هي أم ووحيدها من الفقراء وهي مريضة ولا تقوى على المسير لكنها تعشق سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وتريد المشاركة في مسيرة الزيارة الاربعينية التي تنطلق من محافظة البصرة سنويا، ووقف المرض عائقا امامها، لكن قلبها وعقلها وعقيدتها تلح عليها، فحاورت ولدها في كيفية ايجاد طريقة تمكنها من السفر مع "المشاية" للمشاركة في الزيارة الاربعينية، ورغم انها مقعدة الا انها لا تمتلك هي وولدها ثمن عربة مدولبة لتستخدمها في الزيارة، ووحيدها كاسب بسيط يعمل على عربة خشبية بإطارين، واخيرا وجد الحل في ان يضع والدته بتلك العربة ويذهب بها الى كربلاء عبر مسيرة تستمر اكثر من عشرين يوما.
من الحكيمية
اوقفنا الزائر "علي عبد الحسين" من اهالي منطقة الحكيمية في مركز مدينة البصرة وهو يدفع امه بعربة خشبية زرقاء لنسأله عن قصتهم فقال لوكالة نون الخبرية بترحاب ان" والدته طلبت منه مساعدتها في المشاركة بالزيارة الاربعينية وكان لها ما ارادة منذ العام (2008) اي منذ (17) عاما، وتعاني من تلف كامل في غضاريف ارجلها ولا تستطيع المشي، وكوني اعزب وعمري (44عاما) واعمل على عربة خشبية صغيرة لكسب رزقي من خلال جمع عبوات المشروبات الغازية (القواطي) وابيع الكيلوغرام الواحد بخمسمائة دينار، وارعى والدتي فكرت في ان استعملها لاخذ والدتي الى زيارة الامام الحسين (عليه السلام) في مدينة كربلاء المقدسة في الزيارة الاربعينية مع حشود الزائرين، وفعلتها في العام (2008) وحينها كنا في فصل الشتاء ونسير من الصباح الى المغرب ونجحت الفكرة واكملنا الزيارة واستمرينا عليها، ونقطع حينها كل يوم مسافة (30) كيلومتر يوميا، واقطع الطريق بين البصرة وكربلاء في مدة (22) يوميا من المسير المتواصل دون انقطاع، ورغم التعب والعناء تصر والدتي على المسير الى ضريح ابي عبد الله الحسين واخيه ابي الفضل العباس (عليهما السلام)، ولغرض الاطمئنان على سير العربة دون اعطال اقوم بتبديل الاطارات بأخرى جديدة قبل المسير الى كربلاء المقدسة وتربط بطريق "الجوبليس" وتوضع فيها "فتيلة" ولا احتاج الا للهواء فقط".
محطات المسيرة
يؤكد هذا الشاب البار بأمه انه وحيدها ويقول " ان والدتي لم تنجب غيري ومنذ العام (2008) اصحبها معي في الزيارة الاربعينية الى كربلاء، واصبح لدينا الكثير من الاصدقاء والمعارف نبيت عندهم كل عام بدأ من محافظة البصرة حيث نمكث في بيوت "سيد طاهر" في قضاء الدير، وفي القرنة عند عشيرتي المياح والشغانبة، وعند بيت "مهدي الشاوي"، وفي قضاء الجبايش بمحافظة ذي قار في "حسينية بني اسد"، وفي منطقة الشموخ عند بيت "ابو كرار" و"ابو ايليا"، وفي كل بيت تتكفل النساء بخدمة والدتي وانا مع الرجال وفي بعض البيوت ابيت معها لاخدمها، وعند وصولنا الى محافظة كربلاء المقدسة اطوف بها على ضريحي ابي عبد الحسين وابي الفضل العباس (عليهما السلام) لنؤدي الزيارة من الخارج لانني لا استطيع ادخال العربة الى داخل المرقدين الشريفين"، وانا اقوم بإهداء خطوات من مسيرتي الى شهداء العراق من القوات الامنية والحشد الشعبي وشهداء سبايكر والكوت وغيرهم، وتشارك والدة "علي" السيدة "مناهل حسين" بالحديث قائلة" سبب اصراري على المسير الى الحسين (عليه السلام) هو حبي له وحزني على مصيبته، بعد ان شربت حبه من ثدي امي التي علمتني منذ نعومة اظفاري على هذا الطريق، وكانت تلبسني السواد وتأخذني الى مجالس العزاء الحسينية وكنت الطم معها رغم صغر سني على مصيبة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، واساعدهم باعداد الطعام وتوزيعه، كما نخرج لنرى مواكب العزاء والزنجيل واللطم والتشابيه"، مؤكدة ان " الكثير من النساء بما فيهن اقاربها واصدقائها وجيرانها تأثرن بها واصبحن يذهبن سيرا على الاقدام الى كربلاء كل عام، كما وثق احد الاشخاص حالتي ومسيرتي وبثها على مواقع التواصل وكان لها صدى كبير بين الناس، لا سيما ان المناسبة هي عودة السيدة زينب والامامين السجاد والباقر والنساء والاطفال من السبي بعد رحلة عناء وتعب وجوع وكراهية لا مثيل لها تعرضوا اليها على ايدي جلاوزة الطاغية يزيد بن معاوية (لعنهم الله)".
قاسم الحلفي ــ المثنى
تصوير ــ عمار الخالدي



التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!