مع تصاعد الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية للحد من نفوذ الفصائل المسلحة، خصوصا بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى أمس الأربعاء بين وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يرى مختصون في الشأن السياسي، أن تنفيذ واشنطن لسياسة الضغوط القصوى مع العراق يرتبط بثلاثة مسارات، مؤكدين أن هناك توجها لدى أغلبية قوى الإطار التنسيقي والفصائل للتهدئة والشروع في عملية حصر السلاح بيد الدولة.
وقال المحلل السياسي وائل الركابي، إن “الإطار التنسيقي داعم بشكل مستمر للحكومة، وهناك توجه إطاري وفصائلي لإلقاء السلاح، حيث أن غالبية الإطار مع إلقاء السلاح وحصره بيد الدولة، ويتجه نحو الهدوء”، مبينا أن “العراق يريد فصل الحشد الشعبي عن الفصائل المسلّحة”.
وأضاف، أن “العراق بعيد عن كل الأحداث في المنطقة ولن تصل إلى الحرب”، مستدركا أنه “في حال أصابه الضرر فسيكون بسيطا قد يصل إلى اغتيالات فقط”.
وأكد، أن “هناك توجيهات دائمة من قبل المرجعية الدينية تدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة، حيث سيتم ذلك وفق رغبة المرجعية، وليس وفق الطلب الأمريكي”.
من جهته، قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، إن الاتصال الهاتفي الذي جرى بين وزير الخارجية الأمريكي ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني “بداية المقاربة لفريق ترامب تجاه العراق”.
وعن تصريحات روبيو حول قانون الحشد الشعبي، رأى الشمري، أنه “لا يحق لواشنطن التدخل في فرض القوانين، وقد تذهب لسياسة الضغوط القصوى مع العراق”، مشيرا إلى أن “النهج الأمريكي تجاه العراق بدأ يتضح”.
وبين أنه “قد يتم تجفيف المنابع المالية للفصائل والأجنحة المسلحة، وقد تضطر أمريكا لإيقاف التعامل الأمني مع العراق”.
وأكد، الشمري، أن “أمريكا تتخوف من دخول الفصائل المسلحة ضمن هيئة الحشد الشعبي، كما أن الفصائل في العراق متخوفة من التجربة السورية”.
وأشار إلى أن “مصير العراق وفق خارطة الشرق الاوسط الجديد مرتبطة بثلاثة مسارات: الصفقة الإيرانية - الأمريكية، طبيعة تعاطي الحكومة والإطار التنسيقي مع التحذير الدبلوماسي الأمريكي، عناد الفصائل”.
وحذر الباحث السياسي، من بيان بعض الفصائل الأخير والمهلة التي قدمها للحكومة لإخراج القوات الأمريكية”، مشددا على أنه “إذا لم يتحقق تقدم في هذه المسارات الثلاثة قد يدفع العراق أعلى الكلف في المنطقة”.
وكان المسؤول الأمني لـ”كتائب حزب الله” أبو علي العسكري، قد وجه بيانا لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بشأن موعد خروج القوات الأمريكية، قائلا فيه: “عليه الالتزام بما اتفقنا عليه من إخراجهم، وإلا سيكون لنا رأي آخر”.
وكانت الحكومة العراقية نشرت، أمس الأربعاء، بيانا عن المكالمة الهاتفية التي جرت بين رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، ووزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، إلا إن البيان لم يتطرق بوضوح إلى المطالب الأمريكية، كما كشفتها المتحدثة باسم البيت الأبيض، تامي يروس، وعززتها مصادر مطلعة، إذ أكدت وجود رسائل نقلها وزير الخارجية إلى السوداني، تضمنت مطالب بمحاسبة مطلقي المسيرات ضد حقول النفط، إضافة إلى رفض قانون الحشد الشعبي الذي ناقشه البرلمان مؤخرا، وضرورة دمج قواته في الأجهزة الأمنية.
وعلى إثر ذلك أبدى نواب من كتل سياسية منضوية في الإطار التنسيقي انزعاجهم الشديد مما اعتبروه “تدخلا سافرا” من قبل واشنطن في الشأن العراقي، مشيرين إلى أن هذه المطالب تتجاوز “الخطوط الحمراء” وتمس “ركيزة أساسية” في المنظومة الأمنية.
وجاء ذلك، بعد مرور أيام قليلة على تلقي رئيس الوزراء، محمد السوداني رسائل أمريكية، حملها القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق، ستيفن فاجن، بشأن سلاح الفصائل في العراق، موضحا فيها موقف واشنطن من استمرار سلاح تلك الفصائل، وسط تحذيرات من تدخل دولي يحسم مصير هذا السلاح في حال فشل السوداني في حسمه، بحسب ما ذكرته صحيفة "العالم الجديد".
الجدير بالذكر أن رئيس البرلمان، محمود المشهداني، كشف في 14 تموز الجاري، عن رسائل أمريكية رافضة لتمرير قانون الحشد، محذرا من تظاهرات قد تشهدها المدن العراقية خلال الفترة المقبلة، مما سيدفع البلاد إلى إعلان “حكومة طوارئ”.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!