حجم النص
ذكرت احدى وسائل الاعلام خبرا أفاد بتعاقد وزارة النقل مع شركة هولندية لبناء سفن وناقلات بحرية بقيمة تصل الى 265 مليون دولار أمريكي (مئتان وخمسة وستون مليون دولار امريكي)، ومن باب الحرص على المال العام وايضاحا للحقائق، كون أموال الدولة ليست ملكا لاحد، إنما هي أمانة مودعة من الشعب لضمان حياته ومستقبل أجياله، وعلى من يخشى الله ويحب الشعب ان يكون حريصا عليها، ولا يغمض عينيه ويتغاضى عن مصلحة البلاد والعباد من اجل ان يتقاضى المسؤول الفلاني او مكتبه العمولات والهبات. فشركة (كويبرز الهولندية) التي ذكر الخبر تعاقد الوزارة معها هي ليست شركة مصنعة للسفن والناقلات البحرية، إنما هي شركة مقاولات هندسية لتصميم القوارب والسفن الصغيرة والمتوسطة الحجم (2600, 3600, 3900 طن)، ومن اجل بنائها يقومون بالتعاقد مع مسافن -احوض بناء السفن- من خلال عقود ثانوية تبرم معها وكما هو منشور من قبلهم على موقعهم في شبكة الانترنت:(www.kuipersshipbuilding.com/buildinglocations)مع ان العقد الذي تبرمه وزارة النقل ينص على طلب الوزارة لثمانية ناقلات بحرية تتراوح حمولاتها بين (18.500-55.000) طن، اي انها حتى خارج اختصاص (تصاميم) الشركة الهولندية المذكورة، وهذه طامة، اما الطامة الأكبر والأعظم ان هذه الناقلات لن يتم بناءها لا في هولندا ولا في أية دولة أوروبية اخرى، بل سيتم صنعها في جمهورية الفيتنام الشعبية الصديقة، من خلال تعاقد الشركة الهولندية المذكورة مع مسفن دوانغ كوات الفيتنامي (Dung Quat) وبالنتيجة ستكون (صنع في الفيتنام)، وستخضع لقوانين الصناعات والصادرات والكمارك الفيتنامية، وهنا تساءل بعض خبراء شركة النقل البحري في وزارة النقل (لماذا التعب مع الشركة الهولندية وإدخالها في الوسط ان كان العمل كله سيتم مع الفيتنام، مع كل مساوئه؟). ولا نذكر هذه المعلومة انتقاصا من دولة فيتنام الصديقة التي اشتهرت بخوضها سلسلة من حروب الكفاح التحرري والتحدي ضد الاحتلال ومحاولات التقسيم لبلادهم، ولكن لأننا لم نسمع او نعلم يوما انها تصنع وتصدر سفن وناقلات بحرية لأية دولة في العالم! فلماذا نجرب برأس العراق وأمواله من العملة الصعبة؟ وأما مسفن (Dung Quat) الفيتنامي الذي يزمع قيامه بتنفيذ المشروع، فقد انشأ عام 2006 على يد مجموعة من الشركات الاستثمارية المحلية ولكنه تعرض للافلاس بعد بضعة سنوات لتقوم شركة (بترو فيتنام/ شركة النفط الحكومية) بشرائه بسعر زهيد، وحاولت بعد ذلك في العام 2010 البدأ بمشروع حكومي لبناء ثلاثة ناقلات حمولة كل واحدة منها تصل الى (100.000طن)، ولم تستطع سوى إنجاز ناقلة واحدة انتهى العمل بها في منتصف العام 2012، اي بعد مرور حوالي سنتين ونصف على بدأ المشروع. وكما هو معروف فان جمهورية الفيتنام الشعبية الصديقة التي تبلغ مساحتها 329,566 كم٢ وتعداد سكانها يقرب من حوالي 86 مليون نسمة تحتل المرتبة (25) من أصل (30) بلدا في منطقة آسيا والمحيط الهادي من حيث النمو الاقتصادي، وتشتهر بصادراتها من الأرز والمنتجات البحرية والبن والمطاط والقطن والشاي، لان حوالي 80% من السكان يعملون بالزراعة، بالاضافة الى تنامي صادرات النفط الخام والغاز لديهم، ولكنها تعتبر دولة مستوردة 100% للآلات والمعدات والمنتجات المعدنية المختلفة، ولا تصنعها، فيكف سيكون الحال مع مشروع وزارة النقل المؤمل؟والى متى تستمر مثل هذه المهازل في وزاراتنا العتيدة، ومتى نتعلم كيف نتعاقد ونصرف أموال الشعب ونختار ذوي القدرة والتخصص لبناء بلدنا وبناه التحتية؟ وما هوالسبيل لإيقاف هدر المال العام ارضاءا لثلة من المنتفعين على حساب أبناء شعبنا المظلوم؟ ومتى تصحو الضمائر وتخشع القلوب بشكل حقيقي من خشية الله. لاشك ان معالي وزير النقل والسيد مفتش عام الوزارة مدعوان لتقصي الحقائق والايعاز للتحقق من كيفية اجراء امثال هذه التعاقدات، والتاكيد على اختيار الخبراء الاكفاء والمخلصين للوطن للاضطلاع بها. ان استمرار مثل هذه المؤشرات يؤيد ويدعم بشكل حقيقي ما تشير اليه الكثير من الإحصاءات الصادرة عن المنظمات العالمية المعنية بشؤون النزاهة ومكافحة الفساد المالي والإداري الى كون العراق ومع شديد الأسف مازال يحتل الصدارة بنسبة الفساد بين دول العالم بقوة واقتدار، بل وإصرار لعدة سنوات متتالية. سامي سميسم مهندس متقاعد -وزارة النقل
أقرأ ايضاً
- الشروع بوضع خطط لبناء السدود الملحقة في 7 محافظات بينها كركوك وديالى
- رئيس الجمهورية يؤكد أهمية التنسيق بين العراق والكويت بشأن القضايا الإقليمية والدولية
- خلال لقاءه الأسد.. رئيس الجمهورية يشيد بالتعاون بين العراق وسوريا في تعزيز أمن الحدود