بقلم:حسن كاظم الفتال
لقد تحدثنا وتحدث الكثيرون عن ماهية الإعلام ومواصفاته ومكوناته ومعطياته كعمل يتطلب أداؤه مراعاة عنصر المهنية والحرفية وعن دوره كرسالة وكصوت مؤثر يمكن أن ينصت إليه المجتمع ليرفد الوعي المجتمعي والثقافة المجتمعية ويضيف وعيا وثقافة أو يصقل ذلك بمصداقية وموضوعية وآلية معرفية. وان القدرة على التعاطي مع المفهوم والمغزى الإعلامي ومعرفة بواطنه أشبه بمَلَكَة ينبغي أن يتقمصها الراغب في الخوض في لجج الإعلام ليصنع منه وسيلة ترسيخ الوعي في العقل الجمعي وأداة من أدوات الثقافة المجتمعية ولما عمت وشملت الفوضى والإضطراب معظم مفاصل الحياة في هذه المرحلة فقد نال الإعلامُ نصيباً منها . وعند ذاك ليس غريبا أن يصبح شغل الإعلام في معظم مفاصله تسويق وترويج إعلانات ودعايات لأفراد أو مجاميع معينة ربما يراد منها تحقيق مكاسب شخصية ومآرب نفعية. في مقدمة هذه الأمر أن اقتصر عمل الكثير من الفضائيات وإعلامييها على إنتاج برامج حوارية وحسب . برامج متشابهة في سياقات المحاور والحوار موحدة ومكررة المضمون وفي القصد والغاية. خلاصتها نشوب نزاعات وتوترات وخلق خلافات في مختلف الاوساط وتأجيج ضغط نفسي. ولعل الشغل الشاغل لمعظم الإعلاميين تقديم برامج تسمى ( حوارية ) باستضافة أشخاص متضادين ومتغايرين بالتوجهات ليجلس المقدم ويتظاهر بالتشنج وبلغة المتعالي وصفة فوقية وبتصنع في الأداء والحركات متخذا من نفسه قاضيا يحاكم ضيفه ويبلغ به الأمر أحيانا الى توجيه إهانة.. وحين يتابع حديث الضيف فيكون رده اشبه بالسخرية الإستهزاء ( إممممم..إمممم ... أهههه أههااا) فضلا عن التعمد بخلق نزاعات فيما بين الضيوف لتبدأ المشادات وليتشاتموا وهو ما كان يروم بلوغه. وتظهر خفايا وتنشب الخصومة وتسبب العداوات وتلقي بظلالها وآثارها على مكونات أو أشخاص لعلها تساهم في تخريب مفصلٍ من مفاصل العملية السياسية. وبذلك يكَوِّن المشاهد فكرة سيئة عن الضيف المتحدث ويقلل من شأنه . وبذلك يصور المقدم نفسه بأنه إعلامي ناجح. وما يسترعي التوجه والتأمل ان الكثير من الضيوف ينصاع بيسر وسهولة لأساليب الخديعة والتمويه. والأنكى أن قسما منهم يتقبل الاستخفاف به . ويبدو أن الأمر مدفوع الثمن . ولا شك أن معظم الأسئلة معدة مسبقا ومنها ما هو متفق عليها خلف الكواليس. وما يلاحظ توافق الترصد لوقوع أي حدث ليتحول إلى مادة إعلامية أو موضوع يشيع ويتم التنافس على تداوله من قبل الإعلاميين . فأصبح الإعلاميون يتحينون الفرص لوقوع أي حدث ومن هذا الأحداث إصدار قانون من قبل الحكومة تتغاير الآراء فيه وتتفاوت بين التقبل والرفض ولابد للإعلامي أن يكون رافضا ويؤلب الضيوف على رفضه ويكون هو طرفا معاندا لكل وجهة نظر إلا ما تنسجم مع مزاجه ليظهر بمظهر الإعلامي الجيد المتمكن. ثم يتم الترقب لوقوع أي حدث كنشوب حريق في موقع ما او حدوت تصادم بين فئتين أو مكونين أو حتى حادثة قتل أو غير ذلك فما أن يقع الحدث حتى يصبح القاسم المشترك بين جميع الفضائيات وإعلامييها ويفتح باب الفرج لمواصلة العمل. وقد آثرت العدوى أن تنتشر في معظم القنوات الاعلامية لتتشابه بمنهجيتها. ومن أمارات إنتشار هذه العدوى ارتكاز الكثير من القنوات على العنصر النسائي حتى لو عكست ضآلة امتلاك نسبة المهنية والحرفية الإعلامية إنما هو تحقيق الهدف الأسمى للمؤسسة .
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!