حجم النص
بقلم :عباس عبد الرزاق الصباغ
ان افتقار المشهد السياسي/ السيوسولوجي العراقي إلى النموذج الوطني "البطل القومي" الجامع لكل تناقضات وحيثيات النسيج المجتمعي العراقي والتي تجتمع فيه كل ألوان الطيف الفسيفسائي العراقي، يضاف الى ذلك طبيعة تشكيل الدولة العراقية وملابسات تشكيلها الأول عام 21 والثاني عام 58 والثالث 2003 كل ذلك كان جعل للهاجس الطائفي حضورا بارزا فضلا عن حضور بقية الهواجس التي بمجملها تعطي التمايز الطائفي الصارخ التي تتميز به الوان الطيف العراقي من مكونات مكتظة بمفردات هي اقرب للتقارب منها للتنافر بفضل الأرضية المشتركة التي تنطلق منها الأسس البنيوية التي تقوم عليها.
ان التناشز الطائفي أمر طبيعي في جميع المجتمعات وهي ظاهرة أكثر من صحية خاصة في الدول الديمقراطية التي تنتهج حرية التعبير ومبدأ قبول الأخر حتى وان كان مناقضا ومعاكسا لبقية الآراء والاتجاهات التي تمنح لكل مكون هويته القومية والاثنية والعرقية والطائفية ولكن في المجتمع العراقي شيء من الاختلاف بحكم اختلاف هذا المجتمع نفسه واختلاف الرواسب المجتمعية والمدارس المذهبية والمناطقية وغيرها وتأثير كل ذلك على فعاليات المشهد السياسي العراقي، ومن الممكن ان نأخذ في الاعتبار ان جميع مكونات الطيف الطائفي العراقي هي مكونات أصيلة وعريقة ومتجذرة في البنية التحتية المجتمعية في العراق ولها تأثير في النسيج السيوسولوجي/ السياسي العراقي وكلها ذات مدارس أصيلة ومناهج وتوجهات لايمكن التغاضي عنها او التجاوز عليها .
يضاف الى ذلك ان التاريخ المعاصر والقديم ايضا لم يسجل أية حالة من التصادم او التصارع او الاصطدام بين هذه المكونات كما لم يسجل أية حالة من الاستنفار الطوائفي على المستوى الوطني كما يحصل في بعض المجتمعات مثل الهند ما بين الهندوس والسيخ او في مصر مابين المسلمين والأقباط ولم يسجل ايضا أية حالة من التصادم الاثني والعرقي/ المناطقي كما حصل في رواندا وبروندي والبوسنة والهرسك ان التناشز المذهبي له أسبابه الموضوعية ومنها طبيعة الميثولوجيات المشتركة بين الأطراف المتناشزة وهذا شيء طبيعي في اغلب التوليفات المذهبية المسببة للتناشز المذهبي اما الأسباب الذاتية في التناشز المذهبي في العراق (ومنه القومي / المناطقي) فتعود الى جدلية الصراع العثماني" السني" والصفوي" الشيعي" وهو صراع سياسي/ اثني اتخذ طابعا سياسيا / طائفيا ويعود الى السياسة العثمانية في العراق التي استمرت لأربعة قرون التي انتهجت سياسة التفريق والتهميش والإقصاء لطوائف كبيرة ومهمة ويعود ايضا لسياسات الاحتلال الانجليزي والأنظمة التي توالت على الحكم خاصة النظام الشمولي الطائفي السابق الذي ضرب جميع المكونات المذهبية (فضلا عن القومية والعرقية والاثنية) بعضا ببعض الآخر، وهمَّش وأقصى الاغلبيات والاكثريات ليزرع العداوة بين المكونات كما يفعل الإرهاب الآن.
ان المشروع الطائفي في العراق "مشروع" قديم وُجِدَ قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة بكثير لينتج دولة غير مستقرة ومجتمعا غير منسجم ويحاول ان يكرر نفسه لان الهدف من تمزيق العراق ما يزال مستمرا وقائما على قدم وساق .
كاتب عراقي مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- جدلية الاختصاص في ابرام الاتفاقيات القضائية
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- العُطل والجدل البيزنطي حولها