بقلم/ حسين النعمة
حينما حذّرت المرجعية الدينية العليا من المحاصصة المقيتة، لم يكن خطابها مجرّد ترفٍ سياسي أو وعظٍ عابر، بل كان تشخيصًا دقيقًا لجذر الداء الذي يعصف بالعراق منذ سنوات. لقد قالتها بوضوح: هذا النهج سيقود إلى ما هو أشد من داعش، لأن الإرهاب مهما كان وحشيًا يزول بجهد السلاح، أما فساد المحاصصة فيستنزف الدولة من داخلها، ويهدر كفاءاتها، ويضرب باستحقاقاتها عرض الجدار.
واليوم، بعد أن تبيّن بالدليل أن كل التحذيرات كانت واقعية، يبرز السؤال الحارق: لماذا لم تنصت القوى السياسية إلى المعالجات التي قدّمتها المرجعية مرارًا، وهي معالجات قائمة على المواطنة والعدالة والكفاءة؟ وهل ما زالت المصلحة الحزبية والولاءات الضيّقة أثقل من مصلحة الوطن؟
لكن المعادلة لا تكتمل من دون الشعب. فلو أن الناخبين توحّدوا على اختيار الأصلح، بعيدًا عن الانتماءات الضيقة والولاءات العابرة، لكان للمشهد وجهٌ آخر. المرجعية وضعت الوصفة: انتخاب الكفاءات، محاسبة الفاسدين، وبناء دولة عادلة. غير أن التنفيذ يحتاج إلى إرادة مزدوجة: إرادة سياسية صادقة، ووعي شعبي مسؤول.
إن الإصلاح لن يتحقق ما لم يُكسر جدار المحاصصة، وما لم يُستبدل صوت المصالح الخاصة بنداء الوطن. تلك هي الحقيقة التي قالتها المرجعية مبكرًا، وها هي الوقائع تثبتها كل يوم.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!