في خطوة مفاجئة قد تفتح بابا لمعادلات استراتيجية جديدة، وقع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قرارا رسميا ينهي الاتفاق النفطي التاريخي مع العراق، بعد أكثر من نصف قرن على سريانه، والذي ينص على إلغاء اتفاق خط أنابيب النفط “جيهان” بين بغداد وأنقرة الموقع عام 1973، والذي كان يعد شريانا اقتصاديا حيويا للجانبين، خاصة لتصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط.
ويمنح القرار التركي الاتفاق مهلة انتهاء رسمية حتى تموز 2026، إلا أن بغداد لم ترد بأي تصريح رسمي على هذا الإجراء، فيما رجح الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن يكون ذلك لرغبة تركيا بإنشاء خطوط أنابيب جديدة لنقل النفط والغاز الطبيعي من البصرة إلى ميناء جيهان، كشف عن تداعياته الكبيرة على إقليم كردستان، وواصفا إياه بـ”الضربة القاصمة”.
وقال المرسومي في تحليل تحت عنوان: “لماذا قررت تركيا إنهاء اتفاقية خط أنابيب نقل النفط الخام مع العراق؟”، نشره على صفحته في “فيسبوك”، إن “هذا القرار جاء استنادا إلى المادة 11 من الاتفاقية المعدلة في 19 أيلول 2010 الذي يجيز لأحد الطرفين إنهاء الاتفاقية الممتدة لـ 15 سنة بعد إرسال بلاغ خطي للطرف الآخر قبل سنة واحدة من تاريخ انتهاء الاتفاقية“.
وأضاف، “كان يمكن للعراق استنادا إلى هذه المادة أن يعمل على تمديد أو تعديل هذه الاتفاقية قبل سنتين من نفادها، لكنه لم يفعل ذلك”، مبينا أنه “قد يكون قرار تركيا مرتبطا من استيائها من العراق الذي رفع دعوى قضائية إلى محكمة غرفة التجارة في باريس وأدت إلى تغريم تركيا 1.5 مليار دولار بسبب سماحها بتصدير نفط كردستان من خلال خط جيهان خلافا للاتفاقية الموقعة مع العراق”.
ورجح المرسومي، أن “يرتبط ذلك برغبة تركيا بإنشاء خطوط أنابيب جديدة لنقل النفط والغاز الطبيعي من البصرة إلى ميناء جيهان على البحر الأبيض المتوسط، وبحسب المخطط، ينقل النفط الخام من البصرة شمالا إلى حديثة، قبل أن تتجه نحو سيلوبي في جنوب تركيا، ويشمل هذا المسار أيضا نقطة انتقال من بيجي العراقية إلى فيشخابور، قرب الحدود التركية”.
وبين أنه “تبلغ طاقة المشروع 2.2 مليون برميل يوميا ويعد خط البصرة- سيلوبي مهم للغاية للعراق من أجل تصدير النفط الخام بشكل مستدام، ويوفر له طريقا بديلا وسهلا للوصول إلى أسواق البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن أنه يمثل امتدادا لمشروع طريق التنمية الطموح، الرامي إلى ربط آسيا بأوروبا عبر شبكة من السكك الحديدية والطرق التي تمر بالعراق، ولذلك فهو يحظى بموافقة الحكومة العراقية”.
وتابع الخبير الاقتصادي البارز: “كما ويعزز المشروع مساعي أنقرة للتحول إلى مركز إقليمي رئيسي للطاقة. وسيعود خط أنابيب الغاز من البصرة إلى سيلوبي بالنفع على المنطقة، اذ أن تركيا تخطط في المدى القريب لتزويد العراق بالغاز الطبيعي اللازم لتوليد الكهرباء إلى حين تطوير حقول الغاز المحلية”.
وحول تداعيات القرار، أكد المرسومي، أن “توقف خط جيهان يمثل ضربة قاصمة لكردستان، إذ أنه يمثل المنفذ الوحيد لصادراتها، ومن ثم سيضعف من اقتصادها وسيجعلها أكثر اعتمادا على بغداد”.
وكانت حكومة إقليم كردستان، أعلنت في 23 شباط 2025، التوصل إلى اتفاق مع وزارة النفط لاستئناف تصدير نفط الإقليم عبر خط جيهان التركي، إلا أن التصدير ما زال متوقفا، منذ أكثر من عامين.
الجدير بالذكر أن الحكومة العراقية قد ربحت في آذار 2023، دعوى تحكيم ضد نظيرتها التركية أمام غرفة التجارة الدولية في باريس، لـ”مخالفتها” أحكام اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية الموقعة عام 1973، وتتعلق بتصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي دون الرجوع إلى شركة “سومو” الاتحادية، الجهة الوحيدة المخولة بتصدير النفط العراقي، وعلى إثر القرار، توقف تصدير نفط كردستان في 25 آذار مارس 2023، الذي كان يبلغ 450 ألف برميل يوميًا، الأمر الذي يعني خسارة نحو مليار دولار شهريًا.
وتشكل هذه التجارة عائقا كبيرا في تسوية الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، حيث تفرض الاتفاقيات السياسية وقانون الموازنة الاتحادية تسليم كل النفط المنتج في الإقليم إلى الحكومة الاتحادية، التي تتمتع بالحق الحصري في بيعه، وفقًا للقضاء العراقي وهيئة التحكيم الدولي.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!