على وقع أزمة بيئية خانقة تضرب محافظة البصرة، عاد ملف المياه المالحة إلى واجهة الجدل السياسي والشعبي، بعدما أكد رئيس لجنة الزراعة والأهوار النيابية فالح الخزعلي، أن الماء المالح أهلك كل شيء في البصرة، محملا الحكومتين المحلية والاتحادية مسؤولية ما وصفه بالإهمال المتراكم.
ورغم الموازنات الكبيرة التي خُصصت للمحافظة، ما يزال العطش والملوحة والجفاف يهدد حياة السكان وبيئتهم، وسط تصاعد أصوات الاستغاثة من الأهالي وانتشار مقاطع مصوّرة توثّق تدفق مياه ملوّثة من منازلهم.
وقال الخزعلي في تدوينة نشرها عبر حسابه على منصة “إكس”، إن “الماء المالح أهلك كل شيء في البصرة، والحكومة المحلية والاتحادية هم من يتحمل المسؤولیة”، مشيرا إلى أنه “منذ عام 2019 حذرنا بکتب رسمية تحت عنوان (البصرة عطشانة)”.
وأضاف الخزعلي أنه “رغم الموازنة الكبيرة التي حصلنا عليها للبصرة، إلا أن ملف المياه لم يكن أولوية لإدارة المحافظة والدليل عطش البصرة حاليا”.
وتصارع مدينة البصرة، منذ سنوات، العطش، والجفاف، وسط ارتفاع غير مسبوق في ملوحة مياه شط العرب، بسبب الفشل في إجراء معالجات جذرية، بالتزامن مع تراجع الاطلاقات المائية من دول المنبع في تركيا وإيران.
ويستنجد سكان المحافظة العراقية الجنوبية منذ شهور، لإنقاذهم من سوء الوضع البيئي والمائي، وانتشرت مقاطع مصوّرة على مواقع التواصل لمواطنين بصريين وثّقوا تدفّق مياه ملوّنة من صنابير منازلهم.
ومع تجاوز نسب الملوحة 10 آلاف TDS في بعضِ مناطق مركز المدينة، مما يجعل الميله غير صالحة حتى للاستخدامات الزراعية والحيوانية.
وأفاد مواطنون في البصرة، مؤخرا، بأن ملوحة المياه وصلت إلى مستويات تجاوزت المعايير العالمية، ما أدى إلى تعطل معظم محطات التصفية، التي تعجز عن معالجة المياه الملوثة بالملح والنفايات الصناعية.
وأشاروا إلى أن أسعار المياه المعبأة تضاعفت، حيث ارتفع سعر طن المياه من 10 آلاف دينار إلى أكثر من 20 ألفا، مما يثقل كاهل ذوي الدخل المحدود.
وأكدت تقارير بيئية، أن انخفاض الإطلاقات المائية من نهري دجلة والفرات، إلى جانب إغلاق إيران لنهر الكارون، ساهما في تقدم اللسان الملحي لمسافة 90 كيلومترا داخل شط العرب، مهددا الأراضي الزراعية ومصادر الشرب، فيما لفتت إلى أن التلوث النفطي والنفايات الصناعية يفاقمان الأزمة، حيث رصدت صور أقمار صناعية تسربات نفطية في الأنهر، دون معالجات حكومية جذرية.
ودعا النائب عن محافظة البصرة، علاء صباح، الشهر الماضي، رئيس الوزراء، محمد السوداني، إلى إقالة وزير الموارد المائية، عون ذياب، لفشله في التعامل مع هذا الملف، فضلا عن افتقار الوزارة لخطة واضحة في معالجة انخفاض مناسيب المياه.
وكان النائب الإداري لمحافظ البصرة، ماهر العامري، أكد في 20 آيار الماضي، أن مجلس الوزراء صادق رسميا على مشروع إحالة تحلية مياه البحر، الذي سبق أن وقعه محافظ البصرة، أسعد العيداني مع ائتلاف من ثلاث شركات متخصصة.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!