RSS
2025-12-30 11:20:56

ابحث في الموقع

انبعاثات مسرطنة من الحرق العشوائي تهدد الحياة في العراق

انبعاثات مسرطنة من الحرق العشوائي تهدد الحياة في العراق
في مشهد يعكس خللاً واضحاً في الإدارة البيئية، يواجه العراق أزمة متفاقمة في ملف النفايات الصلبة ومكبّاتها العشوائية المنتشرة في المناطق السكنية، بصورة واسعة في العاصمة بغداد وفي محافظات عدّة.

وبينما يؤكد مسؤولون ومراقبون بيئيون أنّ ثمّة عجزاً واضحاً لدى الجهات المعنية في السيطرة على هذه الأزمة ومنع عمليات الحرق المتواصلة، يحذّرون من أنّ عدداً منها يرتبط بانبعاثات شديدة الخطورة، ولا سيّما أنّها مسرطنة.

وعلى الرغم من الشكاوى المتكررة والحملات التي وعدت جهات مسؤولة في العراق بتنفيذها، ما زالت تلك المكبات تمثّل مصدراً دائماً لانبعاث الغازات السامة، في غياب أنظمة حديثة لإدارة النفايات سواء على مستوى الجمع أو الفرز أو التلف النهائي.

ويؤكد الناشط البيئي نهاد العزاوي، أنّ "حرق النفايات في العراق ما زال يمثّل تحدياً بيئياً وآخر صحياً خطرَين في المناطق السكنية"، ووصف "الحملات التي نفّذتها الجهات المسؤولة لإزالة المكبّات ومنع حرق نفاياتها تبقى حملات مؤقتة لم تحقّق شيئاً".

ويشرح أنّ "حرق النفايات، بخاصة تلك البلاستيكية، يُعَدّ من أخطر الممارسات، نظراً إلى ما تطلقه من مواد مصنّفة عالمياً من ضمن الملوّثات البيئية العضوية الثابتة، ذات التأثيرات المسرطنة والمسبّبة كذلك لأمراض الجهاز التنفسي واضطرابات المناعة"، لافتاً إلى "تسجيل إصابات كثيرة".

وتحدّث العزاوي عن تلقّي الناشطين المعنيين بالبيئة كما الجهات المسؤولة الرسمية "مئات الشكاوى من المواطنين بشأن تلك الملوّثات وضرورة وضع معالجات لها، لكنّ ثمّة ضعفاً وعجزاً واضحَين من الجهات المسؤولة، مع غياب الرؤية الاستراتيجية لإدارة الملفّ"، مشيراً إلى أنّ "العراق يعاني من ضعف في تنفيذ الحملات الضرورية في مجال إدارة النفايات، علماً أنّها لا تتناسب مع مخاطرها".

في الإطار نفسه، كان المتحدث باسم وزارة البيئة في العراق لؤي المختار قد صرّح بأنّ "ملفّ التلوّث بالبلاستيك من أبرز القضايا البيئية على مستوى العالم، نظراً إلى تأثيراته المعقّدة وذات الجوانب المتعدّدة على النظم البيئية والصحة العامة"، مؤكداً أنّ "هذه المشكلة لا تقلّ تعقيداً على المستوى الوطني، وأنّ آليات معالجتها تتطلّب حلولاً شاملة وغير تقليدية".

وأضاف، أنّ "مواد كيميائية سامة أو مسرطنة تُضاف إلى المنتجات البلاستيكية لتحسين خصائصها، وقد تتسرّب إلى جسم الإنسان مسببة آثاراً صحية خطرة تستوجب الوقاية والمعالجة".

وشدّد المختار على "ضرورة حماية إمدادات الغذاء والمياه ولعب الأطفال من المنتجات البلاستيكية التي تحتوي على إضافات كيميائية خطرة". وبيّن أنّ "العراق يعاني من ارتفاع معدّل النفايات المتولدة للفرد، بالإضافة إلى الحجم التراكمي الكبير للنفايات، ما يشكّل عبئاً على عمليات الجمع والنقل".

وتابع أنّ "أنظمة إدارة النفايات في العراق تفتقر إلى آليات الفرز من المصدر أو بعد الجمع، فضلاً عن غياب أنظمة الإتلاف النهائية القياسية مثل المطامر الصحية أو الترميد أو التدوير".

وأوضح المتحدث باسم وزارة البيئة في العراق أنّ "نسبة النفايات البلاستيكية تقدَّر بما لا يقلّ عن 40% من إجمالي النفايات الصلبة، ما يجعلها عاملاً رئيسياً في تفاقم المشكلة البيئية"، محذّراً من "انتشار الحرق المكشوف للنفايات وما ينتج عنه من انبعاثات الديوكسينات المسرطنة".

وأكمل المختار: "نسعى إلى إصدار تشريعات وقرارات للحدّ من استيراد واستهلاك المنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام، وتقليل الاعتماد على المنتجات قصيرة العمر، وتحسين تصميم ومواصفات المنتجات لتكون أكثر قابلية للتدوير، فضلاً عن دعم الصناعات القائمة على إعادة التدوير"، مشيراً إلى أنّ "أحد هذه القرارات مطروح حالياً على جدول أعمال مجلس الوزراء".

وفي السنوات الماضية، زادت حالات انتشار رائحة الكبريت والدخان في أجواء بغداد بطريقة يصعب معها استنشاق الهواء بسهولة، علماً أنّ ثمّة من يشير إلى أنّ مصدرها معامل تدوير أسلاك الكهرباء والبلاستيك التي تحيط بالعاصمة، وكذلك مطامر النفايات وإحراقها. ووفقاً لموقع "آي كيو إير" العالمي المتخصّص في مراقبة جودة الهواء وقياس درجات التلوّث، فقد تصدّرت بغداد قائمة المدن الأعلى في نسب التلوّث.

وكانت السلطات الأمنية في بغداد قد أعلنت، مطلع شهر كانون الأول الجاري، إغلاق أكثر من 270 منشأة مخالفة للضوابط البيئية بهدف الحدّ من التلوّث في العاصمة.

وأوضحت أنّ 380 دعوى قضائية رُفعت ضدّ الأنشطة المخالفة للبيئة في إطار مواجهة المتجاوزين على الصحة والبيئة، إلا أنّ حملاتها لم تبدُ مجدية في ظلّ المكبّات القائمة في المناطق السكنية واستمرار عمليات إحراقها.

كرار الاسدي

كرار الاسدي

كاتب في وكالة نون الخبرية

التعليقات

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!