ما زال شبح الألغام والعبوات غير المنفجرة يطارد مدن العراق المحررة، مهددا أرواح المدنيين ومعطلا جهود الإعمار وعودة النازحين، رغم مرور سنوات على انتهاء سيطرة تنظيم داعش الارهابي. فبينما حددت وزارة البيئة عام 2028 موعدا لإنهاء هذا الملف الشائك، يحذر مختصون من أن استمرار تلوث مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمنازل المهجورة والطرق الفرعية يُبقي آلاف العائلات تحت خطر دائم، ويقوّض فرص الاستقرار والتنمية في تلك المناطق.
وقال الخبير في الشأن العسكري اللواء المتقاعد صفاء الأعسم، إن “استمرار وجود الألغام والعبوات غير المنفجرة في بعض المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش يمثل تهديدا مباشرا لحياة المواطنين ويعرقل جهود إعادة الإعمار والاستقرار”.
وأكد أنه “رغم مرور سنوات على تحرير هذه المناطق، ما زالت آلاف الألغام المزروعة في الأراضي الزراعية والمنازل المهجورة والطرق الفرعية تشكل خطرا دائما، إذ سجلت عدة حوادث مؤسفة راح ضحيتها مدنيون، بينهم نساء وأطفال”.
وأشار إلى أن “تأخر عمليات المسح وإزالة الألغام يهدد عودة النازحين إلى مناطقهم، كما يعيق استثمار الأراضي الزراعية ويؤثر سلبا على عجلة الاقتصاد المحلي، ولهذا على الجهات الحكومية والمنظمات الدولية تكثيف الجهود في إزالة الألغام وتخصيص برامج توعية للسكان المحليين لتقليل الخسائر البشرية، فمعالجة هذا الملف تعد خطوة أساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في المناطق المحررة”.
وتكمن المشكلة الأبرز التي تواجه سرعة الإنجاز بهذا الملف، هي بالتخصيصات المالية المتوفرة لإدامة زخم العمل وهي من القرض البريطاني الذي تم تقديمه للعراق في الفترة الماضية وبلغت قيمته 400 مليون دولار لدعم جهود الفرق الميدانية العاملة بتطهير الألغام وهي شركات بريطانية مشروط عملها ضمن القرض، حيث تقوم باستقدام آلياتها وكوادرها لتنفيذ الأعمال، بحسب مدير الإعلام والعلاقات لدائرة شؤون الألغام في وزارة البيئة، مصطفى حميد.
يشار الى أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في العراق OCHA قد أشار في تقرير له نشره موقع “ريليف ويب الدولي” منتصف العام 2024 إلى “تطهير 26 مليون متر مربع في العراق من الألغام والمخلفات الحربية، مؤكدا أن تلك المساحة تمثل 20% من المساحة الكلية للأراضي الملوثة بالألغام في البلاد.
ووفقا لتقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في نيسان 2023، تعتبر المناطق الزراعية هي الأكثر تلوثا بين المساحات الملغومة في العراق وهو ما يهدد المزارعين ويمنع استخدامهم لها في مشاريع لكسب لقمة العيش، فيما يؤشر التقرير نسبة 20 في المئة من التلوث بالألغام قرب البنى التحتية ومشاريع الإعمار، كما أكد عدم وجود إحصائية دقيقة أو عدد إجمالي لضحايا الألغام ولكن التقديرات تشير إلى تجاوزهم 10 آلاف قتيل وقرابة 24 ألف مصاب خلال العقدين الماضيين.
يذكر أن العراق قد أبرم ثلاث اتفاقيات بهدف التخلص من التلوث بالألغام، أولها اتفاقية أوتاوا للألغام المضادة للأفراد، والثانية اتفاقية القنابل العنقودية (CCM)، أما الثالثة هي اتفاقية خاصة بالعبوات الناسفة (CCW).
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!