طفلة في التاسعة من العمر صارعت المرض بأنين هادى يشبه جسدها الغض وتنقل بها الاهل بين عيادة واخرى ومختبر آخر ومرض وثاني وثالث، هذه الطفلة شخصت حالتها باصابتها بالحصى بالكلى والتهاب الغدد اللمفاوية وعولجت واخذت حزمة من العلاجات وتدهورت صحتها وظهرت عليها بقع زرقاء، ومن طبيب للآخر حتى تيقنوا انها مصابة بسرطان الدم، فجاءت الى مستشفى الثقلين لتجد الحل والعلاج والدعم النفسي الذي نقلها من حال التراجع الى التقدم واداء الامتحان المدرسي والنجاح فيه والمشاركة بمسابقة الرسم اقامة حفلة عيد ميلاد لها.
اطباء ومراجعات واوجاع
بحزن واضح على ملامح الأم تشرح "ابتهال سرحان" والدة الطفلة المريضة "هاجر مهدي عبد الزهرة" البالغة من العمر (9 سنوات) لوكالة نون الخبرية ما عانته ابنتها من أمراض والآم وأين استقر بها الحال قائلة "عانت ابنتي من شهر تشرين الاول من العام الماضي (2024) من الآم مبرحة في بطنها واصبحت شهيتها لتناول الطعام قليلة جدا، وصاحبها ارتفاع في درجات حرارة جسمها، فراجعنا في بداية الامر مجمعات طبية اهلية، ثم طبيب اطفال متخصص في عيادته الشخصية واجريت لها تحاليل مختبرية، ولقلقي الشديد على ابنتي ولعدم تحسن حالتها طلبت انا من الطبيب ان اجري لها فحص سونار، وشخصت النتيجة ان لديها حصى في الكلى والتهاب في الغدد اللمفاوية، وعلى اثر هذا التشخيص ذهبت بها الى طبيب متخصص بالمجاري البولية واكد وجود حصى في الكلى، وكذلك التهاب في الغدد اللمفاوية واعطانا لها مجموعة ادوية وطلب العودة اليه مرة اخرى بعد مدة حددها، ولكن عندما وجدت ان العلاج لا يعطي اي نتائج جيدة عدت الى مراجعة طبيب اطفال مرة اخرى، واعطيت علاجات جديدة واستمرت معها الاوجاع دون تحسن حالتها، ثم ظهرت على جلدها بقع زرقاء بسبب نقص الصفائح في الدم كونها مصابة بمرض سرطان الدم "اللوكيميا" دون ان نعلم به، وعندما شاهدنا تلك البقع ظننا انها مرض جلدي فراجعنا طبيب متخصص بالامراض الجلدية فوصف لها علاج وما ان تناولته حتى زادت عليها الالام والبقع الزرقاء، فعدنا للطبيب وهنا اكد لنا انها مصابة بسرطان الدم، فارسلنا على طبيب متخصص بأمراض الدم وطلب منا اعادة كل الفحوصات والتحاليل من جديد وجميع ما تقدم من مراجعات كان الانفاق فيه لمدة ثلاثة اشهر مكلف علينا فتأكد من نفس التشخيص السابق، فنصحنا طبيب امراض الدم بمراجعة مستشفى الثقلين لعلاج الاورام في البصرة".

رحلة العلاج
وتكمل "ام هاجر" قصة معاناة ابنتها وتقول "وصلنا الى المستشفى ووجدنا اهتمام غير طبيعي واسلوب انساني حضاري وعناية ورعاية طبية فائقة في مستشفى يضاهي ما موجود في الدول المتقدمة، فأجريت لها على الفور التحاليل المختبرية والمعاينة الاستشارية وتأكدوا من اصابتها بمرض سرطان الدم "اللوكيميا" وارسلنا الى مستشفيات العتبة الحسينية في كربلاء المقدسة واجريت لها تحاليل وظهرت نسبة الدم لديها (5) فقط، فأعطوها على الفور الدم والصفائح، ثم عدنا الى مستشفى الثقلين وادخلت في بروتوكول علاجي وباشروا باعطائها الجرعات الكيمياوية منذ شهر كانون الثاني من العام الجاري (2025) واكملت ابنتي (5) مخططات علاجية تعطى فيها من (5 ــ 10) جرع كيمياوية والمدة الفاصلة بينها تجرى لها تحاليل وفحوصات وتقييم لحالتها ومعرفة الاستجابة للعلاج، واصبحت تشعر بحسن حالتها الصحية حاليا رغم مضاعفات هبوط المناعة في الجسم، وجميع الخدمات العلاجية المتميزة من الملاكات الطبية والتمريضية والمختبرية والفنية والدعم النفسي الذي خفف عنا القلق والخوف على ابنتنا وعلى مدى سبعة اشهر كانت مجانية وبكلفة مدفوعة من قبل العتبة الحسينية المقدسة".

جهود الدعم النفسي
واحدة من ركائز علاج المرضى في مستشفيات هيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية المقدسة هو "الدعم النفسي" الذي انشأت له فرق متخصصة في كل مستشفى ومنها مستشفى الثقلين لعلاج الاورام في البصرة حيث تقول السيدة "اسماء عبد السلام" من قسم الدعم النفسي لوكالة نون الخبرية عن ما قدم للطفلة المريضة "هاجر" وغيرها ان "هذه الطفلة عندما دخلت الى المستشفى كانت خائفة وتأخذها نوبات بكاء بسبب خوفها من مستشفيات دخلتا سابقا للعلاج، فاستقبلناها في قسم الدعم النفسي وادخلناها الى غرفة الالعاب واهدينها لعب اطفال ومنحناها ادوات الرسم مثل الورق واقلام الرسم والتلوين لانها وسائل يقنع بها الاطفال، وكونا معها علاقة صداقة حتى جعلناها تتقبل اخذ جرعات العلاج الكيمياوي، وهو امر يخشاه الكبار قبل الصغار، لا سيما مع عمليات سحب الدم وبقاء "الكانيولا" في يدها، وقدمنا لها الدعم النفسي الذي يسهل علاجها، لان عمليات الدعم النفسي لا تقتصر على المريض وبالخصوص اذا كان طفلا، انما الدعم النفسي لعائلة المريض التي اذا كانت حالتهم النفسية منهارة ستؤثر سلبا على الطفل، والمتعارف عليه ان الطفل واهله يبقون في المستشفى لمدة قد تكون أسبوع او عشرة ايام او قد تصل الى عشرين يوما حسب الخطة العلاجية الخاصة بكل مريض، وفي تلك المدة نحاول ان نخرجهم من اجواء العلاج والمستشفى".

فعاليات الفرح
وتضيف ان "لدى القسم اساليب متعددة نتبعها للتخفيف عن المرضى وذويهم مثل التعرف على يوم عيد ميلاد الطفل المريض ونقيم لهم حفلة عيد ميلاد ونجلب "كيكة" ونجعلهم يطفئون الشموع ونصفق لهم، كما ننظم العاب جماعية بين الاطفال المرضى مع الالتزام التام بالتدابير الوقائية مثل التعقيم وارتداء الكمامات ومنها مسابقات الرسم، وكانت تجارب ناجحة بعد ان تعارفوا فيما بينهم وتنافسوا بالرسم، كما تعارفت عائلاتهم فيما بينها واستمعوا الى قصص علاج ابنائهم وهانت المعاناة المشتركة بينهم بفاعليات تشاركية يشترك فيها الجميع، كما لدينا فعاليات مع قسم الاشعاع بسبب الزام الطفل بارتداء قناع ابيض شكله مخيف عند تلقيه جلسة الاشعاع، واقترحت على القسم ان نلتقي بالطفل ونتعرف منه على الشخصية الكارتونية التي يحبها ونرسم ونلون القناع بالشخصية الكارتونية التي يحبها الطفل وعند ارتداء الطفل للقناع ووضعه على السرير اقوم بتصويره واجعله يشاهد صورته انه اصبح في شخصيات "سبايدر مان" او "سبونج بوب" او غيرها من الشخصيات، فيشعر الطفل بالامان ويتقبل العلاج دون خوف ويستفيد منه، لان الخوف قد يتسبب برفع ضغط الدم او خفض مستوى السكر بالدم، وهي محاولات لنزع الرهبة وزرع الامان في قلب الطفل وذويه، وهو ما تعاملنا به مع الطفلة المريضة "هاجر" التي بدأنا معها خطوة بخطوة واخبرناها بنوع العلاج وان شعرها سيتساقط وخيرناها بارتداء الباروكة بدلا عن الشعر، ورفضت واكدت انها قوية وستتحمل العلاج لتتعافى، ثم بدانا بالرسم والخروج وطلبت اداء الامتحان وساعدتها في تدريسها لتقوية امكاناتها وكذلك باقي الاطفال، وذهبنا معهم الى المدارس لاداء الامتحانات ونجحوا في الامتحانات، وتحققت اهداف الدعم النفسي ان يشعر المريض انه ضمن شعار هيئة الصحة والتعليم الطبي ان "علاجك بين اهلك وناسك" وهذا ما اكده جميع المتعافين وعائلاتهم الذي خرجوا من المستشفى".


قاسم الحلفي ــ البصرة
تصوير: عمار الخالدي
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!