جاء ذلك في منشور للخبير الاقتصادي على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحدث فيه عن ما يتم تداوله من احتمالية تعرض البلاد إلى أزمة مالية خانقة، وفقاً لما تشير إليه التقارير الاعلامية مؤخراً.
وانتقد العبيدي ما اسماها "تكاثر الأصوات الوردية التي تبيع للناس أوهامًا أقرب إلى الأحلام منها إلى الواقع"، التي تدعي أن الأموال متوفرة، والإيرادات تكفي رواتب كل الموظفين"، وأن الأزمة ستنحل بمجرد ما أن يتمّ خفض مرتبات الدرجات الخاصة، قائلا إن "هذا خطاب عاطفي لا يستند إلى أرقام، هدفه دغدغة مشاعر المواطن البسيط وتخديره، لا مصارحته".
وأضاف أن "نفقات الدولة بالوضع الحالي لا يمكن تغطيتها ما لم يُعالج ملف الرواتب معالجة جذرية وحقيقية، وليس عبر حلول ترقيعية"، منوها إلى أن "جميع الإيرادات غير النفطية، مهما تضخمت، لن تكون بديلًا عن النفط، ولن تغطي أكثر من 10–15% من احتياجات الدولة التشغيلية".
العبيدي نبّه إلى أنه "لا يوجد اليوم أي مورد قادر على تعويض النفط"، مردفا بالقول إن "كل ما يُتداول عن الكبريت، الفوسفات، السليكا وغيرها، حتى لو بيعت كمواد خام، لن تتجاوز إيراداتها 300 إلى 500 مليون دولار سنويًا".
كما اعتبر الخبير الاقتصادي "الحديث عن صناعات استراتيجية، من مصافٍ إلى صناعات تحويلية، هو حديث صحيح من حيث المبدأ، لكنه غير آني"، لافتا الى أن "هذه المشاريع تحتاج ما لا يقل عن خمس سنوات لتصبح منتجة، إضافة إلى توفر تمويل وسيولة ضخمة غير متاحة حاليًا".
وأشار إلى أن "المشكلة الحقيقية أن العراق لا يواجه أزمة إيرادات فقط ولا نفقات فقط، بل يواجه عجزًا في خلق اقتصاد حقيقي خارج النفط".
وخلص العبيدي الى أنه "لا حل دون تقليل النفقات، ومعالجة ملف الرواتب بجرأة، ودعم القطاع الخاص دعمًا حقيقيًا لا شعاراتيًا، وإعادة التوازن التجاري مع الدول بعيدًا عن الريع النفطي".
وتابع بالقول إن "ما عدا ذلك، يبقى مجرد أضغاث أحلام وضحك على المواطن الذي يراد له أن يصدق أن الأزمة تُحل بإجراءات بسيطة، بينما الحقيقة أكثر قسوة وأكثر تعقيدًا".
وكان مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح، قد أكد يوم أمس الأول الأربعاء، عدم وجود أزمة سيولة حادة على المدى القصير، فيما أشار الى مضي الحكومة بإعداد موازنة 2026 ضمن اإطار المتوسط الأجل للسياسة المالية.
وقال المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، إن "الحكومات تلجأ عادة الى إجراءات تقليص الإنفاق عند مواجهة ضغوط ناتجة عن تقلبات الإيرادات أو ارتفاع الالتزامات الجارية، لاسيما في الاقتصادات الريعية المعتمدة على مورد واحد كالنفط".
وأوضح ان "هذه الإجراءات تأتي في ظل تقلبات أسعار النفط وتزايد متطلبات الإنفاق، بما يفرض انضباطاً في إدارة السيولة".
وبشأن احتمالات حدوث مشاكل في السيولة خلال المرحلة المقبلة، أكد صالح أنه "من غير المتوقع ان تواجه الحكومة أزمة سيولة حادة على المدى القصير، طالما استمرت الإيرادات النفطية ضمن مستوياتها الحالية، واستمر التنسيق بين السياستين المالية والنقدية"، مبينا ان "استمرار الضغوط على الإنفاق التشغيلي قد يؤدي الى اتساع نسبي في عجز موازنة عام 2026، ما لم يقترن بضبط النفقات وتعزيز الإيرادات غير النفطية، ولاسيما الضريبية والجمركية".
وفي ما يتعلق بإعداد مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2026، أشار الى ان "السلطة المالية والحكومة قطعتا شوطاً مهماً في إعداده ضمن الإطار المتوسط الأجل للسياسة المالية"، متوقعا ان "يركز المشروع على تحقيق توازن بين الاستدامة المالية ومتطلبات التنمية".
وأردف ان "المؤشرات الأولية تفيد بأن المشاريع الاستثمارية والخدمية ستبقى في صدارة الأولويات، خاصة تلك المرتبطة بالبنى التحتية والطاقة والخدمات الأساسية، بما يعزز النمو الاقتصادي ويخفف الضغوط الاجتماعية، مع السعي في الوقت نفسه الى ترشيد الإنفاق التشغيلي وتحسين كفاءته".
وأكد ان "التحدي الحقيقي لا يكمن في حجم الإنفاق بحد ذاته، بل في جودته وكفاءته، وفي قدرة المالية العامة على الانتقال تدريجياً من منطق إدارة الأزمات الى منطق التخطيط التنموي المستدام".
ويعد استمرار الدولة العراقية بالاعتماد على النفط كمصدر وحيد للموازنة العامة، يجعل العراق في خطر من الأزمات العالمية التي تحدث بين الحين والآخر لتأثر النفط بها، مما يجعل البلاد تتجه في كل مرة لتغطية العجز عبر الاستدانة من الخارج أو الداخل وهو بذلك يشير إلى عدم القدرة على إدارة أموال الدولة بشكل فعال، والعجز عن إيجاد حلول تمويلية بديلة.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!