهر الكرخي
وكان الخلق الرفيع للرسول الأعظم هو ما تميز به ذلك الرسول السامي في الأخلاق والكامل من جميع الوجوه والذي أكد الله جل وعلا في كتابه الحكيم بقوله {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(1).
ليؤكد على هذا الذكر الحكيم بقول النبي محمد(ص) في حديثه الشريف { أدبني ربي فأحسن تأديبي }(2).
معنى قوله (صلى الله عليه وآله): (أدبني ربي) يشير إلى تعاهد الله تعالى له بالرعاية واللطف منذ ولادته ولذلك عقبها بقوله (فأحسن تأديبي)، والفعل الماضي (أدبني) لا دلالة فيه على تخلل زمان كان النبي (صلى الله عليه وآله) فيه بمعزل عن تأديب الله تعالى، في تقدير الكلام: أن الله تعالى قد أدبني ولم يؤدبني غير الله. ولا يفهم بأنه كانت هناك فترة لم يكون فيها الرسول مؤدب والعياذ بالله ومن خلال سياق الكلام.
ومن المستغرب عند مراجعتي مصادر هذا الحديث في المواقع السنية والسلفية وجدت أن أبن تيمية يقول هذا الحديث ضعيف . حيث قال ابن تيمية : لا يعرف له إسناد ثابت . وهذا ما يبعث على الغضب والاشمئزاز من النيل من الحضرة النبوية الشريفة والتي تعبر عن أهواء اموية وعباسية وضغائن من الجاهلية من اجل المس بحضرة نبينا الأكرم محمد(ص) ولكن هم لو يراجعوا كتاب الله القرآن العظيم وصفات أسوتنا الحسنة نبي الرحمة خاتم النبيين محمد(صل الله عليه وآله)فهو الأسوة الحسنة، الذي يقتدى بها قال الله سبحانه وتعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }(3).
ولنقتبس كلام من إحدى الكتاب لتأكيد ما نقوله على الخلق الرفيع والسامي للمبعوث رحمة للعالمين حيث يقول " سيد المرسلين الذي عُرف قبل بعثته بالصادق الأمين لعظمة صفاته ومناقبه فلم يكن محمد(صل الله عليه وآله)إلا الأخلاق السامية والآداب النبيلة والقيم الرسالية والإنسانية فكان قيم تمشي على قدمين، وهذا هو السر في سرعان انشداد القلوب والعقول إليه، وفي انتشار دينه الذي طغى على كل الأديان هذا الدين الذي استقطب القاصي والداني، وحتى من قرأ سيرته(صل الله عليه وآله) وتأمل في واقع عصره(صل الله عليه وآله)وما كان يتصف به مجتمعه الجاهلي من مغالطات وكيف جعله(صل الله عليه وآله) مجتمعا راقيا حاملا القيم وداعيا إليها بالحكمة والموعظة الحسنة، أمن به (صل الله عليه وآله) مع بُعد الزمان وبُعد المكان وليس ذلك إلا لأن القيم المحمدية تتماشى مع الفطرة السليمة ويقرها العقل السليم، مهما طال الزمان وتغيّرت حوادث الحدثان، قيمُه كحلاله وحرامه إلى يوم القيامة، حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام الى يوم القيامة"(4). فالرسول الأعظم هو رجل الثبات والقيم والمبادئ والنهج المستقيم الذي لم تؤثر به مغريات الجاه والسلطة والمال بل زادته زهداً وتعبداً والذي قال عنه برناردشو: "إن رجلاً مثل محمد لو تسلم زمام الحكم المطلق اليوم في العالم كله لتم له النجاح في حكمه، وقاده إلى الخير، وحل مشكلاته بوجه يحقق للعالم السلام، والسعادة المنشودة" (5).
وهذه الشخصية العظيمة والتي لم ينجب العالم مثلها لا في الأولين وفي الآخرين والتي هي تمثل الكمال الإنساني والمعاني السامية بكل ما تحمل هذه الكلمات من معاني والتي هو ما تحدثت به عبر سيرته العطرة هي صفحات خالدة في سفر التاريخ والتي أضافت للتاريخ البشري إضافات عظيمة وساهمت في بناء أهم لبنات الحضارة الإنسانية وهي كانت متميزة بكل ما يحمل هذا البناء من عطاء وحب في بناء الإنسانية وخلق الإنسان الجديد بعيد عن كل مظاهر الأنانية والكراهية والحقد والعنف لأنها كانت تنشر مبادئ والمحبة والأخوة والألفة وبغض النظر عن الدين أو العرق أو اللون وهو الذي يقول في حديثه الشريف والذي يصلح كأحد المواد المهمة والتي يجب توضع في كتابة إي دستور عندما يقول روحي له الفداء { الناس سواء كأسنان المشط } (6)وهذا تعميم للناس كافة وليس لدين المسلمين أو لطائفة وعرق معين وليكمل هذا الحديث بقول الله جل وعلا في محكم كتابه { ...إن أكرمكم عند الله اتقاكم } (7).
و تطالعنا هذه الإساءات على الحضرة النبوية الشريفة و تدلل على مدى العجز والكره والحقد على المقام الشريف لنبينا الأعظم محمد(ص) وهي إساءات تدلل على مدى عجز والتخبط الذي يعيشون فيه لكل من يعادي ديننا الإسلامي ممثلة الرسول الأعظم روحي له الفداء، وهذه الإساءة هي ليست الأولى ولا لمجرد وليدة الصدفة من قبل متهور أو متعصب بل هو مسلسل كامل وعبر التاريخ منذ بدء البعثة النبوية الشريفة والتي كلها كانت تقوم على الكذب والغش والخداع والإساءة لحضرة الرسول الأعظم سيدنا محمد(ص) وإلصاق كل التهم المضللة على حضرة النبي بحقد وكراهية لا مثيل لها وهي تدلل وكما قلنا على الإفلاس والعجز التام بعد أن شاهدوا عظمة هذه الشخصية التي فاقت كل الأنبياء والمرسلين لأنه كان خاتم الأنبياء وسيد المرسلين والذي ختم الله سبحانه الرسالات السماوية وبالتالي تكون الناسخ لكل الديانات السماوية والتي ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه والذي لا يأتيه الباطل من فوقه ومن تحته بقوله :{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(8).
ليكون الدين الخاتم لما قبله ولما بعده ولتكون الرسالة المحمدية الكاملة والتي رحم الله عباده بإرسال نبي الرحمة والإنسانية محمد(ص).
ولنأتي إلى جانبنا وهل تم الإساءة من قبلنا لنبينا الأكرم محمد(ص) والجواب سنطلع عليه من خلال ما نحن ما قلناه على الحضرة النبوية الطاهرة ، ورب قائل إن هذه الإساءات لم تخرج من المذهب الشيعي بل من مذهب أهل السنة والجماعة فأقول هذا صحيح ولكن الغربي أو الأمريكي لا يعرف المذهب الشيعي أو الحنفي أو الحنبلي بل يعرف أننا مجتمع إسلامي وهذه الإساءات خرجت من قبلكم وصحاحكم وهذا صحيح فيما يقوله وهناك مثل عندنا في الفرات الأوسط والجنوب أعتز به والذي يقول (إذا شاهدك طلع من بيتك حل قتلك) وفعلاً فنحن نذبح أنفسنا قد أسئنا إلى ديننا ورسولنا وبأضعاف مضاعفة ما أخرجه الغرب من صور وأفلام لتطلع على هذه الإساءات وهي على سبيل المثال لا الحصر لأنها لو تم حصرها لأصبحت بحوث وكتب. كلها من كتب الصحاح للسنة والجماعة وفي مقدمتهم البخاري وأبن مسلم وغيرهم
ومن هنا لابد علينا من استعراض مسلسل الإساءات المتكررة للرسول الأعظم محمد(ص) وكيف كانت ممنهجة وكلها زيف وغش لكي نطلع على هذه الإساءات وان لا يخرج لنا كاتب من القصيري النظرة لكل من يقول أنها إساءة فردية ولدت من اشخص شاذين أو ولدت بمحض الصدفة أو يجب ان نحترم حرية التعبير إلى أخر هذه المفردات والتي كلها تدلل على قصر من يكتب ذلك فلندخل في مسلسل الإساءات وتاريخيا.
والتي سوف ندرجها في أجزائنا القادمة إن شاء الله إن كان لنا في العمر بقية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ [القلم : 4].
2 ـ قال في الحاشيه: رواه ابن السمعاني في أدب الإملاء والاستملاء ص 1، ونسبه السخاوي في المقاصد ص 29 للعسكري في الامثال وضعفه وضعفه ايضاً الألباني. ص46 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - هل حديث ادبني ربي فأحسن تأديبي صحيح - المكتبة الشاملة الحديثة. نور الثقلين: ٥ / ٣٨٩ / ١٣ وص ٣٩٢ / ٢٩. ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٥٨. بحار الأنوار ج11/ 210.
3 ـ [ الأحزاب:21 ].
4 ـ من مقال المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وآله وسلم. موقع شبكة المعارف الإسلامية. محطات إسلامية :: البعثة النبوية. من كتاب إضاءات إسلامية / الشيخ حسن خليل زلغوط.
5 ـ ـ نص الحوار المنشور في مجلة النور «the light»، في عام 1993 على لسان «برنارد شو»: بعنوان «محمد، مخَّلص البشرية». مأخوذ من حوار منشور في جريدة الوطن. مع مفتي الأزهر د. أحمد الطيب. بتاريخ : الأثنين 18 أكتوبر 2021.
6 ـ المحدث : سلمة بن دينار المدني أبو حازم | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : لسان الميزان
الصفحة أو الرقم : 2/330.
7 ـ [ الحجرات – 13 ].
8 ـ [آل عمران : 85].
أقرأ ايضاً
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!