بقلم: القاضي علي تاغي خثي
يقصد بالإتجار بالبشر بحسب بروتوكول الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص خاصة النساء والأطفال هو تجنيدهم او نقلهم إيواؤهم او استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة او استخدامها او غير ذلك من أشكال الإكراه او الاختطاف او الخداع او استغلال حالة استضعاف او إعطاء او تلقي مبالغ مالية لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال وهو ما كرسته المادة (1) من قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012 ففي حالة الاطفال يعد الاتجار قائما دونما حاجة لإثبات الوسيلة كالعمل او الإكراه فمجرد الاستغلال يعد إتجارا.
ان جريمة الاتجار بالبشر تتكون من ثلاثة أركان، يتمثل الركن الاول بالفعل كالسمسرة او البغاء او حتى السحر والشعوذة او الإيواء، اما الركن الثاني فهو الوسيلة كالتهديد والخداع واستغلال النفوذ او ممارسة الضغط المادي. اما الركن الثالث فهو الغرض من الإتجار ويتجلى بالاستغلال بصورة خاصة سواء كان الاستغلال لغرض التسول او الاستغلال الجنسي فثمة ربط بين الاتجار بالبشر وبين التسول الذي يمثل الغرض من الإتجار.
وقد نظم المشرع العراقي ذلك بقانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012 وشكل لجنة بموجبة تتولى تحقيق أهداف هذا القانون المنصوص عليها في المادة (3) منه ووضع العقوبات التي تتناسب مع كل فعل من افعال المتاجرة بالبشر، وأيضا شدد العقوبة عند توافر الظروف التي نصت عليها المادة (7) من قانون المذكور.
وحسنا فعل المشرع حينما اشار الى طريقة إدارة هذه الجريمة من خلال شبكة المعلومات (مواقع التواصل الاجتماعي) فمن خلال التقدم التكنولوجي واستغلال ظاهرة الذكاء الاصطناعي نلاحظ ان هذه الظاهرة قد تنامت بشكل مخيف وقد لا يقصر الامر على الادارة من خلال المواقع بل اتجه الامر الى ابعد من ذلك من خلال تأسيس شركات او جمعيات ظاهرها اجتماعي إنساني فحواها لا يخلو من المتاجرة بالبشر وهذا ما لم يتخطه المشرع عندما اشار الى عقوبة الشخص المعنوي الذي يثبت اشتراكه في هذه الجريمة وفقا لأحكام المادة (9) من القانون المشار اليه انفا.
لذا نجد ومن اجل الاحاطة بهذه الجريمة وتحجيمها والحد من انتشارها ضرورة إجراء مراجعة شاملة ودقيقة لكل الشركات او المكاتب التي تعنى بتشغيل العمالة الخارجية أو المؤسسات والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي وحتى التي تتبنى الجانب الإنساني، وفرض رقابة مشددة على كل من يمارس التسول او الشعوذة او البغاء السمسرة فهذه هي الصور الجلية للإتجار بالبشر سيما ظاهرة البغاء والسمسرة التي حرص مجلس القضاء الأعلى الموقر على ان يتم التحقيق فيها من قبل قضاة تحقيق مختصين بهكذا نوع من الجرائم.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!