بقلم / مجاهد منعثر الخفاجي
طارق أطرق الباب يحمل جثمانه المغطى بالعلم فوق سيارة , فأسرعت مهرولة حافية الشوق اعياها , شمت عبير عطره فغابت عن الوعي وسقطت على جثته ففاقت على دماها. وذرفت دمع العين كالسيل عيناها ,مزقت ثوبها وصرخة بأعلى صوتها , بكت لفراقه ولسانها ينعاه. جاعت لحنينه هذا ما بدا على محياها , ياويلها مما سترى من الدنيا ما اشقاها ,مات من أسعدها وحماها, هكذا الدهر ابتلاها. ذاك الغم أضناها والفراق أضماها..مرت الايام والشهور ونار الغياب تكويها. نائحة باكية لعل في البكاء دواها قائلة: رحل رفيق الدرب بعد أن كان كالطير يشدو, لن أراه ثانية غابت شمسه صبحا ونوره مسائي ,لكنني ارى عينيه في ابنائي. تحولت ضحكاته بالأمس الى مدامع تسيل من عيوني , بوده كان يغمرني , لازال همسه وعطر كلماته تحت غطائي. كم مرة تشاجرنا وأنا غاضبة فكان بحديثه الدافئ يصالحني ويطفئ بركاني. أه أقولها كل حين لقد كان يقول لي أنتِ الكهف والمأوى, أحسب وجودكِ بالبيت صفوه قصري. يا شمعة شعت بالوجد والبشر أنت سكينة الروح في عاصف الدهر ,أنتِ لي الأنس والنجوى. فأقول له: يا رفيق العمر بالعسر واليسر أنت الرؤى تسمو.. ريحانك لازالت بثيابك اشمها فأنت صاحبي وأرضي وسمائي. يالوعتي فقدت مؤنس وحدتي , حبيب العمر من بعده أصبحت حياتي كئيبة وكتب شقائي.بات واصبح وامسى من بعدك رفيقي بكائي. أعيش على ذكرياتنا ولا أستبدل غيرك رفيقا وسأظل اناديك بصوت رقيق لعلك تسمع ندائي. أقف على قبرك وأنعى فراقك وأظنك مبتسما بالشهادة ودون حجاب تراني. وأعلم بأنك تقول اصبري رغم ان همكِ يذهلكِ. ولكني ارد اليك باكية كل لحظة تزداد همومي اشجانا الى احزاني , رقودك في احضان القبر يؤلمني وزاد اوجاعي. كيف يضمك اللحد امامي بلا استحياء؟ الا يستحي مني وهو يشم فيك عبير عطري؟ ولكن يهدأ روعي عندما شعرت بأنك تقول لي: حبيبتي انتِ حورائي. مهجتك تلتمس دعاءك أن يحميها الرحيم من أعين الخبثاءِ أتذكر بكاء وليدك بأحضاني , فاليوم كلما قال بابا أبكاني. وابنتك التي علمتها مخاصمة السعادة مذ أن رحلت ,فأرشدها اليها ترن مسامعي بعبرة: ذهبت مع رحيل أبي معانيها. أما في العيد... أيتامك لم تتحقق مانيهم.. فأروي لهم مصيبة أم المصائب والمحن , وأذكر واقعة الطف الفجيعة.. أتعلم رد أبنك! لم لم يأخذني ابي كعبد الله الرضيع فتنالني رصاصة الشهادة قبله بأحشائي. وريحانتك تقول: سأحن اليه دوما كرقية حتى لو مت ببكائي. كل هذا واكثر منه تعلمنا أن يكون الصبر عزاءنا , فنم قرير العين وحلق بين الروح والرياحين سأعلمهم على درب الشهادة وخطاها.
أقرأ ايضاً
- من جديد .. قصّة اغتيال الشهيدين تعود إلى الواجهة
- اليوم الوطني ويوم الشهيد
- رسالة أَلَم الى الأخ العزيز الشهيد أبي تحسين البطل ....