مع انطلاق العام الدراسي الجديد في بغداد، عادت الاختناقات المرورية لتفرض نفسها على شوارع العاصمة، مخلفة تأثيرا مباشرا على حياة المواطنين اليومية. رغم صرف الحكومة العراقية مبالغ طائلة على مشاريع البنى التحتية وتوسعة الطرق وبناء الجسور، إلا أن الحركة المرورية لا تزال تعاني من أزمة مزمنة تتفاقم مع كل موسم دراسي، مما يطرح تساؤلات حول فعالية الإجراءات الحكومية والمشاريع الاستراتيجية في مواجهة الازدحام.
وشملت الازدحامات المرورية الخانقة عددا من الشوارع والجسور الرئيسية، أبرزها سريع الدورة، محمد القاسم، مجسر الأمانة، مجسر الربيعي، مجسر قرطبة، جسر البنوك، جسر الصرافية، جسر باب المعظم، جسر الجمهورية، جسر الطابقين، جسر الجادرية، جسر القادسية، شارع مطار بغداد، كورنيش الأعظمية، شارع قطر الندى، سريع السيدية، فلكة الجادرية، كرادة خارج، ساحة التحرير، شارع الرشيد، منطقة العلاوي، ساحة الفارس، نفق الزيتون، المنطقة الخضراء، شارع الكيلاني، تقاطع النهضة، ساحة بيروت، إضافة إلى ازدحام سريع القناة من الرستمية وحتى المشتل.

وكانت شوارع بغداد قد شهدت منذ يوم الأحد الماضي اختناقات مرورية واسعة، تزامناً مع انطلاق العام الدراسي الجديد 2025-2026، بمشاركة أكثر من 12 مليون تلميذ وطالب من مختلف المراحل الدراسية (باستثناء إقليم كردستان).
وتأتي هذه الازدحامات نتيجة الضغط الذي أضافته عودة الملايين من الطلبة إلى مقاعد الدراسة على حركة السير في العاصمة.
يشار إلى أن الحكومة العراقية تنفذ مشاريع لفك الاختناقات المرورية في بغداد ضمن حزم متعددة تهدف إلى تحسين انسيابية الحركة وتخفيف الزحام، وتشمل إنشاء مجسرات وأنفاق في مواقع حيوية مثل ساحة النسور، تقاطع الفنون الجميلة، وساحة عدن، فضلاً عن تطوير مداخل العاصمة عبر الطريق الحلقي الرابع.
وشكا عدد من المواطنين، من مشاريع فك الاختناقات التي نفذتها الحكومة، مؤكدين أنها لم تحقق نتائج مرضية، بل أن بعضها نقل الأزمة من الطرق السفلية إلى الجسور والأنفاق.

وأضافوا، أن “ازدياد أعداد السيارات بشكل غير مسبوق ومن دون رقابة على دخول المركبات، ساهم أيضا في تعقيد الأزمة، فضلا عن غياب وسائل النقل الجماعي، حيث أصبح الكثير يفضلون امتلاك سيارات شخصية للذهاب إلى عملهم أو أماكن دراستهم”.
وكان رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، أكد في 28 كانون الثاني الماضي، أن الازدحامات المرورية تتسبب بخسائر كبيرة تصل إلى 2 مليار دولار سنويا بسبب الوقت المهدور، واستهلاك الوقود، وصيانة البنية التحتية.
وتشير إحدى الدراسات الصادرة عن البنك الدولي أن العامل الذي يعاني من تأخيرات يومية تصل إلى ساعة كاملة بسبب الازدحام يكون أقل إنتاجية بنسبة 15% مقارنة بغيره.
وفي عام 2024 قدر البنك الدولي أن تكاليف النقل الناتجة عن الازدحام تستهلك حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق.
وتشهد شوارع العاصمة بغداد، بشكل يومي، حالة من الازدحام المروري غير المسبوق، حيث تمتد الاختناقات لتشمل تقاطعات وجسورا تصل في أوقات الذروة إلى 200% عن المؤشرات الطبيعية، حيث أن 60% من العراقيين يعانون من ضغوطات نفسية بسبب الزحام، بحسب مراكز حقوقية.
ووصفت مجلة الإيكونومست البريطانية في آذار 2024، العاصمة بغداد بأنها واحدة من أسوأ المدن في حركة السير، حيث تشهد ازدحامات مرورية خانقة بسبب تهالك الطرق وانتشار نقاط التفتيش وزيادة أعداد السيارات وتلكؤ وفساد في مشاريع البنى التحتية، وفشل الحكومات المتعاقبة بعد 2003 في حل المشكلة”، حيث أكدت “إيكونوميست” أنه “لدى بغداد أسوأ حركة مرور في الشرق الأوسط”.
ويمثل الازدحام المروري معضلة حقيقية بالنسبة إلى أهالي بغداد، وهو أمر مستمر منذ سنوات، حتى بعد اتخاذ إجراءات ميدانية لفتح شوارع حيوية عدة ظلّت مغلقة منذ عام 2003 بسبب “دواعٍ أمنية”.
ومنذ أكثر من عام، بدأت حملة كبيرة لفك الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد، عبر مشاريع عدة، أهمها إنشاء مجسرات وأنفاق، ودخلت بعضها الخدمة فيما لا تزال الأخرى قيد الإنشاء.
المصدر: العالم الجديد
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!