ابحث في الموقع

ما أسباب إلغاء أردوغان اتفاقية نقل النفط العراقي عبر تركيا؟

ما أسباب إلغاء أردوغان اتفاقية نقل النفط العراقي عبر تركيا؟
ما أسباب إلغاء أردوغان اتفاقية نقل النفط العراقي عبر تركيا؟

مع قرب استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، ألغى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل مفاجئ اتفاقية التصدير عبر هذه الأنابيب، وهو توقيت وجده خبراء “مدروسا”، فيما أرجعوا الخطوة التركية الأخيرة لسببين رئيسين، الأول الامتعاض التركي من الشكوى العراقية في باريس والضغط لإطفاء الغرامة التي كسبتها بغداد، والثاني يتعلق برفع الرسوم والأجور على نقل النفط العراقي، في وقت رسم خبير قانوني طريقا للشكوى ضد أنقرة بعد إلغاء الاتفاق الساري منذ أكثر من 50 عاما.

وعن إلغاء هذه الاتفاقية، يوضح خبير النفط والطاقة كوفند شيرواني، إن “اتفاقية خط الأنابيب العراقي التركي التي تم تعديلها في 2010 ينص أحد بنودها على أن لكل طرف من الجانبين الحق في إنهاء العمل بهذا الاتفاق بإشعار الطرف الآخر قبل ما لا يقل عن عام واحد من انتهاء مدة الاتفاقية وهذا هو ما حصل، فنحن على بعد أيام فقط من المدة المتبقية وهي سنة واحدة لانتهاء هذه الاتفاقية”.

ومن الناحية القانونية، يجد شيرواني، أن “تركيا قامت بعمل قانوني بحسب بنود الاتفاقية وأعربت عن نيتها بعدم تمديدها، لكن التوقيت جاء بعد أسبوع فقط من توقيع عقد تفاهم بين إقليم كردستان وحكومة بغداد بشأن النفط والرواتب، وقرب استئناف التصدير عبر هذه الأنابيب”، لافتا إلى أن “التوقيت يبدو مدروسا من الجانب التركي، والهدف منه الضغط على الحكومة العراقية لإبرام اتفاق جديد يحصل فيه الجانب التركي على إيرادات مالية أكبر مما موجود في العقد الساري حاليا الذي ينتهي في تموز 2026”.

ووقّع أردوغان، أمس الأول الاثنين، قرارا رسميا ينهي اتفاق خط أنابيب النفط الخام المبرم بين العراق وتركيا منذ عام 1973، وهو الاتفاق الذي استمر لمدة 52 عاما ويعد من أبرز التفاهمات الاقتصادية بين البلدين.

ونشر القرار في الجريدة الرسمية للدولة التركية، ويحمل توقيع الرئيس التركي شخصيا، وبحسب القرار، فإن الاتفاق المبرم بين أنقرة وبغداد سيتم إلغاؤه بشكل رسمي في 27 تموز 2026، وذلك وفقا لما جاء في القرار الصادر بالعدد 10113 من الجريدة الرسمية، وبهذا تنتهي صلاحية جميع البروتوكولات والوثائق الإضافية المرتبطة بهذا الاتفاق التاريخي.

وعن أسباب هذا الإلغاء المفاجئ، يعتقد أن “الجانب التركي مستاء من العراق بسبب الدعوى التي أقامها على تركيا في محكمة باريس وألزمت الحكومة التركية بتسديد 1.4 مليار دولار كتعويضات للجانب العراقي، لذا فإن ممارسة هذا النوع من الضغط على الحكومة العراقية يهدف إلى التنازل عن مبلغ هذه الغرامة”.

وإضافة إلى هذا الضغط، يكشف الخبير النفطي عن “دعوى أخرى سجلتها تركيا في محكمة أمريكية وحكم لصالحها بمبلغ 900 مليون دولار”، لافتا إلى أن “هذه الدعاوى تعكر الأجواء وتجعل استئناف التصدير ليس سهلا دون تسوية، لأنها ستكون عثرة في طريق الاتفاق والتصدير عبر جيهان مرة أخرى”.

ويجد أن “وزارة النفط عليها أن تعمل على مسارين، الأول أن تحاول إنجاح الاتفاق الذي أبرمته الحكومة مع الإقليم في ما يتعلق بالنفط والرواتب، ومن جهة أخرى يجب أن تدخل الشركات الأجنبية العاملة في الإنتاج والنقل في الإقليم وتمنح ضمانات لاستلام مستحقاتها”.

وعلى المسار الآخر، يضيف “على الوزارة أن تبدأ اتصالات مع الجانب التركي والتهيؤ لاتفاق جديد يكون ساريا اعتبارا من شهر تموز من العام القادم، وبالتأكيد ستكون المستحقات والأجور المالية أعلى لأن تغييرات طرأت على الأسعار، فمن المتوقع أن تكون الاتفاقية الجديدة تتضمن رسوما وأجورا أكبر من الاتفاق الحالي الملغى”.

ويعود أصل هذا الاتفاق إلى عام 1973، حيث تم توقيعه لأول مرة بين الدولتين لتأمين تصدير النفط الخام من العراق إلى ميناء جيهان التركي، وقد جرى تعديل الاتفاق عدة مرات عبر السنوات، وكان آخرها في عام 2010، حين تم تمديده لمدة 15 سنة إضافية، وهي الفترة التي ستنتهي العام المقبل.

ويمثل إنهاء هذا الاتفاق تحولا استراتيجيا في العلاقات الاقتصادية بين العراق وتركيا، وقد يفتح الباب أمام مفاوضات جديدة بشأن مستقبل تصدير النفط والبنية التحتية للطاقة بين الجانبين.

من جهته، يشير الخبير الاقتصادي نبيل جبار، إلى أن “إعلان الجانب التركي قرار أردوغان بشأن إلغاء العقد يأتي في سياق مضامين الاتفاقية أساسا، إذ يجب على أحد الأطراف غير الراغب بالتجديد إشعار الطرف الآخر قبل عام من انتهائها، وهذا ما فعله الأتراك بعد عدم رغبتهم بذلك”.

وعن أسباب الإلغاء، يبين أن “المشكلة الرئيسية تتعلق بحادثة قانونية سابقة، وهي عندما تقدم العراق بشكوى ضد تركيا في غرفة التجارة بباريس، وحصل على تعويض مالي”، لافتا إلى أن “هذا هو لب الأزمة المتعلقة بقرار تركيا الأخير، لذا من الممكن التفاوض للتنازل عن هذا المبلغ لاستمرار وتجديد الاتفاقية”.

وبشأن رغبة بغداد في التجديد، يوضح جبار، أن “العراق إذا ما تقدم لاتفاق جديد يخص استمرار تصدير النفط عبر ميناء جيهان إلى أوربا، قد يواجه رأيا آخر للأتراك، خاصة أنهم يمتلكون أوراق ضغط أكبر، إذ سيكون الاتفاق حسب شروطهم”.

وقضت محكمة التحكيم الدولية، التابعة ل‍غرفة التجارة الدولية، في باريس دولية في آذار 2023، بفوز العراق في القضية طويلة الأمد ضد تركيا بشأن صادرات النفط الخام من إقليم كردستان، بعدما اتهمت بغداد أنقرة بانتهاك اتفاق عبور خط أنابيب النفط، الموقع عام 1973، بالسماح لها بصادرات النفط الخام من حكومة إقليم كردستان.

إلى ذلك، يوضح الخبير القانوني علي التميمي، أن “الاتفاقية بين البلدين تنص على نقل النفط من العراق إلى تركيا ثم إلى الأسواق العالمية، وهي اتفاقية تعكس تعاونا سياسيا واقتصاديا وقعت في آب 1973 وتم تجديدها لاحقا، وتتمتع بأهمية استراتيجية لتعزيز العلاقات الخارجية وزيادة صادرات النفط”.

وبالعودة لبنود الاتفاقية، يذكر التميمي، أن “المادة 10 منها أكدت أن أي خلاف يحصل بين الطرفين بشأن الاتفاقية يحل بالتسوية الودية، وهذه التسوية تستمر لأربعة أشهر، وفي حالة عدم الحل عن طريق المفاوضات يتم اللجوء إلى التحكيم الدولي في باريس عبر هيئة تتكون من ثلاثة أشخاص أحدهم يعينه العراق والآخر تركيا والآخر يعينه رئيس غرفة باريس”، لافتا إلى أن “القرار الذي تصدره اللجنة يكون باتا وملزما للطرفين وغير قابل للتمييز”.

وعن إمكانية اللجوء للأمم المتحدة، يجيب: “صحيح أن كل اتفاقية دولية بين طرفين تودع بالأمم المتحدة، لكن هذه الاتفاقية الثنائية اشترطت أن النزاعات تحل بالتسوية ثم حددت غرفة تجارة باريس في حال إخفاق التسوية، فإذا حاول الطرفان التسوية ولم يصلا إلى حل، فلجوء العراق إلى غرفة باريس سيكسبه القضية، لأن إلغاء الاتفاقية يصيبه بضرر اقتصادي”.

 

 

المصدر: صحيفة العالم الجديد

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!