خلال يومين فقط، استقبلت بغداد دبلوماسيين ومسؤولين أمنيين من بلدان مختلفة في زيارات كشف مصدر مطلع أنها تأتي لبحث الأمن الإقليمي وتداعيات الحرب على غزة التي أشعلت بالتوازي حربا جانبية بين الفصائل العراقية والقوات الأمريكية، والتي تهدد بتوسيع رقعة الحرب.
وذكر متخصصون بالأمن، أن معظم الضيوف الذين زاروا بغداد يرومون تعطيل سعيها لإجلاء التحالف الدولي ومناقشة "خطورة" هذه الخطوة على الأوضاع في العراق، في ظل وجود خطر تنظيم داعش الارهابي.
ويكشف مصدر حكومي مطلع، أن "الزيارات التي تجري حالياً للعاصمة بغداد من قبل وزراء دفاع بعض الدول وكذلك مسؤولين أمنيين ودبلوماسيين آخرين، هي لبحث تداعيات التطورات الأمنية في المنطقة خاصة بعد قصف (برج 22) في الأردن والرد الأمريكي على ذلك القصف وتداعيات هذه التطورات مع المخاوف من توسع دائرة الحرب".
ويبين المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه أن "هذه الزيارات تأتي لبحث الأوضاع الأمنية والعسكرية في العراق، خصوصاً في ظل وجود سعي عراقي حقيقي لإنهاء مهام التحالف الدولي في العراق، ومناقشة خطورة وتداعيات هذه الخطوة على الأوضاع في العراق، في ظل وجود خطر تنظيم داعش الارهابي".
ويضيف أن "هناك قلقاً ومخاوف دولية وإقليمية من إنهاء مهام التحالف الدولي في العراق في ظل عدم تنامي القدرات بشكل كامل لدى القوات العراقية البرية والجوية، مع استمرار خطر داعش داخل الأراضي العراقية وقرب حدوده مع سوريا".
وفي 5 شباط الحالي زار ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي وأمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي اكبر احمديان العاصمة بغداد، وهي زيارة غير معلنة، التقى فيها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني الذي أكد للضيف رفض العراق لأي أعمال أحادية الجانب تقوم بها أية دولة، بما يتنافى والمبادئ الدولية القائمة على الاحترام المتبادل للسيادة.
وكان الحرس الثوري الإيراني، قد شن الشهر الماضي، هجوماً صاروخياً عنيفاً استهدف بها مناطق مدنية في أربيل، مما أدى إلى سقوط 10 مدنيين بين ضحية وجريح.
وبعد يوم من زيارة أحمديان، أجرى وزير الدفاع التركي، يشار غولر زيارة إلى العاصمة بغداد وبحث مع وزير الداخلية أمن الحدود المشتركة كما زار أربيل والتقى المسؤولين هناك.
إلى ذلك، يرى عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية كريم المحمداوي، أن "زيارة المسؤولين الأمنيين إلى العراق أمر طبيعي في الوقت الحاضر، وذلك لما تمر به المنطقة والعالم من تداعيات وتطورات أمنية خطيرة بسبب استمرار حرب الكيان الصهيوني على غزة".
ويوضح المحمداوي أن "هذه الحرب سببت تداعيات أمنية كبيرة على العراق ومعظم دول المنطقة والعالم، ولهذا فإن زيارة المسؤولين الأمنيين إلى العراق تأتي لبحث تلك التداعيات، خصوصاً أن العراق منذ بداية الحرب عمل وسعى بشكل حقيقي لإيقاف هذه الحرب، خشية من توسعها".
ويضيف أن "مثل هكذا زيارات أمر طبيعي في ظل التوترات الأمنية في العراق والمنطقة، وبالتأكيد لن تخلو من مناقشة ملف التواجد الأجنبي وإنهاء ملف التحالف الدولي في العراق، ونعتقد أن مثل هكذا زيارات سوف تتكرر خلال المرحلة المقبلة".
ووصلت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبليس، أمس الأربعاء، إلى العاصمة بغداد، في زيارة رسمية واستقبلها نظيرها العراقي ثابت العباسي، وعقد الجانبان، اجتماعا موسعا لبحث "العلاقات الثنائية بين العراق وإسبانيا وسبل تطويرها خاصة ما يتعلق منها بالجانب العسكري".
وتُسهم إسبانيا بنشاط في الجهود الدولية غير القتالية لتطوير قدرات القوات المسلحة العراقية، سواء في إطار التحالف الدولي ضد داعش أو في جهود الناتو لهزيمة داعش، وإنشاء قوات مسلحة ومؤسسات أمنية عراقية حديثة وجيدة الإعداد من خلال بعثة الناتو في العراق (NMI) التي تولّت إسبانيا قيادتها في 24 أيار 2023.
وفي زيارة دبلوماسية أخرى بحثت وزيرة الخارجية الهولندية هانكي بروينز سلوت الثلاثاء الماضي، مع نظيرها العراقي فؤاد حسين، الاعتداءات الإيرانية والأمريكية على البلاد، فضلا عن مساعي وقف الحرب على غزة.
من جانبه، يشير الباحث في الشأن الأمني أحمد الشريفي، إلى أن "الزيارات الأخيرة للدبلوماسيين إلى بغداد لها علاقة بالتطورات الأمنية بعد أحداث غزة، والأحداث التي جاءت على إثرها كعمليات استهداف القوات الأمريكية في الأردن والرد الأمريكي وكذلك تصعيد الفصائل، إضافة إلى حراك إنهاء عمل التحالف الدولي".
ويؤكد الشريفي أن "هناك توجها دوليا بضرورة استمرار عمل التحالف الدولي لمنع أي تطورات أمنية في العراق والمنطقة، وهذه الزيارات ربما جاءت من أجل الدفع بهذا الاتجاه، خصوصاً أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست راغبة بالانسحاب وليس هناك نية لها إطلاقاً".
ويكمل أن "توتر الأوضاع في العراق، قد يسبب تداعيات على عموم المنطقة والعالم، أكثر من تداعيات حرب غزة، لذلك فالكل يريد استمرار الاستقرار الأمني في العراق، وعدم ضياع النصر المتحقق على تنظيم داعش الإرهابي".
ويشهد العراق حربا متصاعدة بالصواريخ والطائرات المسيرة بين القوات الأمريكية والفصائل العراقية وذلك منذ بدء الأحداث في غزة.
يذكر أن العاصمة بغداد، شهدت مساء أمس الأربعاء، قصفا جويا من طائرة مسيرة دمر عجلة مدنية تقل ثلاثة قادة من الفصائل المسلحة بينهم مهندس صواريخ كتائب حزب الله، فضلا عن مخزن للحشد الشعبي في منطقتين شرقي العاصمة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- "ترتيبات" مع الناتو.. هل وجدت بغداد بديلا للتحالف الدولي؟
- لـ"تطوير المهارات".. إيفاد أعضاء مجلس بغداد إلى وجهات سياحية عالمية
- المرجعية الدينية العليا والعتبة الحسينية تقدّمان تجربةً رائدةً في مجال إسكان الفقراء مجاناً