بعد طول انتظار لمولود جديد وما تحمله فترة الحمل من الآلام ومتاعب عند المرأة ، احتار احد الزملاء بين الذهاب بزوجته الى القابلة (المرأة المأذونة بالولادة) او الدكتورة ، كونه كان أمام رأي فريقين من عائلته ، فالاول شجعه على الذهاب الى القابلة لما تملكه من خبرة في هذا المجال \"كما قال له كبار السن \" ، اما الفريق الثاني فشجعه على الذهاب الى الطبيبة لان الحياة تطورت خصوصا وانها تملك أدوات علمية لمعرفة حجم الطفل ونوعه وحتى امور اخرى \"كما قال له من هم اقل سنا من الفريق الاول \"، وبعد ان قرر زميلي الالتزام برأي الفريق الثاني واجهته مشكلة كبيرة ، وهي ان زوجته أحست بآلام الولادة في ساعة متأخرة من الليل وان الطبيبات لم يجبنها على الهاتف ، كونهن اعتذرن لها سلفا بعدم توليدها خلال الليل ، فقرر الرجوع الى رأي الفريق الاول ، فبادر الى الاتصال بإحدى القابلات المأذونات بالولادة وهذه لم تجب ايضا ، واتصل باخرى كانت زوجته تملك نمرة هاتفها الخلوي لكن الحظ العاثر وقف ايضا بوجه زميلي حيث لم تجب هذه القابلة على الاتصال ، فقرر بعد إرباك شديد الذهاب الى مستشفى (.......) ،لكن زوجته هذ المرة أبت ذلك لان أقاربها وصديقاتها حذرنها منها لسوء المعاملة والعناية داخل تلك المستشفى ، ساعات الليل مرت على زميلي كأنها سنون طوال ، والحمد لله انقشع وجه الصباح واستطاع ان يذهب بها الى احدى الطبيبات التي تنازلت وقامت بولادتها قبل ساعات عملها المقررة ، هذا مع العلم ان زميلي كان ميسورا من ناحية المادة..
هذه الحكاية ذكرتني بصديق اخر خارج البلاد عندما ذكر لي ذات مرة ما تقوم بها الدولة هناك من تحضيرات وإجراءات عند ولادة اي مولود جديد والتي تبدأ كما يقول بتحديد موعد الولادة \" الوقت والتاريخ \"، ومنع الام من جلب ملابس للوليد ، حيث يقومون بتجهيزه كاملا بعد الولادة وتهيئة غرفة خاصة ذات الوان جذابة حتى لاتتكدر حالة الأم النفسية وبالتالي تؤثر على نفسية المولود ، ومن ثم اجراء الولادة ، كأن تكون طبيعية او بعملية جراحية ، واعطاء المولود مبلغا من المال ، واخيرا توصيل الام بسيارة الاسعاف المخصصة بعد ان تستريح من آلالام الولادة الى منزلها وايضا تخير العائلة بين راتب شهري معين يقسم اما على سنة واحدة او سنتين تضمن لها مصاريف الوليد من شراب وملبس واشياء اخرى يحتاجها ..
أتساءل بمرارة وربما يشاركني السؤال كثيرون ، متى سنصل ونحن من اسسنا أولى الحضارات ، وأرسينا دعائم دولة مدنية تحترم حقوق الاخرين بواسطة ديننا العظيم الى مصاف تلك الدول التي ربما اعتمدت تلك التعاليم والمفاهيم وطبقتها في حياة شعوبها اليومية ومضمونها احترام العنصر البشري وتوفير احتياجاته اليومية ..