بقلم: مجاشع التميمي
من المفارقات المؤسفة أن أكثر من (150 نائباً) في هذه الدورة لم يحضروا جلسات البرلمان منذ التصويت على منح الثقة لحكومة السيد محمد شياع السوداني، ورغم ذلك يستعدون اليوم للمشاركة مجدداً في الانتخابات وكأنهم أدّوا واجبهم على أكمل وجه.
الأغرب أن معظم هؤلاء لم تُعرف لهم موقف أو إنجاز طوال السنوات الماضية، ومع ذلك لا يمنعهم القانون من الترشح، فهم ليسوا منتمين لحزب البعث المنحل، ولا صدرت بحقهم قيود جنائية أو أحكام بشهادات مزورة. وهكذا يبدون مطمئنين للعودة، غير آبهين بأنهم أقسموا على خدمة الشعب ثم غابوا عن دورهم، مستهلكين مليارات الدنانير دون فائدة. أليس هذا ملف فساد يستحق تدخل القضاء؟
الأكثر مرارة أن هؤلاء الغائبين، الذين يشكلون نصف البرلمان، يسمح لهم بالعودة، فيما يتم استبعاد شخصيات وطنية خدمت العراق مثل الفريق عبد الغني الأسدي والفريق نجم الجبوري. أليس من الظلم أن يُقصى قادة النصر ويُفسح المجال أمام من أساؤوا للنظام السياسي وأضعفوا العمل التشريعي؟
وإذا كان مجلس النواب عجز عن تعديل قانون الانتخابات بشكل عادل، فقد نجح في تمرير قوانين منحته امتيازات واسعة، من مخصصات مالية ضخمة، وجوازات دبلوماسية، وقطع أراضٍ، لولا أن المحكمة الاتحادية والقضاء تصديا لهذا التشريع المخجل.
المفوضية العليا للانتخابات ليست مسؤولة، فهي تطبّق القانون، فيما تتحمل وزارات الدفاع والداخلية والتربية والتعليم والنزاهة والمساءلة والعدالة، إلى جانب الأجهزة الأمنية، مسؤولية التدقيق، وقد أدت واجبها بحرفية. لكننا بحاجة إلى عدالة أعمق، فالشروط التي حددها قانون الانتخابات غير كافية لمنع كل نائب خذل جمهوره. العراق اليوم بحاجة إلى شخصيات كفوءة تدرك مهمة السلطة التشريعية، لا نواب كسالى أو مبتزين للسلطة التنفيذية. نحتاج ممثلين يعرفون كيف يخاطبون الشعب بوسائل الإعلام، ويملكون الشجاعة لقول الحقيقة لا الصمت والتقاعس.
ولا يمكن أن يتحقق الإصلاح في ظل برلمان متقاعس غابت عنه الإرادة الوطنية. لقد كنا نطمح أن تكون الامتيازات مرتبطة بفترة وجود النائب في البرلمان فقط، لا أن تتحول إلى حقوق أبدية تورّث وكأنها مكتسب شخصي. فالنائب مؤتمن لخدمة الشعب لا لتأمين مصالحه الخاصة إلى ما لا نهاية.
والمؤسف أن بعض النواب يعيشون خارج العراق في بريطانيا وأمريكا وأوروبا وإيران، ومع ذلك يتمتعون بحمايات خاصة تكلف الدولة مليارات الدنانير. فهل يُعقل أن تتحول الدولة إلى شركة أمنية لحماية أشخاص لم يقدموا شيئاً للوطن؟
واليوم، مع اقتراب الانتخابات، تستعد وزارة الداخلية لتخصيص (3500) حماية جديدة للنواب القادمين، بينما يستمر النواب الحاليون والسابقون منذ خمس دورات بالتمتع بالامتيازات ذاتها، ما يجعل السلطة التشريعية عبئاً ثقيلاً وهدرًا فادحًا لموارد العراق.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!